الذكاء الشعوري والاجتماعي
«أصعب شيء في الحياة أن تعرف نفسك»، طاليس. «اعرف نفسك»، سقراط. «من الحكمة أن تعرف الآخرين. ومن التنوير أن تعرف نفسك»، لاو تزو. «معرفة نفسك هي أولى أولوياتك»، مفكر آخر.
حينما سُئل أعضاء المجلس الاستشاري الخمسة وسبعون، لجامعة ستانفورد، من قبل خريجي إدارة الأعمال، عن السمة الأكثر أهمية الواجب على القائد تنميتها، أجمعوا على معرفة الذات Self-Awareness. وأكدت الرئيس التنفيذي لـ «بيغ برازيرز وبيغ سيسترز»، جودي فريدينبورغ، هذه الفكرة حين قالت:
«وجود الوعي الذاتي المبكر في الحياة مهم جداً. ويحتاج الناشئ إلى أن يفهم الثقافات التي يزدهر فيها، والأدوار التي يستمتع بلعبها، والقوى الطبيعية التي يختزنها، والاهتمامات التي يرغب فيها، ثم يضع نفسه في المكان المناسب لكي يبدع وينطلق نحو آفاق لا حدود لها، ويستخدم قدراته في حدودها القصوى»
.
وهذا تحديداً أول وأهم مهمة يقوم به برنامج تنمية القادة الشباب، وهذه المرحلة هي الأولى والأهم من المراحل الأربع لتنمية الذكاء الشعوري والاجتماعي Social & Emotional Intelligence، والذي يختص البرنامج فيه.
. ونظراً لأهمية هذه المرحلة «معرفة الذات» سأتولى شرحها بقليل من التفصيل وتقسيمها على أعداد متتالية قبل أن أنتقل إلى المراحل الثلاث الأخرى من مراحل الذكاء الشعوري والاجتماعي.
وهي: (إدارة الذات، ومعرفة المجتمع، وإدارة العلاقات والصراعات)، إذ إن معرفة الذات ليست بالمهمة البسيطة حيث إننا نميل إلى مقاومتها ولا تأتي رؤيتنا لعالمنا الداخلي بشكل تلقائي، كما هو الحال بالنسبة لقدرتنا الطبيعية لإدراك عالمنا الخارجي. جزء من المشكلة أنه لدينا الميل لخداع أنفسنا، أو ما أسميه «العمى المتعمد»
. كيف يمكنك تعيين الأهداف، والانطلاق بثقة نحو الحياة، إذا كنت لا تعرف من أنت أو ماذا تريد؟ عدم معرفة الذات يؤدي إلى الارتباك وإضاعة الكثير من الوقت
. تمر الأيام على كثير منا في ردود فعل على الأحداث التي تحصل حولنا، بدلاً من اتخاذ خيارات واعية تستند إلى (من نحن وماذا نريد؟). حينما لا نعرف من نحن وماذا نريد، يصعب تعيين الأهداف والحصول على الدوافع وتحديد أفضل مسارات للعمل
. الذين يعرفون أنفسهم يعيشون حياة مليئة بالسعادة والأمل والانتاجية، ويخوضون التحديات دون خوف ولا تردد، وهم أكثر صلابة وتصميماً لبلوغ أهدافهم مهما كلفهم ذلك من تضحيات. فهل تعرف نفسك؟ وهل تعرف الوسائل والأساليب للبدء بالتعرف عليها؟ وهل تعرف كيف تستفيد من هذه المعرفة؟.. تساؤلات كثيرة سأجيب عليها إن شاء الله في أعداد لاحقة.