دراسة المؤشرات والعوامل المسببة (2-2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

استكمالاً للدراسة التي أجرتها الباحثة نهيل صوان، نسلط في الجزء الثاني والأخير منها، الضوء على جانب آخر مهــــم من العملية التعليمية والتربوية، ونتطرق هنا إلى معاناة المعلمين من وجود عدد لا بأس به من الطلبة الذين يمتلكون مهارات عالية، لكنهم يفشلون دراسياً. ولا تتوقف الآثار السلبية لضعف الثقة بالنفس عند التعثر أو الفشل الدراسي التام وحسب، وإنما تمتد لتطال المجتمع بأسره.

وتتجلى آثار ضعف الثقة بالنفس، بأن هذا الشعور يؤثر سلباً على القوى العقلية للأطفال. ويؤدي إلى التعثر الدراسي، ثم الانسحاب المبكر من المدرسة، وعدم التمكن من الالتحاق بالتعليم الجامعي. كما يتسبب في التوجه الإجرامي والانحراف السلوكي. ويحدث المشكلات العائلية والتفكك الأسري. وضعف الثقة بالنفس؛ من أقوى عوامل الفشل في تأسيس أسرة وحياة مستقلة، وهو ما يسمى الانسحاب الاجتماعي.

وتتفاوت درجات ضعف الثقة بين الطلبة، فقد يصل البعض إلى وظائف جيدة، لكنهم يظلون من ذلك النوع الذي يركز على سرقة نجاحات الآخرين، ومحاولة تحطيم كل من يعتقد أنه يمتلك إمكانات تهدد وجوده، بدلاً من التركيز على تطوير نفسه والثقة بما يمتلكه من مهارات.

استراتيجيات التغلب على ضعف الثقة بالنفس

تنمية الوازع الديني والثقة المطلقة بالله تعالى.

تنمية القدرات والتدريب على اكتشاف مكامن القوة.

التحدث إلى الشخص بإيجابية، وتدريبه على استخدام قاموس الألفاظ الإيجابية عند حديثه عن نفسه.

التركيز على الإيجابيات التي يمتلكها.

إشراكه في تجارب تتضمن تحديات، وتركه يجرب بنفسه، مع ترك مساحة حرية لارتكاب الأخطاء بعيداً عن النقد أو التوجيه أو المحاسبة.

تدريبه على كيفية الدفاع عن نفسه أمام من قد يسيئون إليه، من الأشقاء أو الأقارب أو الزملاء أو المعلمين.

تدريبه على تمارين التنفس العميق والعدل بين الأبناء، أو بين الطلاب في الصف الواحد.

الاحتفاء بالإنجازات، مهما كانت متواضعة.

ممارسة لعبة «الدور المعكوس» معه، وذلك في البيت، إذ يمكن أن يكون مرة هو الأب أو الأم ويأخذ الآباء دوره كطفل، وفي المدرسة يكون مرة معلماً والمعلم طالباً.

إشراكه في نوادٍ وأنشطة رياضية، إن كانت حالته الصحية تسمح بذلك، دون الإصرار والمحاسبة القاسية على مدى تحقيقه للإنجازات.

يتضح مما سبق أن الطفل الواثق أو ضعيف الثقة في النفس، هو نتاج تربية تبدأ في البيت، وهذا البيت هو المسؤول الأول، يليه المدرسة، وهي بيت ثان يقضي فيه الطفل نصف نهاره، ثم مؤسسات المجتمع المحلي. ولكل من هذه المؤسسات دور، لو قامت به لتمتع المجتمع بأكمله بأفراد أسوياء، منتجين وفاعلين.

يقول براين تريسي «الثقة بالنفس عادة يمكنك تنميتها عبر التصرف، كما لو كنت بالفعل تملك الثقة التي ترغب في الحصول عليها». لذا فليس مستحيلاً أن تتضافر جهودنا لإكساب أطفالنا هذه الثقة، كواحدة من أهم المهارات الحياتية، وذلك عندما يقوم البيت بدوره، كونه الحاضن الأول الذي يجب أن يوفر الحب والحنان، والعدل والأمان.

وحسب تقدير علماء الاجتماع، فقد وُضع الأمان أعلى قائمة احتياجات الإنسان، يليه دور البيت ودور المدرسة التي يجب أن توفر العدل والأمن ومراعاة الفروق الفردية وكشف التميز ورعاية الاحتياجات. وتكتمل الدائرة بدور مؤسسات المجتمع المحلي التي من واجبها تأمين الأمان والرعاية الصحية وفرص العمل ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء كانوا معاقين أو مبدعين.

Email