«قبلات وأحضان وملابس مثيرة»

ماذا تفعل لو رأيت فعلاً يخدش الحياء؟

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

نحن لسنا ضد حرية أحد ولا نقف ضد سعادة الآخرين ولكن في مجتمع متعدد الجنسيات مثل مجتمعنا الإماراتي المتسامح إلى أقصى مدى، فهناك عادات وتقاليد وقيم ثابتة لا يمكن تجاوزها ويعتبر الخروج عليها بمثابة خط أحمر، مثل ما نراه من تصرفات غير لائقة من قبلات وأحضان في المراكز التجارية والأسواق وفي السيارات وعلى الشواطئ بما يخدش حياء الآخرين، ويبقى هنا ما هو التصرف الأمثل لمن يواجه مثل هذه المواقف.. وكيف يمكن التعامل معها في ظل الحفاظ على الأخلاق والقيم الدينية للمجتمع.

لا يمر يوم دون أن نلمح في الأماكن العامة تصرفات تخدش الحياء أو تصرفات غير لائقة من قبل بعض المقيمين وافدين أو مواطنين ونرصدها في المراكز التجارية والأسواق أو حتى على الشواطئ. وفي أحيان تحدث مشكلات عندما يتدخل شخص ما لإيقاف المتسبب بالفعل مثل القبلات واحتضان شخصين لبعضهما، ملابس فاضحة، وضحكات مخلة بالأدب.

والتساؤل ما هو التصرف الآمن في هذا الموقف بشكل يحمي الفرد العادي من المساءلة القانونية، وفي الوقت نفسه يحافظ على عادات وتقاليد مجتمعه؟؟

حنان ربيع سبت (معلمة وربة منزل) تذكر أنها كانت خارجة مع أطفالها من أحد المراكز بدبي وفوجئت في موقف الباص باثنين من الجنسية الآسيوية يقومان بفعل فاضح ويتبادلان القبلات وبشكل مقزز، ولم أستطع الصمت وقمت بنهرهما بعد أن أثارني الموقف.

وتشير «حنان» إلى أن أكثر مرتادي المراكز لا يتسوقون بشكل فعلي، وما نشاهده يحرق الدم من صور غريبة لممارسات عاطفية غير بريئة، كما اعتدنا من البعض ارتداء الملابس المثيرة غير اللائقة من الفتيات.

والقضية اننا نعلم أبناءنا الحشمة ولكن ما يتم رؤيته مختلف تماماً، ونحاول بقدر الإمكان قبل إخراج الطفل من المنزل إلى الأماكن العامة أن نوجهه ونعلمه ان هناك حدوداً وديناً وعادات وتقاليد، وما يراه في الأسواق مناظر مؤذية بعيدة عن ديننا وقيمنا.

عتيقة سالم (موظفة) ترى أن الصعوبة التي تجدها هي في تقديم النصيحة إلى المواطن الذي يقوم بتصرفات تخدش الحياء وإذا كنا نعطي العذر للجنسيات الأخرى لأنهم غرباء، لكن المواطن لا عذر له، وهذه الحركات اللامبالية بعادات وتقاليد المجتمع للأسف صارت تنتشر بشكل كبير.

أمينة إبراهيم مشرفة البحث العلمي بجمعية النهضة النسائية بدبي، تحكي بخجل عن منظر رأته منذ فترة في إحدى المراكز، شخص هندي كان يقبل إحداهن من جنسيته وقد آلمها المنظر وكانت ردة فعلها أن رمقتهما بنظرة استنكار ولكن لم يهمهما واكملت طريقي وأعصابي تحترق.

وتدعو أمينة إلى تكاتف الجهود من المؤسسات السياحية لجعل الوفود الأجنبية تلتزم بعاداتنا وتقاليدنا، خاصة وان دبي أصبحت مزاراً للأفواج السياحية.

فاطمة السري المسؤولة الإعلامية في جمعية النهضة النسائية تقول: أصبحنا نرصد الحركات والتصرفات الخادشة للحياء، داخل المراكز وعلى الشواطئ، وأنا أشهد يومياً هذه المناظر المقززة لأن منزلي قريب من الشاطئ وإذا تكلمت قيل لي ان السلطات لديها علم بهذه التصرفات وملابس البحر وأن ما يفعلونه هو حرية شخصية!

وفي رأيي لابد من إفهام الوافد بقوانين البلاد وان تكون عقوبات رادعة لن نخرج عنها لنحمي مجتمعنا بالدرجة الأولى لأن شبابنا أصبح يقلد كل ما يراه ويعتبره قدوة، وأطلب من الإمارات المختلفة أن تحذو حذو الشارقة التي أصدرت قراراً بمنع ارتداء الملابس الفاضحة.

تدعو مريم سرور (ربة منزل) إلى تخصيص شواطئ خاصة بعيدة عن الأجواء السكنية لمن يريدون أن يمارسوا الحياة بطبيعتهم، وفي رأيي ان المصيبة ليست في ملابس البحر بل في الأفعال الخارجة التي تحدث علناً، وأعتقد ان قرار إمارة الشارقة قرار حكيم ويا ليته يطبق في باقي الإمارات.

* بلغ .. ولا تتدخل

السلطات المسؤولة عن حفظ النظام لها وجهة نظر يوضحها العميد خميس مطر بالمزينة مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي ويقول: في حالة مشاهدة منظر مخل بالآداب في أي مكان عام، فالتصرف الآمن هو الاستعانة بالأمن الخاص وأفراد الشرطة المنتشرين في ذلك المكان بدلاً من التصرف برعونة وعدم مسؤولية.

وأدعو من يرى أمراً مخالفاً للقانون أن يبلغ الشرطة ستعتمد على رؤية الشخص نفسه للمنظر وتتابع السلطات بدورها البلاغ، ولكن ليس من حق أي شخص التدخل في خصوصيات الشخص الآخر والدخول معه في عراك فلا يجوز أن يأخذ صفة الضبط، ودور المواطن العادي يتلخص في الإبلاغ ومسألة المتابعة هي من اختصاص الشرطة.

ويرى العميد خميس مطر أن في بلادنا الكثير من الجنسيات، والحرية الشخصية مكفولة للجميع بشكل لا يضر الآخرين مثل الإساءة للعادات والتقاليد، لكن هناك بعض الفئات لديهم توجهات معينة بإثارة المشكلات مع بعض الأشخاص لاختلافهم في الثقافة.

ويؤكد ان كل شخص يحكم على ما يرتديه الآخر من منظوره الشخصي من كون ملابسه محتشمة أو فاضحة.

ومن وجهة نظري لا أرى ضرورة لوضع قانون يحدد ارتداء الملابس في الأماكن العامة فالغالبية ملتزمة بالعادات والتقاليد، وعلى شاطئ البحر كل جنسية لديها طريقة في ارتياد البحر ومحتشمين (لديهم ملبسهم الخاص) ولا تعتبر مخالفة أو ضد القانون.

* طيبة تتحول لجنحة

يوسف حماد (محام ومستشار قانوني) يعرض وجهة النظر القانونية لحالات ارتكاب فعل مخل بالآداب في مكان عام ويقول: يعتبر ارتكاب فعل فاضح علني أي جريمة هتك عرض بالرضا التوصيف القانوني لها «جنحة» وطالما وقعت يجوز لأي شخص رأى الفعل ان يتقدم بالشكوى للشرطة بأنه في المكان الفلاني حصل هذا الفعل المشين من قبل أشخاص معينين.

ولا يؤخذ بجهل المتهمين الادعاء بعدم المعرفة بالعادات والتقاليد، وقانون الدولة. وحتى إذا كان التصرف في الأماكن المغلقة وتحت مسمى الحرية الشخصية ولكنه طالما أمام العيان ويخدش مشاعر الآخرين فهو أمر مرفوض، فالمقيم أو الزائر عليه احترام البلد الذي يعيش فيه.

ويؤكد المحامي يوسف حماد أن التصرف الطبيعي للمواطن أو المقيم الذي يرى الفعل الفاضح هو الاتصال بالشرطة، لأن الدخول في عراك يضع الشخص في موقف مساءلة وقد يتم حجزه ويتطور الأمر إلى جنحة وجناية.

وعلى سبيل المثال رأى شخص صديق وصديقة في سيارة بموقف عام ارتفعت حرارة الحب والهيام وكانا في وضع غير أخلاقي، ويصبح الشخص قانونياً شاهداً على ما حصل ويستدل بلوحة أرقام سيارة مرتكب الفعل إذا وجدت، ويستدعى الشاهد ليتعرف على المطلوب (المرتكب الجريمة) من طابور تشخيص ويتيقن منه، ويعتبر ذلك دليلاً كافياً، ويؤخذ هذا الدليل للحكم على الشخص أو الجاني أو المتهم.

ويدعو المستشار القانوني إلى الثقافة القانونية لدى الأفراد التي توضح السلوك الذي يتبعه الشخص العادي من حيث المحظور والمسموح ويمكن تشبيهها بأهمية دورة الإسعافات الأولية، ولابد منها في كافة المسائل الحياتية ليحمي الشخص من أي مسؤوليات قانونية مترتبة.

وللمحامي يوسف حماد وجهة نظر بالنسبة للملابس فهو يرى أنه لا ضرورة لإصدار قانون فالملابس بكل أنواعها واشكالها تعرض في واجهات المحلات وتباع في جميع الأسواق، فإذا كان مسموحاً استيرادها وعرضها فلم نمنع ارتداءها، وانه يبقى على الشخص الالتزام بالقوانين ومراعاة العادات، وخروج فئة بسيطة لا يستلزم إصدار قانون كامل من أجلها.

حسن الحمادي (موجه تربوي) يذكر موقفاً حصل معه عندما رأى سيدة في أحد المراكز التجارية ترتدي ملابس تخدش الحياء فتقدم منها وأفهمها أننا في مجتمع محافظ وأن ملابسها غير مناسبة، وبعد دقائق رآها مرتدية جاكيت يغطي جسمها، ومن هذا المنطلق يقول إن التصرف المناسب هو التحدث بأسلوب حضاري وبالكلمة الطيبة والابتسامة دون عصبية، وهو في نفس الوقت يدعو السلطات المسؤولة عند منافذ الدولة والشركات السياحية بوضع كتيبات إرشادية حول ثقافة المجتمع، وان بعض السلوكيات مرفوضة في مجتمعنا المحلي.

تحقيق: فاطمة الشامسي

Email