قضية الإعراب..

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتكلم البعض في مجتمعنا اللغة الأجنبية ظناً منه بأنه يصبح أكثر رقياً وأعلى درجة إذا تحدث بها، وأنه من الحقارة بمكان استخدام اللغة العربية كلغة للتخاطب مع الناس، وهنا تطرح قضية رئيسة ومهمة في هذا المقام تتعلق بمستوى الوعي عند المجتمع الذي يهتم أكثر الاهتمام بالوجاهات والظهور الفارغ ونحر الذات!

 

وبسؤال الكثير من الطلبة عن سبب بعده، أو لو شئت قل كرهه للغة العربية، تجد الإجابة «بسبب الإعراب»، وتجده يسأل: لم إذاً ندرس الإعراب وماذا يفيدنا في حياتنا؟

 

وبالبحث عن سبب ضعفهم وإهمالهم للإعراب في حد ذاته، تبين أنه جاء نتيجة لانتقال الطالب من صف إلى آخر، فحينما يذهب للصف التالي يكون قد نسي ما درسه من قواعد في الصف السابق، ونتيجة للنسيان يصعب على الطالب كيفية الإعراب الصحيح والفهم للقواعد النحوية، إضافة إلى قلة التطبيقات الإعرابية التي يمارسها الطالب في الصف، فهي تعد سبباً آخر للضعف.

 

في الحقيقة، وجدنا السبب الحقيقي في ذلك يتمثل في أن اللغة العربية تتسم بكفايات وفروع كثيرة، منها شق الإعراب الذي لا يمثل من المنهج سوى 5% من العلامة الكلية، بينما الــ95% الأخرى ترتكز على بقية الكفايات مثل التعبير والإملاء وغيرها، فهذه العلامة الضئيلة المخصصة للإعراب جعلته ليس بالأهمية لدى الطالب كي يركز عليه رغم أهميته في الحياة العامة.

 

لقد نسي طلبتنا أو ربما لم ينم إلى علمهم أن الإعراب له وظيفة مهمة وأساسية في حياتنا ألا وهي فهم المعنى، وأن العملية ليست عملية تلقين بحتة يفرغها بعض المعلمين إلى الطلبة فتؤدي إلى النفور من اللغة لما يحويه التلقين من صعوبة في الفهم وإدراك الهدف. الإعراب أسمى من ذلك بكثير.

 

. فهو ضرورة ملحة ما دامت اللغة العربية الفصحى هي اللغة التي نزل بها كتاب الله عز وجل، وهي هويتنا التي تميزنا عن باقي الأمم. كما أنه وسيلة لإتقان باقي مهارات اللغة، إذ إن فهم اللغة يحتاج إلى فهم قواعدها التي تحكم نظامها وتعطيها الصيغة التي تؤيد بها المعنى المقصود.

 

وبالإعراب يتمكن الطلاب من القراءة السليمة والكتابة الصحيحة ويكتسبون به رياضة لغوية ذهنية تعتمد القياس منهجاً والتحليل أصولاً والاستنتاج تحقيقاً، فيتوافر بذلك حس لغوي يمكنهم من هضم اللغة واستيعابها والتعبير عنها والانطلاق منها.

 

وتظهر أهمية الإعراب في الإبانة عن المعاني، فهذا ابن فارس يقول في كتاب الصحابي: «من العلوم الجليلة التي حظيت بها العرب الإعراب، الذي هو أصل الكلام، ولولاه ما ميز الفاعل عن المفعول، ولا مضاف من منعوت، ولا تعجب من استفهام ولا نعت من تأكيد». .

 

إن من أبرز مواطن الضعف لدى الطلبة في الإعراب، صعوبة تمييز الاسم والمبتدأ والفاعل والمفعول به، حيث يجدون صعوبة في تمييز الكلمة ونوعها وحركتها منذ البداية، .

 

والسبب أن غالبية الطلاب لا يعتمدون على التفكير، وإنما على التخمين بصورة عامة، لعدم قدرتهم على التمكن من معرفة نوع الكلمة، لدرجة أن الصف الواحد بالمدرسة يندر فيه المتميزون في الإعراب، فقد لا يتجاوز من يجيد الإعراب سوى خمسة طلاب تقريباً في كل صف، لذا لا بد من توفير حلقات تقوية أو اتباع أسلوب المذكرات العلاجية في الصف للتصدي لهذه المشكلة. وختاماً إليك بعض التوصيات التي قد تقوي من فهمك للإعراب:

 

عليك أن تنظر في الكلام الذي تقرأه نظرة تفصيلية تُلم فيها بالمعنى المراد، فقد قالوا: الإعراب فرع المعنى، فإذا اعترضتك كلمة لم تفهم معناها فاسأل عنها جاراتها، فإن لم تجبك، فاستنبط معناها من فحوى الكلام وما يناسب المقام.

 

عليك أن تعنى بمعرفة الأخبار، فإذا رأيت ما يحتاج إلى خبر، كالمبتدأ وإن وأخواتها وكان وأخواتها، فاعرف أين خبره، وإذا رأيت ما يحتاج إلى جواب، كجواب الشرط والقسم، فاعرف أين جوابه، وعلامة كليهما أن يتم المعنى به.

لا تنتقل من إعراب كلمة إلى أخرى حتى تعرف ما تحتاج إليه الأولى. وحاول أن تتذوق جمال الألفاظ التي بين يديك، فقد يسهل عليك ذلك إعرابها.

Email