حامل الرسالة

الخطاط محمد سامي أفندي

ت + ت - الحجم الطبيعي

ولد في اسطنبول في 16 ذي الحجة سنة 1253هـ ـ 13 مارس 1838م. وأبوه هو الحاج محمود أفندي، وكان وكيلاً لصنّاع الألحفة، درس في كتّاب الصبيان (الابتدائية) وعمل في قلم المالية وهو في سن السادسة عشرة من عمره، ثم رُقي إلى منصب كاتب الرسائل السلطانية (قلم النيشان) والفرمانات في الديوان الهمايوني، ووصل إلى أعلى المراتب في التفتيش إلى حين إحالته على التقاعد سنة 1909م بعد إعلان الدستور.

كان سامي عارفاً باللغتين العربية والفارسية بجانب لغته الأم، ودرس خط التعليق لدى أستاذه القبرصي زاده إسماعيل حقي أفندي، وخط التعليق الجلي لدى علي حيدر بيك، وخطي الثلث والنسخ لدى عثمان أفندي البشناقي، وخط الثلث الجلي لدى رجائي أفندي وهو من تلاميذ مصطفى راقم. وأما خط الديواني والديواني الجلي والطغراء فكانت على يد ناصح أفندي، وخط الرقعة على يد ممتاز أفندي.

أجاد سامي كل هذه الخطوط بما توافر لديه من الفطرة السوية والذكاء وقوة الحافظة، وكان يكتب بقلم الرصاص فتبدو حروفه وكأنها كتبت بقلم القصب دقة وتوازناً.

اقتفى سامي منهج مصطفى راقم في معالجته للنصوص وخاصة الجلي منها، وكان يصرف وقتاً طويلاً ـ يصل أحياناً إلى السنين ـ وهو يصحح ويدقق ويتمعن لتخرج من تحت يده روائع اللوحات، كما استوعب طريقة يساري زاده في التعليق الجلي، فأجاد فيها أيما إجادة غير أنه ما لبث أن أخذ بأسلوب إسماعيل الزهدي (الأخ الأكبر لراقم).

كان سامي يكتب بالزرنيخ على الورق الأسود ليأخذ فرصته في التصحيح، وكانت قوالب لوحاته نفيسة يتلقفها المذهبون لكتابتها برقائق الذهب، وأجمل ما كتب ما كان بالذهب، ويبدو ذلك جلياً في مسجد جهانكير وجامع ألتوني زاده.

له كتابات منقوشة على الحجر وخاصة ميضاءه وسبيل «يني جامع» أي الجامع الجديد، وهي مكونة من اثني عشر سطراً، اقتدى بها الخطاطون من بعده، كما أن له كتابات على بوابات السوق المسقوف ومسجد نعلي في الباب العالي وجامع شهزاد وجامع ذهني باشا وجامع غالب باشا في إيرنكوي بالإضافة إلى ما كتب على الأسبلة وشواهد القبور، وكان الناس من حبهم لفنه يقولون: (أطال الله عمر سامي). وفي مجال عطائه الثر كان سامي يدرس الخط في الديوان الهمايوني وفي مدرسة الأندرون وفي بيته يوم الثلاثاء من كل أسبوع.

ومن تلاميذ سامي: محمد نظيف بيك وحسن رضا، وأحمد الكامل آقديك، وحقي طغراكش بيك، وخلوصي أفندي وعزيز أفندي وأمين أفندي وعمر وصفي ومحمد أمين يازيجي وغيرهم. ووصل سامي إلى أرقى درجات الإبداع وخاصة في جلي الثلث وجلي التعليق وجلي الديوان والطغراء. ورغم ما كان يسمعه من عبارات المديح والإطراء إلا أنه زاد من وتيرة التمرين والاستزادة، وكان يظهر ذلك في خطه سنة بعد سنة، ولُقِّب براقم الثاني لرفعه مستواه.

عاصر سامي ستة من السلاطين العثمانيين من السلطان محمود الثاني إلى السلطان محمد الخامس، وهو الذي صمم الطغراء للسلطان عبدالعزيز والسلطان عبدالحميد والسلطان محمد رشاد.

عُرف سامي بخفة دمه، ودعاباته، وحلو معشره، أُصيب بالشلل في أواخر أيامه وتوفي سنة 1330هـ الموافقة لسنة 1912م. ودنف في حوش جامع الفاتح باسطنبول وكتب شاهد قبره تلميذه أحمد الكامل آقديك.

Email