دائرة الضوء

القارئ محمد صديق المنشاوي.. مصحفه المرتل الأعظم في تاريخ دولة التلاوة

ت + ت - الحجم الطبيعي

التزم بأصول التلاوة الشرعية وكرمته العديد من الدول الإسلامية.. الشيخ الراحل محمد صديق المنشاوي هو نجل الشيخ صديق المنشاوي وشقيق محمود صديق المنشاوي، ويعد الشيخ محمد أكثرهم شهرة على الإطلاق وأفضل من أنجبته عائلة المنشاوي القرآنية وأكثرهم عطاء في دولة التلاوة وأعمقهم تأثيراً في المستمعين، انطلق صوته لأول مرة عبر الأثير من إحدي قري إسنا بمحافظة قنا، عندما كان يشارك والده الشيخ صديق المنشاوي في إحياء ليلة قرآنية، وعلى امتداد رحلته القرآنية حظي بتكريم العديد من الدول العربية والإسلامية ويعد مصحفه المرتل أعظم مصحف في تاريخ دولة التلاوة على الإطلاق..

الشيخ محمد صديق المنشاوي.. واحد من أبرز قراء القرآن الكريم الذين جمعوا في تلاواتهم بين الالتزام بأصول التلاوة الشرعية وبين القدرة على الخلق والإبداع في الأداء، وهو من أهل الصفوة في سجل قراءة القرآن الزاخر بعشرات الأصوات التي تلته ورتلته وأسهمت في حفظه وتفسيره. ويعد المنشاوي -الابن- أحد عباقرة الجيل الثاني من القراء المرموقين إلى جانب القارئ الشيخ «أبو العينين شعيشع» والقارئ «كامل يوسف البهتيمي»، والقارئ «مصطفي إسماعيل » والشيخ «محمود البنا»والشيخ «عبد الباسط عبد الصمد والشيخ »محمود عبد الحكم« وغيرهم.

ولد الشيخ »محمد « ونشأ في أسرة وهبت أبناءها للقرآن بداية من الوالد الشيخ »صديق المنشاوي« ونهاية بشقيقه الأصغر »محمود صديق المنشاوي« وما بينهما عمه الشيخ »أحمد ثابت « وكان القارئ الأول الذي تنتقل إليه الإذاعة لتسجل صوته بدلاً من أن يذهب هو طالباً التسجيل.. فانطلق صوته لأول مرة عبر الأثير من إحدى قرى إسنا بمحافظة قنا عندما كان يشارك والده الشيخ «صديق المنشاوي» في إحياء ليلة قرآنية..

وهناك قرأ أمام الجمهور قراءة ملائكية بصوت عذب رخيم نافس والده الذي لامس به عنان السماء من فرط فخره واعتزازه بولده الفذ.. وفي تلك الليلة نال إعجاب الجماهير العريضة التي جاءت لتتمتع بصوت الوالد فشاركه الولد الإعجاب والانبهار بفضل ما أتاه الله من القوة والجمال والعذوبة إضافة إلى تعدد مقاماته وتجسيده العميق لمعاني القرآن الكريم وكانت أشهر قراءته تلك التي كان يقرأ فيها بمولد «أبي الحجاج الأقصري» في نفس التوقيت الذي كان يقرأ فيه الشيخ «عبد الباسط عبد الصمد» ومن هذه المناسبات ذاع صيت الشيخ «المنشاوي» شرقاً وغرباً وأصبح في الصفوف الأولى بين كوكبة القراء.

وسام الاستحقاق امتدت حياة الشيخ «محمد صديق المنشاوي» 49 عاماً.. حيث حفظ القرآن في كُتاب القرية في سن مبكرة على يد الشيخ «محمد النمكي» بعد أن بدأ حفظه على يد والده الشيخ «صديق المنشاوي» وحفظ الشيخ الصغير القرآن كاملاً قبل أن يبلغ الحادية عشرة من عمره وقبل أن يرسله والده الشيخ «صديق المنشاوي» لكي يدرس أحكام التلاوة على يد الشيخين «محمد سعودي» و«محمد أبو العلا»

وبعدها حرص «محمد صديق المنشاوي» على مرافقة والده وعمه في رحلاتهما لإحياء ليالي الذكر الحكيم في بلدته وخارجها قبل أن يعتمد في الإذاعة المصرية عام 1953 وسجل له ما يزيد على مئة وخمسين تسجيلا مفعماً بالمعاني والأحاسيس القرآنية الرائعة. وكان طبيعيا أن يحظى الشيخ بتكريم الدول الإسلامية العربية مثل أندونيسيا التي منحته وساماً رفيعاً في منتصف الخمسينات

وسوريا التي منحته وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية في منتصف الستينات بينما أطلق اسمه في مصر على أحد شوارع محافظة الجيزة وكرمته مصر بوسام الاستحقاق من الطبقة الأولى أثناء الاحتفال بليلة القدر عام 1992. أبناء دولة التلاوة ويعد الشيخ «محمد صديق المنشاوي» أفضل من أنجبته عائلة «المنشاوي» القرآنية من أبناء وأكثرهم عطاء في دولة التلاوة وأعمقهم تأثيراً في المستمعين

فقد تفوق على المعلم والأب «صديق المنشاوي» بقدر ما تفوق بمراحل على الشقيق «محمود صديق المنشاوي»، وكان الشيخ «محمد» أول قارئ في تاريخ الإذاعة المصرية يتم الإجماع على اعتماده قبل تقدمه لاختباراتها بعد أن ذاع صيته وبلغت شهرته صعيد مصر في مطلع الأربعينات من القرن الماضي، ثم تقرر اعتماده على الفور

وأجمع كبار القراء وشيوخ معلمي القراءت أن المصحف المرتل للشيخ «محمد صديق المنشاوي» يعد أعظم مصحف في تاريخ دولة التلاوة على الإطلاق وأشادوا أيضا بمصحفه المُجوَّد وقراءته في القدس التي اعتبروها درة التلاوة. وكانت النهاية للشيخ«محمد صديق المنشاوي» في عام 1969 عندما أصيب بدوالي المرئ ورغم عمره القصير إلا أنه استطاع أن يحقق لنفسه مكانة مرموقة بين كبار القراء الذين تفخر بهم مصر والعالم الإسلامي على الإطلاق.

خالد محمد غازي ـ وكالة الصحافة العربية

Email