مواهب أبنائنا.. «أمانة وطنية» في رقابنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

في دراسة أعدتها امتثال محمد الحمادي، معلمة التربية الفنية في مدرسة أمامة بنت أبي العاص النموذجية «حلقة أولى» في منطقة الشارقة التعليمية، المنطقة الشرقية، طرحت الباحثة جملة من الحقائق والإرشادات للتعرف على المواهب والميول الطلابية، وتقنينها وتوجيهها وتسييرها وفق المسار الذي يوافق الرغبات والطموحات.

في مقدمة الدراسة قالت الباحثة إن الله سبحانه وتعالى يختص بعضاً من عباده بملكات معينة، وهي ما يطلق عليها الموهبة الفطرية، وهذه الموهبة إذا ما اكتشفت في وقت مبكر وتناولتها أيدٍ خبيرة، تعهدتها بالعناية والرعاية، فسوف تُصقل ويصبح لها شأن كبير. أما إذا لم تلاحظ فستضمحل وتفنى ويصبح صاحبها مثل غيره من المغمورين، فيفقد المجتمع والأمة بكاملها، تلك المنحة الإلهية التي قدمت لهم ولم يحسنوا استغلالها. ولا شك أننا بحاجة ماسة إلى هذه المواهب التي ينبغي لأولي الأمر والمسؤولين أن يتبنوها ويشجعوها، لأنها الذخيرة التي تغذي الأمة وتثريها فكرياً واقتصادياً. وقد أثبتت البحوث والدراسات العلمية أن هناك نسبة بين 2 5% من الناس يمثلون المتفوقين والموهوبين، يبرز من بينهم العلماء والمفكرون والمصلحون والقادة والمبتكرون والمخترعون، الذين اعتمدت الإنسانية منذ أقدم عصورها في تقدمها الحضاري على ما تنتجه أفكارهم وعقولهم من اختراعات وإبداعات وإصلاحات.

من هو الموهوب؟

الموهوب هو التلميذ الذي يوجد لديه استعداد أو قدرة غير عادية أو أداء متميز عن بقية أقرانه في مجال أو أكثر من المجالات التي يقدرها المجتمع، خاصة في مجالات التفوق العقلي والتفكير الابتكاري، والتحصيل الأكاديمي، والمهارات والقدرات الخاصة. وهنا نقول إن الموهوب يحتاج إلى رعاية تعليمية خاصة لا تستطيع المدرسة تقديمها في منهج الدراسة العادية. ويعد الموهوبون في كل مجتمع، الثروة الوطنية التي سيكون لها شأن عظيم بإذن الله تعالى في تقدم وازدهار الأمم. ومن هنا تتضح أهمية الاهتمام بهذه الفئة وتقديم الرعاية اللازمة لها، لاستثمار طاقاتها وقدراتها بالشكل الأمثل، فرعاية الموهوبين مسؤولية الجميع.

اكتشاف الموهبة ونوعيتها؟

أجمع علماء النفس والمختصون فيه على أن سنوات الطفل الأولى منذ الولادة وحتى سن الخامسة، هي أهم سنوات العمر التي يتطور فيها ذكاء الطفل. لذلك من الضروري جداً أن يقوم الوالدان بالآتي:

1- تنمية القدرة اللغوية للطفل، من خلال التحدث معه، ودعوته للقراءة والكتابة.

2- أن تكون ألعابه مشجعة، وحافزة لقدراته العقلية، دافعة إياه إلى تفسير الأمور تفسيراً منطقياً، كما في بعض الألعاب الحسابية التي تنمي التفكير المنطقي عند الأطفال.

3- إعطاء الطفل الفرصة للتعبير عن نفسه من خلال الرسم الخيالي واستكشاف اتجاهه في أي من هذه النواحي، وتشجيعه في الاتجاه الذي يهواه ويبدي فيه ميلاً من تلقاء نفسه.

4- تشجيعه على القيام بالأنشطة التي تشجع حاجاته العلمية واستكشاف المجهول؛ لأن الطفل عادة ما يكون كثير التساؤل عما يحيط به من ظواهر وأدوات ومعدات.

5- تشجيعه على إبراز طاقاته الرياضية (من الممكن معرفة ذلك في السنوات الأولى من خلال نوعية اللعبة التي تلفت انتباهه في التلفاز أو حديثه عن رياضة معينة في المدرسة).

6- تشجيعه على إبراز طاقاته العملية والعلمية والتصنيعية، لاكتشاف موهبته (كثير من الأطفال يكسرون ألعابهم لمجرد اكتشاف ما يوجد داخل هذه الألعاب، ومعرفة كيف تتكلم أو تسير أو تعمل. وقد تجد بعظهم يقومون بمحاولة تجميعها من جديد لتعمل مرة أخرى).

إذا اكتشف الآباء موهبة الطفل، فماذا يصنعون؟

عند هذا الحد، لا بد من اتباع أساليب المعاملة (الوالدية السوية)، وتفهم مشكلات الأبناء ومساعدتهم والقرب منهم، وإشباع حاجاتهم وتوفير البيئة الصحية المناسبة لنموهم العقلي والجسمي. وإيجاد المناخ العلمي في المنزل وتوفير متطلبات الطفل. ولابد من تشجيع الأبناء على الإبداع وفق قدراتهم وميولهم وإمكاناتهم دون ضغوط. وتنمية الثقة بالنفس لديهم وتشجيعهم على المثابرة، والرفع من معنوياتهم، وتعزيز شعورهم الإيجابي نحو ذاتهم. فقد كشفت الدراسات أن الشعور بالدونية أحد الأسباب التي تعوق تقدم الموهوبين والمتفوقين عقلياً.

كيف نستطيع تشجيع الموهوب؟

بالنسبة لجميع المواهب، علينا توفير الكتب والمجلات المفيدة والمتخصصة في تلك الموهبة، فضلاً عن الألعاب الهادفة، وأشرطة الحاسب الآلي التي تتيح للطفل ممارسة هواياته وميوله وتساعده على التعبير عن قدراته ومواهبه التي لا تستجيب لها برامج المدرسة العادية. والإبداع هو مزيج من الخيال العلمي المرن لتطوير فكرة قديمة أو لإيجاد فكرة جديدة، والطفل المبدع هو الطفل الذي يكون لديه حب الاستطلاع والرغبة في معرفة واستكشاف العالم المحيط به، وطرح الأسئلة لمعرفة كل ما هو مجهول أو معروف بالنسبة له. وتعتبر السنوات المبكرة في حياة الطفل، الأساس في تشكيل شخصيته وتفكيره الإبداعي عن طريق التعرف على ما يمتلك من قدرات وتوظيفها مستقبلاً في أعمال وأفكار مبدعة. وهذه مسؤولية الأسرة والمدرسة والبيئة، فهؤلاء يلعبون دوراً كبيراً في تنمية قدرات الطفل الإبداعية لبناء شخصية قادرة على إبداع الحياة في صورها المتطورة بشكل دائم. واختتمت الباحثة امتثال الحمادي: إن خلق روح الإبداع عند الأطفال مسؤوليتنا جميعاً، وعلينا أن نتعاون لتكوين أطفال مبدعين في المستقبل، ليكونوا لبنة أساسية في بناء المجتمع المتطور والمتقدم.

Email