آمنة نعمان: نمارس الشطرنج على رقعة من نار

وصفت آمنة نعمان، المتوجة بكأس رئيس الدولة للشطرنج، لاعبي ولاعبات الشطرنج، عبارة عن «كوكتيل» من المعاناة بحثاً عن التميز، لأن البعض يعتبر الشطرنج «مضيعة للوقت» من منظور اقتصادي بدني، باعتبارها لعبة ذهنية معقدة «غير مفهومة» ممن وصفتهم بالجماهير غير المرغوب فيها في صالات الشطرنج، لأن جمهور الشطرنج، بعكس الألعاب الأخرى.

لا بد أن يكون ملماً بأبجديات وبعض تقنيات اللعبة الخططية، حتى يكون من الجمهور الفاعل، وإلا سيكون كارثة على اللاعبين واللعبة، لذا، ممارسة الشطرنج تعتبر على رقعة من نار، وليس رقعة عادية.

وتفصيلاً لحديثها حول تعقيدات ومعاناة لاعبي الشطرنج، توضح آمنة النعمان، أن فوزها بلقب كأس رئيس الدولة، لم يكن بالأمر السهل، بل نتائج معاناة متواصلة، وجهود داعمين ومحبين لهذه اللعبة التي لا مردود مالياً، ولا نجومية مبهرة على حد نظرة عدد لا يستهان به من أولياء الأمور والجمهور الرياضي، خاصة المجتمع الطلابي، سواء في الجامعات أو المدارس.

حيث يصنفون لاعبي الشطرنج من الدرجات الدنيا في الرياضات، ولك أن تصدق أن البعض لا يعتبرها رياضة، بل عبارة عن جلوس بالساعات الطوال حول رقعة يؤدون حركات يعتبرونها ليست مفهومة، بل جالبة للملل.

خيار صعب

وسألناها، هل مررت بتلك الظروف، أم هي تجارب تناقلها مجتمع اللعبة؟

فردت بفورية وسرعة تملؤها الحسرة، للأسف، هذا واقع عشته كثيراً، وتجارب مريرة عانى منها بعض لاعبي ولاعبات الشطرنج في مختلف أندية الدولة، لذلك كان طبيعياً جداً، أن يصطدم العديد من أبطال الشطرنج بعدم تعاون المؤسسات التعليمية أو الخدمية التي يعملون فيها، وتكون التضحية باللعبة في سبيل مواصلة الدراسة أو العمل.

والسبب، اعتقاد البعض أن الشطرنج ليست رياضة بالمعني المتعارف عليه، ركض وتصويب أو تسديد، وهو ما حدث معي، حيث كنت في العام الماضي أمام تحدٍ وخيار صعب، إما مواصلة دراستي في كلية الهندسة بجامعة الشارقة على حساب الشطرنج، أو مواصلة اللعب على حساب الدراسة، فكان الخيار الصعب، التوقف عن اللعب التنافسي لمدة عام كامل، ريثما أمر من المنقطة الحمراء في دراستي الجامعية.

لأن تخصصي هندسة ميكانيكية، واليوم دراسي طويل، وحافل بالتحديات الأكاديمية، ويصعب أن تعوض ما فاتك إن حاولت أن تعطي الشطرنج بعض الوقت على حساب الهندسة، بعكس بعض الدراسات النظرية، التي يمكن في بعض الأحيان تعويض محاضراتها بمختلف الطرق، لكن مع دراسة الهندسة، وخاصة في الميكانيكا، يصعب معها المشاركة في أي بطولة.

50 نقطة

ورغم هذه التحديات، عند عودتك للعب التنافسي، توجت بكأس رئيس الدولة بدون تعادل أو خسارة، بمعدل 8 نقاط، فكيف حدث هذا؟

الفضل يعود لأسرة نادي دبي للشطرنج، هذا النادي العظيم الذي أعتد بالانتماء إليه، حيث كنت أواصل تدريباتي تحت إشراف مدربي وخبراء النادي، سواء بالحضور المباشر أو «أونلاين»، عبر أحدث التقنيات الخططية في مجال الشطرنج.

فضلاً عن مشاركتي في معسكر احترافي على مستوى عالٍ جداً في التشيك، بوجود نخبة متميزة من لاعبي الشطرنج الدوليين، وهو الأمر الذي أسهم في رفع تصنيفي، وأضاف لي 50 نقطة دفعة واحدة.

لذلك، عند مشاركتي في مسابقة كأس رئيس الدولة، كنت في أتم الجاهزية، ونجحت في التحدي، هذا فضلاً عن مشاركتي في بطولة الإمارات للشطرنج، التي ستبقت مسابقة كأس رئيس الدولة، وكانت مشاركة ناجحة، أعادتني للأجواء التنافسية، بجانب المشاركة في ثلاث بطولات للشطرنج الخاطف، نظمها نادي دبي للشطرنج، كلها كان له تأثير إيجابي في أن أكسب الدافعية لتحقيق اللقب الغالي، كأس صاحب السمو رئيس الدولة.

أولمبياد الأذكياء

ما مدى جاهزيتك للمشاركة في الأولمبياد الشطرنجي المقبل في باكو، لا سيما وأنت قادمة من توقف لمدة عام، وهل يكفي الفوز بكأس رئيس الدولة للمشاركة؟

أجابت بثقة كاملة، رغم اختلاف المستويات في الأولمبياد عن المستويات داخل الدولة، باعتباره تجمع عالمي يضم النخبة في اللعبة، إلا أنني، كما ذكرت لك، قبل مشاركتي في كأس رئيس الدولة، حظيت بمعسكر عالمي في التشيك.

وأعتمد على تراكم خبراتي، وارتفاع معدل تصنيفي في مواجهات الأولمبياد التي تكون سهلة، وهو تحدٍ أخوضه بثقة، في سبيل أن أحسن تمثيل الدولة في هذا المحفل، وأنا أحظى بدعم كبير من خبراء ومدربي نادي دبي للشطرنج، فهم البوصلة التي ستقودني للنجاح في هذا المحفل العالمي الكبير، وتساعدني بتوجيهاتهم وخبراتهم على تحقيق أفضل النتائج.

لغز الجمهور

هل يعتبر الشطرنج لعبة مملة خالية من الحماس، لذلك تكون صالاتها خالية من الجمهور؟

طبيعة اللعبة تتطلب تركيزاً عالياً وهدوءاً كاملاً، لأن أي إزعاج، لو كان عبارة عن رنة هاتف، فإنه يؤثر في تركيز اللاعبين، لذلك، تجد معظم مشاهدي ومتابعي مباريات الشطرنج، تخصص لهم قاعات مشاهدة خاصة، بها شاشة حديثة لنقل المباريات، أو عبر التطبيقات الحديثة في الهواتف الذكية.

حيث يكون متاحاً لك متابعة المباراة مع النتائج والإحصاءات لحظة بلحظة، وهو أمر يجنب اللاعبين إزعاج بعض الجماهير، خاصة التي تكون غير مقدرة لقوانين اللعبة، التي تحظر الحديث والتشجيع المباشر لو همساً.

حماس مطلوب

هذا يعني أن الجمهور غير مرغوب فيه في مباريات الشطرنج؟

الجمهور الذي يتقيد باشتراطات المشاهدة، هو الجمهور المرحب به في جميع قاعات، وأفضل الجمهور الذي يفهم اللعبة، وتكون مشاركته ذكية ومفيدة، وهذا أفضله حتى في المواجهات العادية في داخل حرم الجامعة.

وهل تمارسين الشطرنج داخل الجامعة؟

أقول لك، وبمنتهي الصدق، إن الشطرنج داخل الجامعات ضيف ثقيل وغريب، وغير مرحب به، وتكون ممارسته مع مجموعات معظمها لا يجيد أبسط قواعد اللعبة، وهذا لاحظته في كثير من الجامعات والمدارس، وحتى الجماهير التي تتابع اللعبة، تجدها تتفرج بدون إدراك لما يدور داخل رقعة الشطرنج، لذلك يرونها لعبة مملة وتليق بالكسالى الذين لا يتحركون.

تدريس خاطئ

لكن هناك بعض الجامعات والمدارس، يتم فيها تدريس لعبة الشطرنج، كجزء من النشاط الرياضي، عبر أساتذة متخصصين؟

للأسف، هذا ما تعتقده، وكثير من المتابعين يرون أن الشطرنج يدرس، لكن معظم من يقومون بهذا المهمة، يفتقرون لأبسط قواعد اللعبة، وغير مؤهلين لتعليم الطلاب، سواء في المدارس أو الجامعات وغيرها، لذلك تكون النتيجة أجيالاً تمارس اللعبة بأساليب لا علاقة لها بقواعد وخطط الشطرنج.

وأرى أن المخرج يكون عبر إتاحة الفرصة للاعبي الشطرنج المحترفين بنقل خبراتهم لزملائهم، سواء في الجامعات أو المدارس، وهو أمر من شأنه أن يسهم في نشر اللعبة بطريقة مدروسة، بعيداً عن التخبط الحالي، الذي يدور في بعض مدارسنا وجامعاتنا، وتكون نتائجه كارثية جداً على شعبية ومسار اللعبة وسط المجتمع، الذي يتعامل معها بوصفها لعبة غير مرغوب فيها، ولا فائدة من ورائها.

وهل لاعبو الشطرنج مهما كانت درجة تميزهم، مؤهلون لتدريس وتعليم الشطرنج؟

نعم مؤهلون، وأنا واحدة منهم، مؤهلة لأداء هذا الواجب، لأن معظمنا تلقى دورات عالية في هذا المجال، ولا نكتفي بخبراتنا في البطولات فقط، ونرجو أن تتاح لنا الفرصة للمساهمة في توصيل المعلومة الصحيحة لمحبي هذه اللعبة.

بدنية وذهنية

ورفضت البطلة آمنة نعمان، الأحاديث الشائعة بأن لعبة الشطرنج لعبة لا علاقة لها بالجوانب البدنية، كما يتعقد البعض، موضحة أن الجانب البدني والتغذية السليمة مهمة جداً في تحمل إرهاق الجلسات الطويلة والمباريات الشاقة التي قد تمتد في بعض الأحايين إلى خمس ساعات لعب متواصلة.

حيث تكون قوة التحمل سلاحاً استراتيجياً في مواجهة بعض اللاعبين، الذين يكون طابع تغذيتهم نباتياً فقط، فهم لا يتحملون المواجهات الطويلة، ويصابون بالإرهاق وقلة التركيز سريعاً، وهو الأمر الذي يتسبب في خسارتهم، وعليه، فإن الجسم السليم والغذاء السليم، يكون داعماً قوياً لذكاء وخطط لاعبي الشطرنج.

علامات فارقة

وكشفت آمنة نعمان، عن العديد من المحطات المهمة في مسيرتها مع الشطرنج، منها المواجهة التاريخية مع الربوت الذكي، إبان انعقاد القمة الحكومية، بحضور عدد من قيادات الدولة، في مقدمهم، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

مسيرة

آمنة نعمان محمد زمان آل علي

أستاذة دولية في الشطرنج

■ دراسة: جامعة الشارقة – كلية الهندسة الميكانيكية

■ النادي: نادي دبي للشطرنج والثقافة

■ الهوايات: لعب الشطرنج، السباحة، التسوق

الإنجازات الرياضية:

■ كأس رئيس الدولة للسيدات 2016

■ ذهبية بطولة الإمارات الفردية تحت 20 سنة - 2016

■ ذهبية بطولة الإمارات الفردية تحت 20 سنة - 2015

■ المركز الأول في بطولة العرب الفردية للفتيات فئة 18 سنة – الأردن 2014

■ فضية بطولة الإمارات فئة 18 سنة للعام 2014

■ ذهبية بطولة العرب تحت 20 سنة (الأردن 2013)، والحصول على لقب WIM

■ ذهبية بطولة الإمارات (التصفيات- تحت 20 سنة للعام 2013)

■ فضية بطولة الإمارات تحت 20 سنة للعام 2013

■ ذهبية بطولة الإمارات للمدارس للعامين 2012 و 2013

■ برونزية بطولة العرب تحت 16 سنة (الأردن 2012)

■ ذهبية بطولة سيدات الإمارات لعام 2012

■ ذهبية بطولة الإمارات لعام 2012 و 2011 و2010 و2009 (فئات 12-14-16 سنة)

■ فضية بطولة العرب تحت 16 سنة (الأردن 2011)

■ ذهبية بطولة العرب تحت 14 سنة (الأردن 2010)والحصول على لقب WFM

■ ذهبية بطولة العرب لفرق المدارس (لبنان 2010)

■ برونزية بطولة العرب فردي المدارس (لبنان 2010)

■ فضية بطولة العرب لفرق المدارس (لبنان 2010)، الشطرنج الخاطف

■ ذهبية بطولة العرب تحت 12 سنة (الإمارات 2008)، والحصول على لقب WFM

■ فضية بطولة العرب تحت 10 سنوات (المغرب 2006)

المشاركات الأولمبية

4 مشاركات

■ 2010 خانتي مانسيسك – روسيا

■ 2012 اسطنبول – تركيا

■ 2014 ترومسو – النرويج

■ 2016 باكو - أذربيجان

نادي دبي قلعة المواهب الذكية

قالت البطلة آمنة النعمان نادي دبي للشطرنج يعتبر قلعة للمواهب الذكية بفضل الدعم الكبير الذي يجده من سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية الرئيس الفخري للنادي والداعم الأكبر للحركة الشطرنجية في دبي، وبفضل الجهود الكبيرة التي يبذلها رئيس مجلس إدارة النادي إبراهيم البناي والطاقم التدريبي.

فضلاً عن الدعم اللامحدود من قبل اتحاد الإمارات للشطرنج، وضعت لاعبي الدولة في مقدمة الركب العربي الشطرنجي وجعلتهم يخوضون تحديات تنافسية احترافية فلهم جميعاً أسمى آيات الشكر والتقدير وهي تدين لهم بالكثير في مسيرتها مع لعبة الأذكياء.

كما توجهت بالشكر إلى مجلس دبي الرياضي على دعمه المستمر لها، مشيرة إلى أنها ضمن برنامج المتميزين بالمجلس والذي يضم عدداً من اللاعبين واللاعبات الموهوبين على مستوى دبي، الحصول على بطولات سنوية شرط أساسي للاستمرار في هذا النادي.

أسرتي شطرنجية وقادتني إلى حب اللعبة والتميز

أكدت اللاعبة آمنة نعمان أن أسرتها تعتبر سر تميزها وصمودها في مواجهة التحديات التي تحيط بلعبة الشطرنج لأنها من أسرة شطرنجية وفرت لها كل مقومات التميز وهيأت لها بيئة ومناخاً محفزاً للمضي قدماً فيها، حيث يشاطرها اللعبة شقيقها عمر.

وهو لاعب نادي الشارقة للشطرنج فئة الرجال وسيكون مرافقاً لها في الأولمبياد المقبل في أذربيجان وشقيقتها شيماء التي أحرزت ميدالية برونزية كأس رئيس الدولة في فئتها العمرية، هذه الأجواء تجعلها تعيش أجواء الشطرنج الاحترافية وهو دعم نفسي افتقده كثير من محبي اللعبة في بداياتهم الذين تركوا اللعبة لأن أولياء أمورهم لا يحبون هذه اللعبة لأنهم ينظرون إليها باعتبارها لعبة لا تدر دخلا مالياً بعكس بعض الرياضات الأخرى ككرة القدم والسلة والطائرة التي يريدون لهم ممارستها، بل يدفعون لهم مصاريفها ويجدون الدعم الكامل من المدارس والمؤسسات الخدمية الأخرى.

Ⅶتوجت بكأس رئيس الدولة بعد توقف قسري لمدة عام

Ⅶ الجمهور المزعج غير مرغوب فيه ورنة الموبايل مخالفة جسيمة

Ⅶ التفكير المادي يجعلنا في أسفل القائمة الرياضية الجماهيرية

Ⅶ التفوق الدراسي ودراسة الهندسة من بوابة الرقعة الشطرنجية

Ⅶ صعوبة الحصول على «التفرغ» حرم الأبطال من مواصلة مسيرتهم

Ⅶ المباريات الطويلة خطة محكمة لهزيمة النباتيين

تابعوا البيان الرياضي عبر غوغل نيوز