خالد الصايغ: لؤلؤ الإمارات الأفضل عالمياً

خالد الصايغ: لؤلؤ الإمارات الأفضل عالمياً

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«إذا جاءكم لؤلؤ من أي مكان، فاجعلوا خالدا يراه ويفحصه»، قالها يوماً المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وكانت هذه شهادة متميزة بحقه، بينما استفزته عبارة وجهها إليه جامع تحف وعملات أوروبي في سويسرا اتهم فيها العرب والمسلمين بعدم معرفة إرثهم وتراثهم، بعد أن رمى له ديناراً ذهبياً يعود لسنة 88 هجرية، فعاد إلى أبوظبي وأبحر في عالم العملات القديمة حتى طار اسمه في السنوات الأخيرة كأحد أبرع الخبراء في العملات القديمة وأحد أشهر جامعيها في الإمارات، كان حلمه وما زال إنشاء «متحف وطني إماراتي يحتضن اللؤلؤ» يكون سجلاً لتاريخ الدولة، ومنارة تضاف إلى منارات الفخر، فتحققت الخطوة الأولى لهذا الحلم، بتنظيمه لمهرجان أبوظبي الدولي للؤلؤ المقام حالياً تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء. في حوارنا معه انتقل خالد الصايغ إلى ذاكرة الأرض وأيام البحر و«نهمات الطواويش» ونتركه هنا يتحدث على سجيته عن تلك الأجواء:

«أثناء دراستي في الولايات المتحدة، زرتُ متحف «منهاتن» وهو شيء مذهل تمنيت أن يكون في الإمارات متحف يناظره، وبعد عودتي إلى أبوظبي عام 1994م طالبت وسعيتُ لدى العديد من الجهات لإقامة متحف في أبوظبي، وحين لم ألقَ الاستجابة أنشأت ورشة الصايغ لصناعة المجوهرات، وقبل أن استرسل في سرد بعض الأمور المتعلقة بعالم اللؤلؤ والعملات، أقول إنني بدأت ذلك بجمع الأحجار الكريمة كالفيروز والكهرمان والعقيق بأنواعه، وفي عام 1997م صادف أني كنتُ في اجتماع ضم بعض رجال الأعمال الأجانب. وكانت صدمتي ومفاجأتي كبيرة حين رمى لي جامع عملات أسباني بدينار أموي يعود إلى سنة 88 هجرية زمن الخليفة عبد الملك بن مروان وقال لي: «هذا تاريخكم لدي الذي لا تحملون أية فكرة عنه»، فاستفزني هذا القول وآليت على نفسي الغوص والتعمق في مجال العملات الإسلامية والعملات القديمة، فعدت واشتريت بعض المصادر والمراجع في مجال العملات.

وتعقبتُ العملات وأمكنتها لثلاث سنوات بعد ذلك التاريخ، متعاملاً مع أشهر المزادات العالمية مثل «كريستي» في لندن وغيره من الشركات العالمية في اوكسفورد وبلجيكا وأستراليا، وفي عام 2000م تجمعت لدي حوالي 8000 عملة إسلامية وعالمية قديمة مما دفعني لإقامة أول معرض من نوعه في أبوظبي، وقد طُلبَ مني إقامة مثل هذا المعرض مرة أخرى فرفضت وصرحت في حينها لقناة الإمارات بأنني مستعد لتقديم مقتنياتي لمتحف دائم في أبوظبي، أما الآن فأنا أسعى لتقديم رسالة دكتوراه في عالم اللؤلؤ الذي أصدرت فيه قبل أيام كتاباً ضخماً بعنوان «لؤلؤ وطواويش الخليج».

العقد السنجباسي

لا تغيب عن بال خالد الصايغ كلمة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد التي جاءت كشهادة بخبرته ومعرفته العميقة باللؤلؤ، حين قال رحمه الله: «إذا جاءكم لؤلؤ من أي مكان، فاجعلوا خالدا يراه ويفحصه» ويضيف الصايغ: إن هذه الكلمة هي أرفع وسام أضعه على صدري في حياتي، ولا أخفي بأن أفضل مُثمّن للؤلؤ في الخليج والعالم العربي هو أستاذي حسن الفردان الذي أتمنى أن أصل إلى ربع خبرته في هذا المجال، ومن الصفقات التي تم عرضها علي للفحص في أبوظبي، هو ذلك العقد المكوّن من 16 حبة «سنجباسي» أي ذات اللون الرمادي ذي الدرجات المتفاوتة لتقييمه.

وهذه الحبات باستدارة وحجم واحد ويحمل شهادة من أشهر خبراء الفحص الأوروبيين، وكان معروضاً بحوالي 680 ألف جنيه إسترليني، فحين عُرض علي قلت «فيه شك» وأنا وعائلتي نعمل في هذا المجال منذ 563 سنة، وقلتُ للعارضين والمشترين لا ضير من الذهاب للبحرين وعرضه هناك على الفردان، وظهر هناك أن فيه تدخلاً إنسانياً، وتمت عملية الشراء بثمانين ألف جنيه إسترليني فقط!! فانظر إلى فرق العرض والسعر الختامي.

دلما تعود من جديد

أما بالنسبة لمهرجان أبوظبي الدولي للؤلؤ، فقد أثنى الصايغ على جهود محمد خلف المزروعي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، حيث قال الصايغ: لقد شغلنا وأتعبنا هذا الرجل لغاية أنه مرض من التعب معنا على إقامة وتنظيم المهرجان، وهو رجل على قدر كبير من المسؤولية ويعمل بنشاط وحيوية لإبراز ملامح أبوظبي الحضارية على الساحة المحلية والدولية، وبعد نجاح المهرجان تلقينا دعوات لإقامة المعرض من قطر والكويت وعمان، وسنعيد المعروضات والتحف الخاصة بالآخرين ونشارك بمجموعتنا ومن يريد المشاركة معنا، ومن أبرز المشاركين معنا هو إبراهيم خليفة مطر صاحب مجموعة «مطر» ويحتفظ هذا الرجل لغاية الآن بصورة تذكارية مميزة تجمع جده بالمصمم الشهير «كارتيه»، كما اشترك في المعرض الحاج أحمد الفردان أحد أشهر أعلام اللؤلؤ في الدنيا.

أما مجموعتي المعروضة في المهرجان فهي مؤلفة من 28 دانة، جمعتها منذ عام 1988م وآخر دانة في المجموعة فاشتريتها قبل أيام من إقامة المعرض. يُذكر أن خالد الصايغ برع في مجال التأليف والكتابة، فألّف عدة كتب منها «النقود الإسلامية» وكتاب آخر طرحه قبل أيام في المهرجان بعنوان «لؤلؤ وطواويش الخليج» وبحث موسع عن جزيرة دلما، وكتاب عالمي من وحي «كتاب اللؤلؤ العالمي»، وحول بحث جزيرة دلما الذي يقوم بوضع اللمسات النهائية عليه حالياً.

يقول الصايغ: الكتاب يتناول تاريخ جزيرة دلما ولا بد من القول إنه ليس هناك بلد في العالم لديه جزيرة خاصة باللؤلؤ سوى الإمارات، وتقديمي لهذا البحث هو سعي لإنجاز عرض رسمي بإنشاء مركز عالمي للؤلؤ لإعادة المجد لهذه الجزيرة التي شهدت إقامة أكبر التجمعات لتجار اللؤلؤ في الزمن الماضي، وأملي بمشاركة شركات كبرى في هذا المركز الذي سيعقد فيه موسم سنوي لتجار اللؤلؤ ليكون نواة لتأسيس أكبر متحف في المنطقة.

السوق العالمي

قبل حديثه عن أنواع اللؤلؤ ومستوى هذه التجارة في العالم في العصر الحالي، وضّح خالد الصايغ أنه لم يهاجم أو يتكلم بسوء عن تجربة اليابان في مجال «اللؤلؤ الزراعي» الذي نقلته خطأً إحدى الجهات الإعلامية في الدولة، وأضاف: أن من حق اليابان - التي أحترم تجربتها كثيراً- أن تنافس في السوق ولديهم القدرة على التجدد، وتكمن المشكلة الحقيقية في ضعف تجار الخليج في مجال التنافس وتركهم للتحديث والتطور في هذا المجال.

أما عن وجود «الهيرات- المغاصات المائية للؤلؤ» في ساحل أبوظبي فقد لخصها المرحوم أحمد بن حسن عبد الله الصايغ بقصيدة مؤلفة من 18 بيتاً عدد فيها هذه الهيرات برقم 412 هيرة، وما زالت منتجة لغاية اليوم، وأجزم بأن «الإمارات وطن اللؤلؤ» في الخليج والعالم، ومع الأسف فإن الطريقة التقليدية القديمة باستخراج اللؤلؤ في الإمارات والخليج باتت مهددة بالانقراض، رغم أن الإحصائيات تشير إلى أن اللؤلؤ بات خلال السنتين الأخيرتين هو الحجر الكريم الأكثر طلباً في الأسواق العالمية.

ختم خالد الصايغ حديثه بالقول: لقد نهضت تجارة اللؤلؤ في الإمارات والخليج بفضل تشجيع المغفور له بإذن الشيخ زايد، ووصلت هذه التجارة للقمة بفضله وبفضل رعاية «أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة، حيث أمسى اللؤلؤ هو الهدية الرسمية للدولة، وأعتقد أنه سيعود لسابق عهده في الإمارات في السنوات المقبلة.

أبوظبي ـ محمد الأنصاري

Email