الطفل المعاق يدفع الثمن مــــــــــــرتين بفعل خجل الأسرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تؤكد دراسات اجتماعية عدة، أن مسألة عزل الطفل داخل مؤسسة داخلية أو داخل أسرته، وإنكار إعاقته، إنما هو مظهر من مظاهر ضغط البيئة الاجتماعية على سلوكيات أسر المعوقين، والرغبة في إخفاء الإعاقة والابن معاً، حيث تعكس سلوكيات الأسرة طبيعة النظرة المجتمعية للإعاقة العقلية؛ مما ينعكس سلباً على الأسرة، التي تعتبر ابنها وصمة اجتماعية لا تتناسب مع مركزها الاجتماعي ومكانتها.

حيث توجد نظرة سلبية من المجتمع لهذا النوع من أنواع الإعاقات؛ مما يسبب للأسرة حرجاً اجتماعياً، ولعل التفسير المناسب لهذه النظرة السلبية للمعاق هو انعدام الوعي الاجتماعي والثقافي والصحي حول طبيعة الإعاقة وأسبابها، والخصائص العلمية للمعاقين عقلياً.

أسر كثيرة لديها أطفال من ذوي الإعاقات، لا تسمح لهم بالخروج أو بمغادرة المنزل، وهي تشعر بخجل وتتجنب الحديث عنهم وعن حالتهم. بل تحاول إخفاءهم عن أعين الجيران بقدر الإمكان. ونتيجة لهذا فالقليل منهم من يخرج إلى الشارع مما يؤدي بهم لأن يكونوا محط أنظار جميع من في الشارع نتيجة للفضول والشعور بالشفقة على الطفل.

وهو ما لا يحبه الطفل المعاق نفسه، كما أن هناك معتقدات سلبية سائدة تؤيد فكرة العزل، بأن المكان المناسب لمثل هؤلاء الأطفال هو مؤسسات إيواء خاصة بالأطفال المعاقين ومن الأفضل لهم أن يقيموا فيها إقامة كاملة، وعلى الأهالي أن لا يسمحوا لهم بالخروج إلى الشارع وحدهم، حيث من المفضل بقاؤهم في المنزل.. كل هذه العوامل تدفع الأسر إلى التقليل أو منع خروج أطفالهم المعاقين إلى الشارع.

 

صدمة الأهل

من الملاحظ أن ردود فعل الأسرة نحو طفلها المعاق، تبدأ من فترة الحمل وقبل خروج الطفل إلى النور، حيث تسيطر على الأم المخاوف والشكوك بمجرد إخبارها أن ابنها الذي تحمله معاقاً، فتتحسب لمواجهة مشكلات أثناء الولادة، وتتخوف فيما إذا ستكون الولادة طبيعية أم لا، وتزداد مخاوف الأم إذا كانت قد تعرضت لخبرات سابقة، وبشكل عام تمر ردود فعل الأسرة تجاه طفلها المعاق بعدة مراحل، أهمها:

صدمة الوالدين من جراء وجود طفل معاق في الأسرة، حيث الإرباك والقلق، والتعبير عن الصدمة بعبارات عدم التصديق وعدم معرفة كيفية التصرف في مثل هذا الموقف.

نكران وجود إعاقة عند ابنهم حيث يعزون الأمر لخلل في عملية التشخيص، ويبحثون خلال هذه الفترة عن مصادر أخرى تثلج صدورهم وتنفي لهم حقيقة أن ابنهم معاق، وفي هذه المرحلة ينظر الأهل إلى أنماط السلوك الإيجابية عند الطفل ويبالغون في تقييمها، ويتجاهلون أنماط السلوك السلبية كنوع من الهروب من حقيقة إعاقة ابنهم.

شعور الزوجين بالذنب تجاه طفلهما، لأنهما لم يتخذا الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع حدوث الإعاقة، وقد يلوم كل طرف الآخر ويحمله مسؤولية التسبب في هذه الإعاقة.

 

ترتيب المسؤوليات

من أجل مواجهة هذه الضغوط، والتخفيف من حدتها قبل تفاقمها، يمكن للأسرة أن تسترشد بالنقاط التالية:

 

1. تقبل النتائج التي صدرت عن مختص مؤهل في هذا الجانب، واتباع إرشاداته، من أجل المسارعة في تقديم البرامج التربوية والعلاجية للطفل في الوقت المناسب، والتفكير في إيجاد حلول عملية للمشكلة بدلاً من لوم الذات أو الآخرين.

 

2. عدم الخجل من وجود طفل معاق في الأسرة، لأن ذلك قضاء وقدر من الله سبحانه وتعالى، ويجب أن نقبل به، وإن كتمان هذا الأمر سيدخل الأسرة في عزلة عن محيطها الاجتماعي، وسيفوّت عليها الاستفادة من الكثير من الفرص التي يحتاجها أفرادها للتعايش والتواصل السليم الذي تفرضه علينا طبيعتنا البشرية، حيث أثبتت الخبرة العملية أن فترة الكتمان لن تطول مهما حاولت الأسرة ذلك.

 

3. ترتيب مسؤوليات رعاية وتربية الطفل المعاق بين الوالدين والأخوة، وعدم إلقاء الحمل على الأم وحدها، حيث أن المعاق بحاجة لمشاركة كل أفراد الأسرة صغاراً وكباراً في البرامج المقدمة له ليشعر بالدمج الكامل.

 

4. ضرورة تواصل الأسرة مع المؤسسة التي تقدم خدماتها لذوي الاحتياجات الخاصة، والانضمام إلى مجموعات الدعم الذاتي، والتعرف على تجارب الآخرين والاستفادة منها، والحصول على المساندة النفسية والاجتماعية من الأسر الأخرى.

 

5. الإيمان بقدرات الشخص المعاق وتقبله كما هو، والأمل بإمكانية تطور قدراته على أن تبقى التوقعات ضمن حدود الواقع وليست خارقة للعادة، وعدم اللجوء إلى أي وسائل غير علمية من أجل العلاج.

 

6. استمرار الحصول على المعرفة من أصحابها ومصادرها المتنوعة، وسعة الاطلاع حول المستجدات العلمية ذات العلاقة بحالة الطفل.

Email