علوم القرآن

اشتعال البحار والمحيطات

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ورد في القرآن الكريم عدد من الآيات التي تتحدث عن البحر المسجور، أي البحر الذي يتوقد ناراً بسبب الاشتعال، والحقيقة هي أن أي إنسان ينظر إلى الآيات الكريمة التي تتكلم عن البحر وتحوله إلى نار يرى في ذلك من التناقض، وذلك لأن البحر يعني الماء والماء معروف بأنه هو الذي يطفئ النار،

وبالتالي فإنه من الناحية العقلية والمنطقية لا يمكن أن يكون الشيء وضده في آن واحد، ولكن ما دام الله سبحانه وتعالى قال ذلك فنحن نقول سمعاً وطاعة ونصدق ما قاله الله سبحانه وتعالى وما جاء في القرآن الكريم من آيات حول اشتعال البحار بالنار، وهكذا، ولقد فسر العلماء قديماً هذه الآية على أنها تحمل دلالات يوم القيامة، حيث يتغير الحال غير الحال فتصبح جميع الاحتمالات واردة، ولم يكن يخطر ببالهم بأنه حتى قبل يوم القيامة يمكن للبحر أن يكون مسجوراً.

كيف يمكن للبحر أن يصبح ناراً؟: أولاً وقبل أي تفسير علمي أو منطقي علينا أن نؤمن إيماناً قاطعاً بأن الله يصنع ما يريد وأمره بين الكاف والنون فإذا قضى أمراً فلا راد لحكمه فإذا أمر البحر أن يتحول إلى نار فإنه بالتأكيد سيتحول، هذا من الناحية الإيمانية أما من الناحية العلمية (الإيمان والعلم لا يتناقضان)، فإنه من المعروف أن البحر يتكون من ماء أي أنه يتكون من H20 وهذا يعني أن نقطة الماء تتكون من ذرة هيدروجين (H) وذرتين من الأوكسجين (20) وعند اتحاد هاتين الذرتين فقط تتكون قطرة الماء،

وقطرة الماء هذه تصبح ذات خصائص جديدة من أهمها أنها قادرة على إطفاء النار إذا كانت مشتعلة في مواد جافة أو مواد قابلة للاشتعال، أي أن الماء أداة قادرة على إطفاء الحريق، ولكن في كثير من الأحيان تتحول المياه إلى عامل مساعد جداً على اشتعال النار، شأنها في ذلك شأن البنزين أو أي مادة مساعدة على ازدياد الحريق، ويمكن تفسير ذلك علمياً عندما نعرف أن الماء يتكون من ذرتين من الأوكسجين (20) والأوكسجين،

كما هو معروف فإنه يساعد على زيادة اشتعال النار وإذا عرفنا عملياً أن الماء يغلي على درجة (100) مئوية فيمكن القول إن الماء بعد درجة 100 مئوية يصبح بخاراً ثم غازاً، وإذا أضيفت إلى الماء عند غليانه على درجة 100 مئوية يعطي الشوائب قبل الأملاح مثلاً، فإن درجة حرارته تصبح ما بين 160 ـ 180 درجة مئوية، وهذا يعني أن ذرات الماء أصبحت تتفكك وتعود إلى أصلها، وهو (H20) وهي الحالة الغازية وهذا يعني أنه إذا كانت هناك نيران مشتعلة وهذه النيران قوية فإن تسليط الماء على النار سيزيدها اشتعالاً،

لأنه ما تكاد كمية الماء تصل إلى النار حتى ترفع النار درجة حرارة الماء إلى 200 درجة مئوية أو أكثر، وهذا يعني أن الأوكسجين الذي هو عنصر مهم في تكوين الماء سيساعد النار على زيادة الاشتعال، من هنا فإن رجال المطافئ عندما يريدون أن يطفئوا حريقاً فإنهم يضيفون مواد رغوية إلى الماء،

لأن هذه الرغوة (Foam) تجعل الماء لا يتحلل إلى عناصره الأولية ويبقى ثقيلاً، هذا إذا كانت درجة الحرارة التي نتكلم عنها تصل إلى 200 درجة مئوية، فما بالك لو كانت درجة الحرارة التي يتعرض لها الماء تصل إلى 1000 أو 1800 درجة مئوية، فماذا يحدث لها؟ يحدث عندها أن الماء عند درجة 100 مئوية يبدأ في الغليان يم يتبخر ثم كلما زادت درجة الحرارة تحول الماء إلى عنصر اشتعال بسبب تفكك ذراته.

فإذا عرفنا أن البحار هي الأقرب إلى باطن الأرض نعرف بأنها أكثر الأماكن عرضة لدرجات الحرارة العالية، ولهذا فإنه على مضي ملايين السنين الماضية والأرض تُخرج حممها من باطنها باتجاه السطح ولأن البحار والمحيطات تشكل نحو 77% من سطح الأرض فإن هذه الحمم عادة ما تخرج من وسط الماء خاصة من المحيطات العميقة وتندفع هذه البراكين والحمم عبر مياه المحيطات العملاقة والتي يزيد عمقها في كثير من الأحيان على 3700م، وفي أماكن أخرى يصل عمقها إلى 4200م،

ومع ذلك فإن البراكين تخترقها لتصل إلى السطح وعندما تصل هذه البراكين فإنها تكون مصحوبة بدخان ونار وحمم تصل درجة حرارتها إلى ما يزيد على 1200 درجة مئوية، وهنا نلاحظ أنه رغم عمق وضخامة وكمية مياه المحيطات فإنها تقف عاجزة عن إطفاء بركان إذا اندفع إلى الأعلى حاملاً معه النار والحمم، وبعد أن يبرد يشكل جزءاً أو جبالاً وهكذا،

لذا فإن جميع الجزر الموجودة في المحيطات والبحار سواء كبيرة أو صغيرة هي في الأصل براكين منبعثة من باطن الأرض، وهنا نسأل إذا كانت المياه قادرة على إطفاء النار، فلماذا لا تطفئ نار البراكين، لهذا نقول إن اشتعال البحار هو أمد وارد وهو شيء نلاحظه أمامنا من خلال انفجار البراكين وخروجها من أعماق المحيطات،حيث تخرج النار من داخل المياه، وهذه البراكين ستستمر في خروجها من أعماق المحيطات والبحار، وذلك لأن باطن الأرض لا يزال مشتعلاً.

كيف يشتعل باطن الأرض

لا يزال باطن الأرض مشتعلاً منذ ملايين السنين، وما هذه الأرض التي نعيش عليها إلا قشرة بسيطة من مجمل الأرض، ولقد بين الله سبحانه وتعالى أن الأرض والنجوم والشمس والقمر وغيرها من المجرات كانت جزءاً واحداً وعندما حدث الانفجار العظيم توزعت هذه النجوم والكواكب والمجرات وغيرها ومن ضمنها الأرض في الفضاء، لكن هذا التوزيع لم يكن عشوائياً بل هو بقدرة قادر، «وكل في فلك يسبحون» وإلا لاصطدمت المجرات بعضها ببعض وانتهى الكون، والدليل على أن هذه المجموعات كانت كتلة واحدة كما في قوله تعالى: «أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي».

وهذا يعني أن الأرض انفصلت عن السديم وأنها لذلك لا تزال تحتفظ بالمكونات نفسها التي تحتفظ بها الشمس وغيرها من الكواكب، ولهذا فإن الأرض لا تزال مشتعلة من الداخل شأنها شأن الشمس، وحول هذا الموضوع تقول مجلة «The nature» إن باطن الأرض يحتاج إلى ملايين السنين حتى يبرد، فإذا عرفنا أن في المحيط الهادي نشاطاً بركانياً لا يزال مستمراً منذ أكثر من 50 مليون سنة،

وان هذه النشاطات تحتاج إلى ما يزيد على 80 مليون سنة حتى تخمد، نعرف كيف أن المحيطات والبحار لا تزال عُرضه لانفجارات بركانية ضخمة تؤدي إلى خروج النار من الماء على شكل حمم ولا تستطيع مياه المحيطات التي هي أعمق المياه على سطح الأرض أن تطفئها، شيء آخر أشارت له المجلة وهو أن باطن البحار والمحيطات من ناحية نواة الأرض وليس من ناحية الماء تحتوي على طبقة من الصخور البازلتية

وهذه الصخور لا تزال درجة حرارتها عالية جداً، حيث تتراوح ما بين (1000 ـ 1200) درجة مئوية، وهذا يعني أنها لا تزال تحتفظ بحرارتها العالية رغم طبقة الماء الهائلة التي فوقها، حيث ان هذه الطبقة لم تستطع أن تبرد هذه الصخور، ومن عجائب الله سبحانه وتعالى أنه لو تسربت كمية من مياه المحيط إلى أعماق تلك الصخور فإنها لا تستطيع أن تجعلها باردة بل على العكس فإن هذه الصخور قادرة على رفع درجة حرارة تلك المياه إلى أكثر من 800 درجة مئوية،

وبالتالي دفع تلك المياه إلى أعلى على شكل ينابيع حارة تخرج من وسط مياه المحيطات أو البحار، فلو كانت المياه قادرة على إطفاء النار، فلماذا لا تطفئ حرارة تلك الصخور وحرارة البراكين التي تنبعث بين الفينة والأخرى لتشكل جزءاً وسط مياه البحار والمحيطات العميقة.

بعد ثورة بركان Mount Merapi في اندونيسيا وجد علماء البراكين الذين كانوا يفحصون المكان أن اندفاع هذا البركان الذي بقي خامداً لأكثر من 200 عام أدى إلى ارتفاع الموج في بعض الجزر الاندونيسية المجاورة ولقد لفت هذا الأمر انتباه العلماء، حيث إن بركان (Mount Merapi) يوجد على اليابسة وليس في البحر أو في جزيرة، ومن هنا بدأ فريق من العلماء اليابانيين والاندونيسيين دراسة مياه البحر حول الجزر الاندونيسية،

حيث تبين لهم أن هناك عدداً من البراكين الثائرة تحت مياه المحيط وأن قوة هذه البراكين تساوي عشرة أضعاف قوة بركان ((Mount حمْفِى وفي هذا الخصوص كتبت صحيفة «japan newَّ» تقول إن البراكين التي تحت مياه المحيط تندفع من باطن المحيط باتجاه الأعلى، حيث تصطدم بالمياه فتبدأ في تبخيرها في حين تحاول مياه المحيط تبريد الحمم الخارجة من تلك البراكين وقد ينتج عن هذا الصراع الغريب بين الماء والنار أودية وجبال وكهوف داخل المحيطات والبحار، في حين تندفع الحمم إلى ما هو أعلى وتصل إلى قمة سطح الماء لتكون جبالاً وجزراً جديدة،

وأضافت الصحيفة انه في بعض الأحيان نجد أن حمماً تصل درجة حرارتها إلى نحو 900 درجة مئوية تندفع من تحت باطن المياه على عمق يتراوح ما بين 80 ـ 100كم، وهذا يدل على قوة هذه البراكين، فكيف بها تدفع عشرات الآلاف من الكيلوغرامات من المعادن المصهورة والأتربة والحجارة والغازات والنيران إلى كل هذا البعد،

حيث تخرج من عمق يزيد على 100 كيلومتر تحت سطح البحر، ثم تخترق كل هذه المسافة ثم تخترق مياه البحر أو المحيطات لتصل إلى سطح الماء فتكون جزراً جديدة، وأشارت الصحيفة إلى أن العلماء لا يزالوا عاجزين عن معرفة سبب هذه القوة الرهيبة التي تدفع بكل هذه الحمم إلى سطح الماء وتساءلت الصحيفة إذا كانت هذه البراكين التي تخرج على عمق يتراوح ما بين 80 ـ 100 كيلومتر تحت سطح الماء فكيف بباطن الأرض المنصهر والذي يحتاج إلى ملايين السنين ليبرد. ونحن بدورنا نقول سبحان الله القادر على كل شيء.

ترجمة وإعداد أحمد سلطان:

Email