المدرسة للجميع

ت + ت - الحجم الطبيعي

في أحد اللقاءات التربوية التي تجمعنا بين فترة وأخرى مع الأخوة زملاء العمل، اتفق الجميع على أهمية دمج الطلبة أصحاب الإعاقات في المدارس وفي الفصول مع الطلبة غير المعاقين، لما لذلك الدمج من فوائد اجتماعية ونفسية وتعليمية، تعود على الطالب المعاق وعلى أسرته والمجتمع بشكل عام، وذلك لكون التعليم حقاً من حقوق الجميع، لابد للطفل من الحصول عليه، مهما كانت ظروفه الصحية والاجتماعية والاقتصادية.

من هنا برزت فلسفة الدمج، وجاء اهتمام حكومة دولة الإمارات بهذا الموضوع. وقد تضمن القانون الاتحادي الخاص بحقوق المعاق في الدولة بنداً خاصاً بأهمية المعاق في التعليم. وبالفعل قامت وزارة التربية ممثلة في إدارة التربية الخاصة بتبني مشروع دمج الطلبة المعاقين في مدارس الدولة وفق خطة زمنية مدروسة، وذات أهداف وبرامج معدة. وما لفت انتباهي في هذا اللقاء وجود بعض الإخوة الحاضرين من المؤيدين والمساندين لمشروع دمج المعاقين، يطالبون وبشدة عزل الطلبة المتفوقين والموهوبين في مدارس خاصة، وتخصيص مناهج وبرامج تعليمية خاصة بهم، بحجة أنهم طلبة في حاجة لمعاملة وأجواء تعليمية خاصة، تتناسب مع مستواهم الدراسي وطبيعة مواهبهم.

هنا تذكرت موضوع أخبرني به أحد الأصدقاء عن تنفيذ إحدى الدول مشروع حول إنشاء مدرسة خاصة بالطلبة المتفوقين دراسياً، يتم فيها قيد الطلبة الذين أحرزوا نتائج متقدمة في المرحلة الإعدادية، بحيث يتم التركيز عليهم، وتخصيص المعلمين أصحاب الكفاءة العالية لتدريسهم، بهدف إعدادهم لتحقيق المراكز والمعدلات المتميزة في نتائج الثانوية العامة، ومن ثم توزيعهم على التخصصات المختلفة في الجامعات.

عموماً لن نتحدث عن أهداف وأبعاد المشروع، فهذا ليس موضوعنا، إنما الذي يهمنا من هذا المشروع هو نتائجه. وحسب ما ذكر صاحب الرواية فإن أغرب ما ترتب على هذا المشروع أنه منذ أكثر من عشر سنوات لم يحقق خريجو الثانوية في هذه المدرسة أي مركز من المراكز العشرة لأوائل الطلبة في نتيجة الثانوية العامة في هذه الدولة. كما تطرق صاحب القصة أيضاً إلى جانب سلبي آخر لهذا المشروع، هو أن الطلبة الذين يلتحقون بهذه المدرسة بعد المرحلة الإعدادية، تتم متابعتهم وتقييم مستواهم الدراسي، لأن الطالب ينبغي ألا ينخفض معدله الدراسي عن نسبة معينة، فإن صادف لأحد الطلبة أنه لم يستطع الحفاظ على معدله الدراسي المرتفع، وانخفض مستواه إلى مستوى أدنى من المعدل المطلوب، حينذاك يتم إخراجه من المدرسة، وإلحاقه بمدرسة عادية، وما يترتب على ذلك من إحباط للطالب وما يصحبه من مشاعر استياء وشعور بالفشل وخوف من نظرة المجتمع السلبية له.

من هنا فإن مشروع الدمج والشعار الذي رفعته وزارة التربية والتعليم، وهو (المدرسة للجميع) يعد شعاراً تربوياً ناجحاً بكل المقاييس، ومن جميع الاتجاهات. فمن الطبيعي والمنطقي أن تضم المدرسة أو الفصل الدراسي على وجه الخصوص، بين جنباته طلبة مختلفين في قدراتهم و إمكاناتهم وطاقاتهم، ولكنهم متساوون ومتشابهون في الخدمات والظروف والبيئة التعليمية التي يتلقون تعليمهم من خلالها، مع وجود مشاريع وبرامج جاهزة متى ما تطلب الأمر لرعاية الطلبة من ذوي القدرات الخاصة.

 

رئيس قسم الأنشطة الطلابية والاحتياجات الخاصة بمنطقة الشارقة التعليمية

Email