مجالات الاستشراق وقضاياه

مجالات الاستشراق وقضاياه

ت + ت - الحجم الطبيعي

الى جانب الاستشراق الذي تركز على قضايا الدين بكل تفرعاته فإن الاستشراق لم يقتصر على دراسة هذا الجانب فقط، وإنما امتد ليشمل مجالات أخرى تمحورت حول العلم واللغة والفن. فبالنسبة للاستشراق العلمي فهو الذي اهتم بتحقيق النصوص العلمية العربية الإسلامية وترجمة المخطوطات العلمية ونشرها. وقد اشتمل هذا الاستشراق على علوم العرب والمسلمين في الكيمياء والفيزياء والميكانيكا والرياضيات والفلك والطب والبصريات وعلم النفس والسحر ومن أشهر المستشرقين في هذا المجال المستشرق الإيطالي مارسيلو برتيلو والألماني يوليوس رسكا والمستشرق ونتر.

الى جانب الاستشراق الأدبي واللغوي وهو الذي اهتم بالأدب العربي وأعلامه ونشر بعض الآثار الشعرية ووضع القواميس العربية وحقق الكثير من الآثار الأدبية واللغوية ومن أشهر المستشرقين في هذا المجال المستشرق الهولندي يعقوب حوليوس الذي وضع المعجم العربي الذي استقى منه العلماء الأوروبيون معرفتهم بالثروة اللفظية العربية الفصحى زهاء قرنين من الزمن، والمستشرق دو ساسي الذي أصبح أول مستشرق في عصر نابليون الذي أنعم عليه بلقب بارون وهو الذي نشر مقامات الحريري.

أما الاستشراق الفني فهو الذي عني بالدرجة الأولى بالعمارة الإسلامية وبتمثل الموضوعات الشرقية في الفن التشكيلي الغربي وخاصة فن الرسم الذي كان بمثابة سجل تاريخي فني لأحداث الشرق ذات العلاقة بالغرب كحملة نابليون وغيرها. وكان الاستشراق الفني من بدايات حركة الاستشراق الأولى في القرن السادس والسابع عشر.

وكان الاستشراق الفرنسي في هذا المجال من أبرز النشاطات الاستشراقية الأوروبية حيث ظهر الكسندر بابادوبولو الذي كان أول من وضع كتاب الإسلام والفن الإسلامي ونادي بضرورة الاعتماد على القيم الروحية والفلسفية لفهم جماليات الفنون الإسلامية وتفسير ظهور بعض العناصر أو التصميمات المعمارية.

وفي مجال العمارة الإسلامية التي التفت اليها المستشرقون أكثر مما التفت اليها العلماء المسلمون قام المستشرق ليفي ستروس من خلال كتابه مدارات حزينة بدراسة الفن الإسلامي وخاصة فن العمارة. كما قام الرسامون الفرنسيون في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر بتمثل كبير للموضوعات الشرقية في رسوماتهم ومنهم من رحل الى الشرق بصحبة حملة نابليون على مصر والشام عام 1798.

الى جانب ذلك هناك الاستشراق التاريخي وهو الذي اهتم بالتاريخ العربي الإسلامي وأعلامه في عصوره الأموية والعباسية والأندلسية وما تبع ذلك. كما أن هناك الاستشراق الجغرافي الذي اهتم بالأدب الجغرافي والجغرافيا العربية والإسلامية وأعلامها وقد هال المستشرقون اتساع هذا الأدب الجغرافي العربي مما دفع المستشرق الألماني نولدكه للقول ان الجغرافيا في أكثر من ناحية هى الجانب الأكثر إشراقا في الأدب العربي.

mostafa1963@yahoo.com

Email