حامل الرسالة

الخطاط محمد شوقي أفندي

ت + ت - الحجم الطبيعي

ولد الخطاط محمد شوقي أفندي في قرية سيّدلر (بتشديد الياء) من قرى قسطموني الواقعة جنوبي البحر الأسود في تركيا سنة 1245هـ ـ 1829م، ثم انتقل في مطلع حياته إلى مدينة اسطنبول، والتحق بمدرسة يوسف باشا للذكور، وكان في الوقت ذاته يدرس الخط لدى خاله محمد خلوصي (1291هـ ـ 1874م) في الثلث والنسخ والرقاع، إلى أن نال الإجازة منه سنة 1257هـ ـ 1841م) وعمره آنذاك أربع عشرة سنة.

وما يروى عن نبوغ شوقي وعلو خلقه أن خاله قال له ذات يوم: «هذا ما استطعت أن أعلمه لك في هذا الفن، وعليّ أن آخذك إذن إلى قاضي العسكر مصطفى عزت وعليك أن تواظب في دروسه حتى تتقدم في الخط»، إلا أن محمد شوقي (التلميذ) قال: «لن أذهب لمعلم آخر غيرك» فدعا له خاله بالتوفيق، وكأن السماء استجابت لهذا الدعاء، فكان شوقي صاحب مدرسة بارعة في الخط.

عمل محمد شوقي بديوان الأركان للجيش سنة 1264 هـ ثم مدرساً للخط في المدرسة العسكرية في حي بايزيد في اسطنبول، ثم أستاذاً لحسن الخط في المدارس العسكرية الأخرى. كما علم الخط لأبناء السلطان عبدالحميد الثاني مدة عامين ونصف العام وحصل من الديوان السلطاني على ميداليات لياقة، وكان مسمى وظيفته الرسمي: قلم التحريرات بنظارة الحربية.

له كتابات بخطي الثلث والنسخ في متحف طوب قابي ومتحف دار الآثار التركية الإسلامية ومكتبة السليمانية. وكتب شوقي في حياته خمسة وعشرين مصحفاً وعدداً كبيراً من دلائل الخيرات والمرقعات والحُليّ. تأثر شوقي بداية بخاله محمد خلوصي ثم اقتفى أثر الحافظ عثمان وإسماعيل الزهدي ومصطفى راقم، وقال يوماً: «لقد علموني الخط في الأحلام».

وكانت خطوطه على درجة فائقة من الدقة ومحاطة بالعناية، وكانت حروفه رشيقة جذابة، وأخذت كتاباته درجة واحدة من الرعاية، فإذا ما أعد كراساً أو عملاً فنياً فهو دائماً في الذروة من الإتقان بغض النظر عمن كان طالبه، ولذلك قال عنه صديقه سامي أفندي: «إن شوقي لا يسيء رسم حرف حتى لو أراد ذلك».

كان رحمه الله فاضلاً عفيفاً محسناً، وقد اكتشف ورثته الدفاتر التي كان يسجل فيها مصروفاته، واستدلوا على أنه كان يعتمد على راتبه من وظيفته الرسمية، أما دخله من كتابة الخط واللوحات، فكان يرسله إلى الفقراء والمحتاجين في مسقط رأسه (سيدلر).

كان شوقي مدرسة متميزة في خطي الثلث والنسخ، ولم يصل إلى مستواه أحد جاء من بعده، وأعماله وكراريسه مازالت منهجاً وأنموذجاً يحتذى بهما، كان شوقي نسيجاً وحده. ومن أبرز تلاميذه عارف البقال وفهمي أفندي. توفي في 7 مايو 1887م ودفن في مقبرة مركز أفندي بجوار قبر خاله وأستاذه، رحمهما الله تعالى.

Email