الاختصاصي الاجتماعي

راشد النعيمي: مشكلات الشباب.. خطر كبير يهدد أمن وسلامة المجتمع

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يختلف اثنان على أن لكل مرحلة عمرية طبيعتها وخصوصيتها. بيد أننا كلما اقتربنا من مرحلة المراهقة والشباب، تتسع دائرة الخصوصية، لنصبح أمام العديد من الممارسات التي قد تخرج أحياناً عن السيطرة، وتقود أصحابها إلى طريق اللاعودة! لكن الأمر لم يعد قاصراً، من حيث المسؤولية على المراهق أو الشاب وحده، إنما هي مجموعة من العوامل لابد أن نتوقف أمامها ملياً.

بحسب ما يرى راشد علي النعيمي الاختصاصي الاجتماعي بمدرسة محمد بن حمد الشرقي للتعليم الثانوي بمنطقة الفجيرة التعليمية، فإن علينا جميعاً إعادة النظر في سياسة تعاملنا مع الأبناء، بما يتوافق مع المتغيرات الحالية وعصر العولمة. ومعه كان هذا اللقاء.

 هناك الكثير من المظاهر السلوكية السلبية التي بدأت تظهر، وبشكل واضح أخيراً، عند فئة الشباب، فما رأيك؟

من الطبيعي أن توجد بعض الممارسات السلوكية السلبية داخل المدارس، وهي تختلف بحسب المرحلة العمرية، وتباين الثقافات والبيئات، وغالباً ما تكون إما لضعف الرقابة الأسرية على الأبناء أو بسبب التقليد الأعمى للظواهر والممارسات الوافدة إلينا، والتي بدأت تظهر في مجتمعاتنا أخيراً، فضلاً عن قلة وعي بعض أولياء الأمور بطبيعة العصر الذي نعيشه ولغة الحوار مع الأبناء وضعف المردود التوعوي الذي يجب أن يُوجه إلى الشباب بما يتفق مع عقلياتهم واهتماماتهم.

بحكم عملك مع فئة الشباب داخل المدرسة، ما أبرز الممارسات التي لابد من التوقف عندها ومواجهتها؟

التعامل مع مرحلة الشباب، أو ما يُعرف بالمراهقة، يحتاج منا إلى الكثير من الخبرة والحكمة، لذلك لابد لنا من رصد مستمر لسلوكياتهم، لإمكانية التدخل السريع والمباشر عند اللزوم. ولعل من أبرز الممارسات السلبية التي نعمل باستمرار على معالجتها بالتواصل مع أولياء الأمور: مشكلة التدخين، فهي المشكلة الرئيسة التي تواجه معظم مدارس الدولة.

كما توجد أيضاً، ظاهرة التشبه ببعض الصرعات الغربية من أزياء، وقصات شعر غريبة. والأمر المقلق حقاً رفاق السوء، وما تفرزه الشللية من سلوكيات سلبية خارجة على السياق، ولا تمت لحرمة المدارس بصلة، مثل العنف المفرط، واستخدام الأسلحة البيضاء عند حدوث مشكلات بين الشباب، وكلها، سواء كانت تحدث داخل أسوار المدرسة، أو خارجها، تُمثل خطراً كبيراً يهدد أمن وسلامة المجتمع.

هل مطلوب إعادة النظر في سياسة تعاملنا مع الأبناء، بما يتوافق مع المتغيرات الحالية، وعصر العولمة، وكيف؟

نعم، مطلوب إعادة النظر في تعاملنا مع الأبناء، وتفهم توجهاتهم واحتياجاتهم وفق المتغيرات الحديثة. لابد من فتح حوار هادئ ومتوازن وقادر على استيعاب ما في داخلهم، ولابد من وجود جلسات الصداقة والتفاهم والتحاور بين الآباء والأبناء. وإدراك أن أبناء اليوم أكثر اطلاعاً، وأكثر ملاحقة وتعلقاً بالتكنولوجيا، لذا يجب التعامل معهم بفكر متزن للوصول إلى جيل مثقف واع بمخاطر العصر.

بالنسبة لعملك مع الطلبة، كيف تستطيع احتواء الطلبة وفهم مشكلاتهم؟

الاختصاصي الاجتماعي لابد أن تكون لديه معرفة كاملة بهموم طلابه، وطبيعة المرحلة العمرية، وما ترتبط بها من تحديات وتغيرات سلوكية، وأن يتفهم الحالات المختلفة التي قد يمرون بها، وعليه أن يبحث في أسبابها، بالتواصل الإيجابي مع الطلاب، والتعرف إليهم عن قرب، ورصد المشكلات التي قد تواجههم، ويبادر إلى مساعدتهم على تجاوزها وحلها.

وهل طبيعة عملك تتطلب منك التدخل لحل مشكلة طالب؟

يُمكن للاختصاصي أن يتدخل لحل المشكلة التي قد تعيق الطالب، سواء مع إدارة المدرسة أو مع المعلمين، بل إن مهمته قد تمتد حتى إلى الأهل، كون الاختصاصي، هو الشخص الأقرب، والأكثر فهماً لنفسية الطالب، فضلاً عن الثقة التي يتمتع بها لديه. وعندما يكسب الاختصاصي ثقة طلابه، يستطيع بسهولة توجيههم، ونصحهم، وبالتالي ينجح في علاج مشكلاتهم.

ننتظر الترقية.. وعملنا لا يقل أهمية عن مهنة التدريس

 ما أهم المشكلات الأسرية التي رصدتها والتي أثرت على الأبناء؟

من خلال متابعاتنا للعديد من الحالات السلوكية لدى بعض الطلبة، وجدنا أن أغلبهم ضحايا للمشكلات الأسرية مثل: غياب الأب عن الأسرة، وطلاق الزوجين، وبالتالي تشتت الأبناء وضياعهم، وعدم وجود متابعة من قبل الأهل لعلاقات أبنائهم خارج محيط الأسرة.

والعنف الأسري. والإدمان وزواج الأب أو الأم من آخر وضياع الأبناء بينهما. وافتقاد لغة الحوار الإيجابي بين الأهل والأبناء. وأخيراً، مخاطر تواصل الأبناء مع المواقع والمنتديات الإلكترونية من دون إشراف أو توجيه أسري.

وما الحل، من وجهة نظرك؟

الحل يكمن في بناء جسور من الحوار والثقة المتبادلة بين البيت، المدرسة. وليس عيباً أن تُطلِع الأسرة الاختصاصي الاجتماعي على مشكلة الابن، وتطلب منه المساعدة في تقويم سلوكه. وإذا كانت الظروف المادية صعبة لدى البعض، فلا حرج من اللجوء إلى إدارة المدرسة، بشكل ودي، وستقوم بتوفير الدعم اللازم من خلال إحدى المؤسسات الخيرية.

يُرجح الأهالي، أن أهم أسباب هروب الطلبة من المدارس، توافر أماكن الترفيه والمقاهي بكثرة، ما رأيكم؟

لا ننكر هذا، لكننا نعتب في المقام الأول على بعض الأسر، التي تكون السبب المباشر في انحراف الأبناء، إذ نجد ضعفاً في الجانب التربوي تجاه الأبناء، بفعل الدلال الزائد وإعطاء الأبناء المال بلا حساب. فالابن هنا من الطبيعي أن يرتاد أماكن كثيرة، وقد يلجا إلى أماكن غاية في الخطورة لأنه يعلم بوجوده بعيداً عن الأعين.

الشللية في المدارس، بوابة سلبية وبؤرة لأصدقاء السوء، كيف يُمكن مواجهتها وتوعية الأبناء منها؟

لا أعتقد أن الشللية تكون واضحة داخل أسوار المدارس، فالطلبة يدركون تماماً أنهم تحت إشراف إدارة المدرسة، وتحكمهم لوائح سلوكية. إنما هي تبرز بشكل واضح وصريح، خارج نطاق المدرسة، خاصة عند ارتياد الطلبة لأماكن البعيدة عن أعين الرقابة. وقد يلتقون مع مجموعة أخرى، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية.

ونحن كأسرة تربوية، نُعول على الدور الكبير للمدرسة في توعية الطلبة، وتوجيههم إلى الصحبة الطيبة، والرفقة الحميدة. كما لابد أن تقوم كل الفعاليات المجتمعية بدورها في نشر الثقافة القيمية والأخلاقية، وتعزيز رسالة أولياء الأمور في متابعة أبنائهم، والتصدي لمثل هذه الأمور التي غالباً ما تؤدي نهايتها إلى تهديد أمن الأسرة كلها، والزج بهم في أقسام الشرطة وأروقة المحاكم.

أنت ضد التشدد مع الأبناء، والدلال الزائد أيضاً، إذاً كيف نحقق التوازن المطلوب في شخصية الطالب؟

يجب علينا أن نكون وسطيين، فنحن لن نتمكن من تجاهل، أو الوقوف في وجه المتغيرات الحديثة، من تقنيات وإلكترونيات وأجهزة اتصالات متطورة، فكلها يتغير كل يوم، لكننا نستطيع تثقيف أبنائنا، وتوعيتهم بالجوانب السلبية قبل الإيجابية في هذه التقنيات.

ومن المهم جداً أن نغرس فيهم تعاليم ديننا الحنيف، والبعد عن كل ما يؤدي إلى الوقوع في المشاكل. وعلينا ترغيب الأبناء في أعمال الخير، والعبادات والطاعات ليميزوا الصواب من الخطأ، وأن نعزز من علاقاتهم بأولياء أمورهم، فهم الأمن والأمان، لهم ولمستقبلهم.

يعاني الاختصاصي الاجتماعي ضغوطات مختلفة في محيط العمل، هل لك أن تحدد بعضها؟

نعم، توجد ضغوطات مختلفة، نذكر منها طبيعة المهنة ذاتها، لاسيما مع العمل في محيط الشباب ومشكلاتهم. هناك أيضاً، أعباء العمل الميداني، فيما لا نزال ننتظر دورنا في الترقي، والذي تأخر كثيراً، مع العلم بأن عملنا يتطلب عملا شاقاً، ولا يقل في أهميته عن مهنة التدريس. أيضاً، نحن الاختصاصيين، حُرمنا في الفترة الماضية من الترقي إلى وظيفة مساعد مدير ومدير مدرسة، الأمر الذي أبعد الكثيرين عن العمل المدرسي.

 اللوم على المدرسة

عن دور الأهل في تربية الأبناء، يقول راشد النعيمي: للأسف دور الأهل في التربية تضاءل وانكمش عما كان عليه سابقاً. وأصبح الوالدان يتّكلان على المدرسة غالباً في الشقين: التربية والتعليم، وكأنهم في وادٍ والأبناء في وادٍ آخر. وصرنا نرى في بعض الحالات أن الأهل لا يعرفون اسم مدرسة ابنهم، ولا حتى السنة الدراسية التي يدرس فيها، وتجدهم عند استدعائهم إلى المدرسة، بسبب حدوث مشكلة ما من ابنهم، يُلقون اللوم على المدرسة التي يرونها من وجهة نظرهم، غير قادرة على تربية طلبتها!

مشكلات حساسة

 يرى راشد النعيمي أنه لكي ننجح في التعامل مع الطلبة ممن يعانون من مشكلات اجتماعية حساسة، علينا أولاً أن نفهم نفسية وطبيعة الطالب، ثم نسعى إلى كسب صداقته واستمالته إلينا، ونبدأ خطوة بخطوة في دمجه ببيئة المدرسة، وتحفيزه على المشاركة في الأنشطة الطلابية المتنوعة، ثم نعطيه دوراً قيادياً يكون مسؤولاً فيه عن مسألة معينة، أو مشروع صغير مع عدد من الطلاب الجيدين، وعلينا أيضاً أن نهيئ له الفرص لاستغلال طاقته واستثمار موهبته سواء في عمل فني أو من خلال عمل حرفي حتى يشعر بقيمته، ويبدأ في التوازن نفسياً.

Email