الإسراف والتقليد وحب الظهور.. خطوات طفولية نحو مستقبل مجهول

المستلزمات المدرسية أشكال وألــوان والحقائب «ماركات»

ت + ت - الحجم الطبيعي

عام دراسي جديد، صاحبه استعداد ليس بجديد.. أولياء الأمور كثر ومستلزمات المدارس كثيرة ومتنوعة، فإلى أي حد يجد الآباء مشقة في تأمين ما يحلو لأبنائهم من أدوات واحتياجات في ظل مناسبات هي الأخرى تحتاج إلى المزيد.. «العلم اليوم» اقتطفت بعضاً من آراء أولياء الأمور حول استعدادهم للعام الحالي، وما يتطلبه الواقع من احتياجات، في ظل تناثر الأصناف والماركات فوق رفوف المكتبات، وما تحمله من رسومات وإيحاءات لا تليق بالفكر التربوي المجرد.

عبدالرحمن أحمد شيخ أحد هؤلاء الآباء، يؤكد أن المدارس هذا العام جاءت في فترة حرجة، فتوقيتها بعد مناسبتي شهر رمضان وعيد الفطر المبارك، ناهيك عن الارتفاع الحاصل في أسعار بعض المستلزمات الدراسية مقارنة بالأعوام السابقة، وهو ما يشكل عبئاً متراكماً على جيوب أولياء الأمور الذين يجدون أنفسهم في دوامة الدفع مرات ومرات إرضاءً لرغبات أبنائهم.

التفكير السلبي

ويرى أحمد الفلاسي أن أحد أسباب ارتفاع أسعار مستلزمات الدراسة، أنها تحمل رسومات لشخصيات مشهورة من الممثلين والمطربين الأجانب، وهذا أمرٌ مزعج، وإن كان لا بد من وضع رسومات على الحقائب والدفاتر والأقلام، فإنه من الأولى أن توضع صور من أرض الوطن مثل شعار الدولة، أو صور لمناطق الدولة ومعالمها القديمة والحديثة لتعريف الطلبة بها.

ويضيف محمد المزروعي أن بعض أولياء الأمور يشتري مستلزمات تزيد عن حاجة أبنائه، أو ربما يشتري ما لا حاجة لأبنائه فيه، وذلك بقصد أن يتميز أبناؤه عن الآخرين دون مراعاة من هم أقل منه دخلاً، وذلك ما يؤدي غالباً إلى استفزاز مشاعر الأطفال الآخرين، ودفعهم إلى التفكير السلبي بفعل الخجل والتردد ومحاولة التقليد والشعور بالنقص، مشيراً إلى أن هذا التصرف يعد تبذيراً ناهيك عن كونه إحراجاً لأسر أخرى، فالبعض لديه أكثر من خمسة أطفال في المدرسة، وبالتالي فإن شراء مستلزمات لهم ليس بالأمر السهل، وهنا لا بد من وجود وعي جماعي يحول دون المبالغة والمفاخرة في ما يحمله الصغار.

ثقافة المظهر

حول الآثار النفسية التي تخلفها مثل هذه التصرفات، تقول الدكتورة علياء إبراهيم المستشارة الأسرية وخبيرة التنمية البشرية: هناك حقيقة لا نستطيع أن ننكرها، ألا وهي أننا نعيش عصراً سيطرت عليه ثقافة المظهر التي طغت على الجوهر، وأفرزت لنا أنماطاً استهلاكية غير واعية، أصبحت تظهر بين فئة الأطفال والمراهقين والشباب الذين وقعوا في عصر العولمة والانفتاح في فخ الماركات العالمية، فالتباهي بشراء الماركات الشهيرة امتد إلى موسم المدارس، وأصبح الطفل أو المراهق فريسة سهلة لما تعرضه مكتبات لا هم لها سوى الكسب المادي، وكأن المدرسة جراء ذلك قد تحولت إلى ساحة للتميز والتفرد والتنافس على ماركة الحقيبة بدلاً من أن تكون مكاناً للتربية والتنافس العلمي.

حمى التنافس

وأكدت إبراهيم أن الطلبة يتفاوتون في المستويات الاقتصادية والاجتماعية، وحينما تتفشى مثل هذه الثقافة الشرائية، فالطفل الذي لا يملك المزيد من المال حتماً سيقع فريسة للمقارنة والإحساس بالعجز عن دخول دائرة التنافس، وربما شعر بالحقد اللا إرادي على زملائه، والحنق على أسرته، وربما يفقد تركيزه على التحصيل الدراسي بسبب انشغال ذهنه بما يمتلكه الآخرون ويفتقر هو إليه، خاصة في ظل وجود أطفال ينتمون لأسر معدمة أو فقيرة الحال.

وتتطرق الدكتورة علياء إبراهيم إلى أن حمى التنافس المادي بين الصغار يبدأ في مرحلة رياض الأطفال، ويتواصل في المراحل الإعدادية والثانوية، ففي مرحلة المراهقة ينتقل التنافس إلى الهواتف المحمولة، إذ يجب على إدارات المدارس أن تجد لها حلاً عملياً، لأن الطلبة يتنافسون في هذا المجال بصورة أكبر من الحقيبة المدرسية، وقد يصل الأمر إلى جرائم سرقة وإيذاء بدني بسبب هذا التنافس.

Email