سميرة الصراف: «بغداد» ترحل معي أينما ذهبت

رسامة «الملوك والأمراء» تعود بمعرض لمشاهير التاريخ

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

وصفها البعض برسامة «الملوك والأمراء»، بينما رأى آخرون في لوحاتها رواية وملحمة أسطورية لن تنتهي؛ إنها الفنانة التشكيلية العالمية سميرة الصراف التي تستقبل في السابعة من مساء الغد ضيوف معرضها الفني في المجمع الثقافي في أبوظبي، حيث تعرض 55 عملاً فنياً ـ بعضها مما أنجزته في رحلتها الأخيرة إلى أريزونا، والبعض الآخر رسمته في إيران، فيما تعد من أبرز فنانات السوريالية في المدرسة الشرقية.

رحلة «سميرة» أو «سيمين» ـ كما يطلق عليها أصدقاؤها والتي تعني بالفارسية بريق الفضة ـ بدأت منذ بداية ستينات القرن الماضي، حيث القباب اللازوردية التي تعانق سماء بغداد العظيمة، والنخيل الذي يتخذ من شواطئ دجلة بين الرصافة والجسر، ملتقى للعاشقين على صدى نغمات شارع أبو نواس، وبين الحارات البغدادية الدافئة بطيبة أهلها؛ في الشواكة. وسيد سلطان علي، والرحمانية، والصدرية، وزحام الباعة قرب القباب الذهبية للإمام موسى الكاظم في الكرخ وأنوار العارفين في الأزقة المجاورة للباز الأكبر عبدالقادر الجيلاني.. بين كل هذا الزحام الجميل والحياة النابضة بالحياة والجمال الإلهي الذي منحه الله لبغداد؛ تشكلّت موهبة سميرة الصراف وتشرب ذهنها من آيات الجمال والصفاء المطلق.

تقول عن رحلتها وتغربها عن المدينة التي أحبت «بغداد»: كلما تناهى إلى مسامعي اسم بغداد أشعر بالحنين، فلقد فارقت مدينتي الحبيبة لأكثر من 3 عقود، ورغم تنقلي في أغلب عواصم ومدن العالم ومشاهدتي لعشرات المدن الجميلة؛ إلا أن بغداد تعيش في داخلي، وترتحل معي أينما ذهبت، بنهرها وقبابها ونخيلها وناسها، وحين أشاهد ما أصاب حبيبتي من دمار وخراب وقتل، يتمزق قلبي وتتوقف ريشتي عن الرسم..

لم يهدموا أو يحرقوا الأبنية، بل هدموا الإنسان، وأعتبر بغداد بمثابة «اختبار» و«امتحان» إلهي وضعه الله للبشرية، فالذي يحمل الشر بداخله ينظر إليها شذراً وبتشف وبحقد، أما صاحب النفس الخيرة والطيبة؛ فهو يراها برحمة وحب وعاطفة، فبغداد باتت في هذا القرن المحك الحقيقي بين رواد البشاعة ورواد الجمال.

تجريب وخبرة

حول سر تسميتها برسامة «الملوك والأمراء» تقول سميرة الصراف: لقد انطلقت في بداية مشواري الفني؛ من خلال بوابة «فن البورتريه»، فشدتني بعض الوجوه لمشاهير الشخصيات الحاكمة في العالم منذ ستينات وسبعينات القرن الماضي، ومن أجمل وأهم الوجوه التي رسمتها في عدة لوحات، هو وجه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

وكان ذلك أثناء زيارتي لأبوظبي عام 1974م، ودعاني «رحمه الله» في حينها إلى توثيق التراث الإماراتي من خلال بانوراما لوحات تظهر طبيعة الحياة التقليدية الإماراتية، فأنجزتُ 40 لوحة خاصة بهذا المجال، ومن الشخصيات التي قمتُ برسمها شخصية «فرح ديبا» إمبراطورة إيران السابقة.

وأمراء من أوروبا وآسيا لا حصر لهم، فأطلقت علي بعض وسائل الإعلام هذه التسمية، ولكني لم أرسم البورتريه بصورة واقعية مجردة، فقمت بإضافة العديد من الأشكال الرمزية والسوريالية إلى تلك اللوحات ليقيني بأن بعض هذه الأشكال تعكس طابع وصورة الشخصية التي أرسمها.

تمتاز لوحات الفنانة بعدة سمات تجعل من الصعب إدراجها ضمن مدرسة تشكيلية محددة، فرغم اعترافها بتأثرها بالمدرسة السوريالية وتحديداً برائدها الأول «سلفادور دالي»، إلا أن الروح «الانطباعية» وملامح «الواقعية» تبدو ظاهرة في معظم أعمالها.

وسميرة الصراف لا تؤمن بتقييد الفنان لنفسه ضمن مدرسة أو أسلوب فني واحد، وترى أن خبرته وتجريبه لأكثر من أسلوب ومنهج فني يثري تجربته الفنية ويجعله متحكماً بهذه التجربة ـ لا العكس، وتؤمن الفنانة بمبدأ الفنان الشامل لا المتخصص، فاللوحة في منظورها بمثابة قطعة من شخصية الفنان يطرح عليها فلسفته للجمال ورؤيته للحياة.

وهي في حالة تحرك وتغير دائم، وللنساء والخيول في لوحات سميرة علاقة ثلاثية واضحة بين الجمال والحياة والغموض، لا تحتاج سوى إلى النظر إليها للاستمتاع بهذه الثلاثية الرائعة.

بداية الانطلاق

أما مشروعها المقبل؛ فسميرة الصراف تعود إلى بداية انطلاقها مع فن البورتريه، ولكن هذه المرة عبر معرض لمشاهير التاريخ: جنكيز خان، نابليون، إسماعيل الصفوي، بيكاسو، مارلين مونرو، عبدالناصر، وغيرهم من شخصيات السياسة والفن ومشاهير الشخصيات التي لعبت دوراً في حياة البشرية، معتقدة أن هذا المشروع الذي تسعى للتأسيس له، سيكون أمنية حياتها وبصمتها التي ستتركها إرثاً فنياً للبشرية.

تخرجت الفنانة من أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد عام 1962م، وكان أول معرض فني لها في باريس عام 1963، ثم توالت معارضها الشخصية والجماعية في عشرات البلدان: العراق، إيران، الولايات المتحدة، الكويت، اليونان، ألمانيا، الإمارات، وغيرها من بلدان العالم.

حيث نالت لوحاتها شهرة فنية كبيرة وأصبح اسمها الفني «ماركة فنية مسجلة» تعني الفن الراقي والمميز، وما يميز لوحاتها هي الطقوس الغرائبية الجميلة التي تحيط بها، حيث الخيول ووجوه النساء والألوان الأسطورية التي تجعل من لوحاتها كائنات حية تتنفس الحب والسلام والمعاني الراقية.

10 دقائق

ما يميز معارض سميرة الصراف هو الإقبال الكبير من قبل المشاهدين على اقتناء لوحاتها، ففي المعرض الذي أقامته في فرانكفورت بألمانيا، تم بيع جميع لوحات معرضها خلال عشر دقائق من الافتتاح.

أبوظبي ـ محمد الأنصاري

Email