«التنمر».. حكم القوي على الضعيف في المجتمع المدرسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيرة هي الظواهر والسلبيات التي تشغل بال المهتمين بالعملية التربوية، والتي يحاولون بشتى الطرق علاجها وإيجاد الحلول للقضاء عليها.

وتعد ظاهرة «التنمر» إحدى تلك الظواهر، بوصفها من المشكلات التي بات العديد من الدول في العالم يعاني من ويلاتها، إذ تلقى هذه الظاهرة اهتماماً غير عادي من المعنيين بقضايا ومشكلات التربية والتعليم، باعتبارها سبباً مهماً ومؤثراً في تعثر الكثير من الطلبة دراسياً، إلى الحد الذي يدفع فيه بعضهم إلى كُره الدراسة وترك الكلية، بعد أن أصبح التنمر اليوم مشكلة شائعة وخطيرة في بعض المدارس. الأبحاث تؤكد مدى الآثار السلبية التي تبقى في ذاكرة الطفل، وتؤثر في صحته النفسية على المدى البعيد، نتيجة تعرضه للتنمر.

وتشير الأرقام إلى تعرض نصف الأطفال في مرحلة ما من حياتهم المدرسية للتنمر، وغالباً ما يخفي الأطفال عن الأهل معاناتهم، بسبب شعورهم بالخجل، ولأنهم لا يريدون أن يوصفوا بالضعف.«التنمر» يعرفه المتخصصون الغربيون الذين سبقونا برصد هذه الظاهرة في بلدانهم، بأنه «ذلك السلوك العدواني المتكرر الذي يهدف إلى إيذاء شخص آخر جسدياً أو معنوياً من قِبل شخص واحد أو عدة أشخاص.

وذلك بالقول أو الفعل للسيطرة على الضحية وإذلالها ونيل مكتسبات غير شرعية منها».والتنمر يتخذ أشكالاً متعددة، فتارة يكون ناعماً ونفسياً (مثل نشر الشائعات عن شخص ما أو استبعاده)، وقد يكون لفظياً (توجيه التهديدات لشخص ما أو تحقيره)، أو جسدياً (ضرب شخص ما بالحائط). ومع انتشار وسائط الإعلام الإلكترونية فإن أنواعاً جديدة من أعمال الترهيب أخذت تنتشر أيضاً، وهي تندرج ضمن خانة «التنمر الإلكتروني».

ومهما كان شكل التنمر، فإنه يشتمل على عدد من الخصائص الجوهرية: فهو موجه لإلحاق الأذى بشخص آخر، ويظهر عادة بشكل متكرر، ويحدث بين شخص قوي يهاجم شخصاً آخر أضعف منه (سواء من الناحية البدنية أو النفسية أو كليهما). ويكون التنمر بين الذكور عادة جسدياً (مثل صفع شخص آخر)، أما بين الإناث، فإنه ينحو باتجاه الأفعال غير المباشرة (مثل نشر الشائعات).

 البدانة تجلب التنمر

اكتشف باحثون أميركيون، أن الأطفال البدناء في مرحلة التعليم الابتدائية أكثر عرضة للتنمر من زملائهم الأكثر نحافة بنسبة 63٪، وقالت المعدة الرئيسية للدراسة الدكتورة جولي لومنغ، من مستشفى الأطفال في جامعة «ميتشيغن» وزملاؤها، إن 17٪ من الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين ست و11 سنة يعانون البدانة في الولايات المتحدة. وشملت الدراسة 821 طفلاً، تم التدقيق فيما إن كانوا قد تعرضوا للتنمر، بناءً على شهادات من الولد وأمه ومعلمه.

 أوباما يتصدى للظاهرة

حرص الرئيس الأميركي باراك أوباما على الظهور في فيلم وثائقي لشبكة (كارتون نتورك) التلفزيونية، وذلك لتشجيع أطفال المدارس الذين يتعرضون للترهيب من زملائهم، على المجاهرة بشكواهم، وهو يقول: «إنه كأب لفتاتين يشعر بقلق بالغ بشأن هذا الأمر».

 أسباب التنمر

 حددت الأبحاث أسباباً تجعل بعض الأطفال أكثر عرضة للتنمر من غيرهم، فالمتنمرون يبحثون دائماً عن الأهداف السهلة، وخصوصاً الأطفال السلبيين والضعفاء، كالمنعزلين اجتماعياً، وأصحاب البنية الجسمانية الضعيفة، والذين لا يمارسون الرياضة، وكذلك الأطفال الذين يبكون بسهولة ويسهل استفزازهم.

كيف نمنع التنمر؟

 هناك طرق عدة لمنع التنمر، منها الإجراءات التالية:

اسأل الطفل سؤالاً مباشراً حول تعرضه للتنمر.

علّم الطفل الثقة بالنفس، والمرونة، وكيفية تطوير مهاراته الاجتماعية، ليقلل من كونه هدفاً سهلاً للمتنمرين.

ساعد الطفل على الاشتراك في نشاطات المدرسة، لمساعدته على زيادة تقديره لذاته مثل: الرياضة، أو الموسيقى.

إذا تعرض طفلك للتنمر؛ قيّم الوضع بسرعة وهدوء. اجمع المعلومات عن الوضع، واتخذ الإجراء المناسب، فالأطفال يحتاجون لمعرفة أنك تأخذ الأمور على محمل الجد، وستساعد في الحد من معاناتهم.

علم الطفل مهارات الأمان عندما يتعرض للتنمر، بما في ذلك اللجوء إلى طلب المساعدة من المعنيين مثل: المدير والمرشد التربوي، وعلى كيفية أن يكون حازماً، واستعمال المرح والأساليب الدبلوماسية المناسبة للتخلص من الأوضاع الحرجة، مثل الموافقة على التهكم ومسايرته.

 أماكن حدوث التنمر

 يحدث التنمر في جميع مرافق المدرسة مثل: الصفوف، والحمامات، والممرات، والكافيتيريا، والملاعب، وحافلة المدرسـة، أو أثناء المشي من أو إلى المدرسـة. وهو يتزايد هذه الأيام عبر الإنترنـت، فيسـتعمل الطلاب صفحات خاصة على الإنترنت أو البريد الإلكتروني أو غرف الدردشة لنشر الإشاعات والصور المسـيئة للتهديد والتخويف. ويقع الأولاد والبنات ضحية التنمر بنسب متقاربة، ويتعرض الأطفال الأصغر سناً للتنمر، أكثر من الأطفال الأكبر سناً.

 عملية تجميل تجنب «التنمر»

 للابتعاد عن إزعاج «المتنمرين» لطفلتها البالغة من العمر 7 سنوات، قبلت أم أميركية أن تجري عملية جراحية تجميلية، لإذني ابنتها الكبيرتين، وذلك رغبة من الطفلة في ألا تتعرض للتنمر والسخرية من قبل زملائها في المدرسة أينما ذهبت، على شكل أذنيها.

ووافقت الأم على ذلك، بهدف حماية ابنتها من هذه السخرية، وبقصد تمهيد حياة أفضل لابنتها، وتوفير بيئة أجمل لها، ولكي لا تتأثر ابنتها من هذا التنمر، وحتى تحافظ على تقديرها الذاتي، وشخصيتها القوية.

Email