المرأة السودانية وجنون الساحرة المستديرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

جنون كرة القدم له اكثر من وجه وللمرأة السودانية نصيب فيه، سؤال، لماذا لا تجد منافسة كأس العالم للسيدات التي تجري مبارياتها هذه الايام اهتمامكم الاعلامي ؟ باغتتني به زميلتي في العمل ، وعندما لمحت الدهشة في وجهي ، واصلت حديثها بنبرة عتاب قائلة : (لو كانت كأس العالم للرجال لافردتم لها صفحات الصحيفة كلها) ، قالت كلماتها وانصرفت .

وتركتني نهبا لتساؤلات عديدة حول التحول الكبير في اهتمام المرأة بكرة القدم ، والتي لم تتوقف عند الاهتمام بها ومتابعتها من خلال الفضائيات بعيدا عن المدرجات ، بل اصبحت جزءا من الصراع التاريخي بين الرجل والمرأة ، والاخيرة تترك المدرجات وتقتحم الملاعب لاعبة ، وتنظم لها منافسات على جميع المستويات المحلية والقارية وعلى مستوى كأس العالم ، بعد أن كان التركيز على التشجيع والكيفية التي تشبع بها المرأة اهتمامها بكرة القدم ، وإن لازال هذا الهم (التشجيع) موجودا في كثير من الدول منها السودان.

روابط مشجعات

رغم التغييرات التي حدثت مؤخرا على تشجيع كرة القدم من المرأة السودانية ، الا انها لاتزال محدودة في ظهورها كمشجعة من داخل الملاعب ، والتي تنحصر في اعداد قليلة جدا من محبات او عاشقات للنادي كما يطلقن على انفسهن ، ويتحركن تحت لافتات للمشجعات خاصة بهن ، ومعظم هذه الروابط منقسم بين تشجيع الهلال والمريخ ، حالها حال بقية روابط المشجعين من الرجال.

(توقفت عن الدخول الاستادات) بهذه الكلمات بدأت (نادية) حديثها ، مؤكدة انها تعشق نادي المريخ وتتابع اخباره ، وانها لم تكتف بذلك فصارت تتابعه عن قرب من خلال التدريبات والمباريات ، وشجعها على ذلك وجود عدد من النساء والفتيات لهن ذات الاهتمام ، وقالت نادية ان الفرق كبير بين المتابعة عن بعد وان تكون قريبا من نجوم الفريق الذين تعشقهم وتشجعهم .

وتمنيت ان يكون تواجدنا في الملاعب بداية لتحطيم كل القيود التي تعيق تواجد المرأة السودانية في مدرجات التشجيع ، وتضيف انها ومع مرور الوقت اكتشفت صعوبة الارتقاء بهذا الفهم ، بعد ان تحولت المدرجات الى ساحات للمعارك والاساءات والبذاءات ، فاختارت القرار الصعب حسب تعبيرها ، وقررت التوقف عن دخول المباريات ، واكتفت بمتابعة فريقها من على البعد عبر الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ، ذاكرة انها منتمية لمجموعات في الواتساب مرتبطة بالنادي وتنشر صوره واخباره اولا باول.

عشق طفولي

ام زين آدم الصحفية بصحيفة (الرأي العام) السياسية تحدثت عن علاقتها وارتباطها بتشجيع كرة القدم قائلة: (من قبل ان اجلس في (تخت) المدرسة، واعرف الف باء القراءة، وكل ما هو ينسج امشاجا بيني والمجتمع ، اول شيء عرفته لعبة كرة القدم ، ففي طفولتي الباكرة ، كنا نتحلق حول جهاز الراديو لمتابعة منافسات كرة القدم كحدث مهم.

اذ لم تكن اسرتنا الصغيرة تملك جهاز تلفاز في تلك الايام ، وفي المساءات التي يكون فريق (الهلال) لكرة القدم طرفا فيها ، وتصبح ذلك المساء مهما في المباريات الحاسمة التي لا تقبل الا الفوز والنصر ونيل الكأس، شقيقي الاكبر (حاتم) ورفاقه ممن يشجعون الكرة وبعض اولاد الجيران اسهموا في ان يكون ذلك المساء غير).

عزل الفتيات

ومن تلك الليالي تغلغل (حب) الهلال في كل حيواتنا ، واصبح مرادفا للفرح والسعادة في حياتنا اليومية ، فتعلقنا به، وفي طفولتنا الباكرة كنا نرتاد (دار الرياضة) ، بيد ان ذلك الامر اصبح محرما ومعيبا بعدما دخلنا المدرسة ، لجهة اعتقاد راسخ في المجتمع ان دار الرياضة مكان حصري على الرجال والاطفال من الجنس الخشن.

وهو المكان الذي يفضفض فيه الرجال عما يجيش بدواخلهم غبطا وغضبا بحرية ولا ضرر من اطلاق بعض المفردات التي تعتبر خادشة للحياء في غير اجواء اللعب ، واكتفينا نحن البنات من متابعة مجريات اللعب عبر الاذاعة وشاشة التلفزيون لاحقا ، بيد ان حال الكرة اليوم ، دفعني لادارة ظهري للمنافسات المحلية ، فالامر عندي متعلق بمتعة اللعبة، لا وراثة الامر بالفطرة.

وهكذا نجد ان المرأة لم تتوقف في تشجيع كرة القدم عند محطة المنافسات المحلية ، بل اصبحت من المهتمات بتفاصيل الدوريات والبطولات القارية والدولية ، لتسهم بذلك في ازدياد شعبية اللعبة الاولى في العالم.

Email