لماذا نتعلم؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لن أقول «اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد»، ولن أتحدث عن ما جاء في كتاب المولى عز وجل، وفي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، من تأكيد واهتمام بالعلم والتعليم، ولكنني سأشرح ببساطة أهمية جانبية للتعليم، نلمسها جميعاً ونحن نعيش أيامنا ببساطتها وروتينها التقليدي.

التعليم اليوم لم يعد وجاهة أو «برستيج»، أو حتى مجرد سلوك معتاد لا بد أن نعيشه وحسب، إنما هو حاجة بشرية لعيش حياة طبيعية، إنه غذاء الحياة إن جاز التعبير، إنه الوقود الذي نسير به في دروب العيش المتشعبة، إنه أسمى ما يملكه الإنسان من خبرات للتعامل مع ما يصادفه من مواقف وعثرات.. إنه التعليم.

التعليم للحياة، مطلب نحيا جميعاً من أجله، ونلتحق بالمدارس والجامعات للوصول إليه، لا ليقال إن فلاناً تخرج من جامعة كذا، أو إن فلاناً حاز على درجة كذا، بل ليتمكن فلانٌ من تحقيق حياة متوازنة ومستقرة وملبية لبعض طموحات الإنسان العادي، ذلك هو تفسيري للتعليم.

التعليم من وجهة نظري، حاجة أخرى للروح والشخص والبيت والأسرة والأبناء والعائلة، تماماً كحاجة الجسد للغذاء، وبالتعليم فقط يمكن للإنسان أن يعيش بثقة الأمن والأمان، وأن ينهل من بستان هذه الحياة ما يحتاجه للمواصلة والعيش الكريم. ليس معنى ذلك أن المتعلمين فقط هم من يملكون مفاتيح هذه الحياة، فلكل قاعدة شواذ.

حاجتنا إلى التعليم في هذا الوقت بالتحديد، تبدو أكبر بكثير مما يعتقده البعض على مقاعد الدراسة، قد يتساءل أحدهم، لماذا أدرس الرياضيات وأخوض في معادلات الكيمياء والتفاعلات، وأتعمق في بحور الفيزياء، وصخور الجيولوجيا وخبايا الأحياء، وما إلى ذلك من التساؤلات القديمة الجديدة.. الجواب ببساطة: حتى نعرف من هذه الحياة ما يمكننا من الحياة!.

مطلوب منا جميعاً أن نتعلم وأن نحتك ونتقارب ونتناقش ونتعرف ونتعارف، وأن نسافر ونجرب ونقارن ونختار، مطلوب منا أيضاً أن نعرف من الرياضيات واللغة والفيزياء والتربية، وسوى ذلك، لأنها أساسيات نحيا بها ونعيش في هذه الحياة، التي تفرض علينا أن نكون عند حجم المسؤولية، فالتخصصات اليوم تفتح آفاقاً جديداً في الحياة، والأهم أن هذه العلوم والمعارف، تؤهلنا للتواصل مع المجتمع بثقة واقتدار، فكل يوم نحن نطبق ما تعلمناه في البيت والشارع والسيارة، وفي العمل والسفر، دون أن ندري أو نتمعن في ما نحن عليه.

أهمية التعليم لا تقف عند حد معين، ولا يمكن حصرها في مجال وحيد، إنما هي حكاية نواصل بها، فالتعليم اليوم هو أسلوب حياة، وهو الناظم لهذه الحياة، والمحدد لملامحنا اليوم وغداً.. إذاً نحن نتعلم لنعيش، وندرس لنمارس ونستفيد، ونناقش لنقدر على المواصلة في ظل هذا المجتمع العالمي الذي نتحرك خلاله.. التعليم يعني الحياة.

Email