«ليوا الدولية».. جدرانها حدائق معلقة وإنارتها شمسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أخذت على عاتقها رؤية تعليمية مجتمعية تتلخص في «إحداث فرق إيجابي في التعليم والبيئة من خلال وسائل التعلم والخدمات التي تقدم للطالب»، لتنطلق في مشروعها التعليمي المجتمعي إلى أقصى مما توقعته في بادئ الأمر، ونظراً لجهودها ومساهماتها الفعالة في مجال البيئة والمحافظة عليها فقد تم اختيارها في العام الدراسي 2009/2010 من بين المدارس الخاصة بمدينة العين لتكون رائدة في مشروع «المدارس المستدامة» الذي أطلقته هيئة البيئة في أبوظبي، وتكريساً لحضورها المتواصل في هذا المجال، فقد حظيت بشرف المشاركة في القمة العالمية لطاقة المستقبل في أبوظبي، وذلك في دورتيها الثالثة والرابعة للعامين 2010/2011 على التوالي.

للوهلة الأولى يقف الزائر أمام مدرسة ليوا الدولية الخاصة في مدينة العين، منشدَّاً ومنشرحاً وهو يداعب بناظريه خضرة تتدلى فوق جدران المدرسة وتتأرجح في الساحات والحدائق المحيطة، فتلك المدرسة تمكنت وفي غضون سنوات قليلة من تحويل مبناها الشاسع بكافة أقسامه إلى مبنى صديق للبيئة، ضمن مشروع نفذته إدارة المدرسة من أجل خلق بيئة صحية للطلبة وأعضاء الهيئتين الإدارية والتدريسية، تكون محفزة للأداء الإيجابي وداعمة للعملية التعليمية بشكل أوسع.

وبحسب ما توضح الدكتورة شيرين جبران مديرة مدرسة ليوا الدولية؛ فإن مدرستها عضو فعال في هيئة البيئة بأبوظبي والشبكة العالمية للمدارس المنتسبة لليونسكو، وقد حظيت مؤخراً بشرف المشاركة في القمة الدولية الثالثة لطاقة المستقبل 2010 في أبوظبي، مشيرة إلى أن إدارة المدرسة تضع دائماً شعارها (معاً من أجل مستقبل أفضل لأبنائنا) هدفاً تسعى إلى تحقيقه من خلال مختلف المجالات ذات العلاقة بالعملية التعليمية؛ سواء كانت اجتماعية أو رياضية أو ثقافية أو علمية وما سواها.

ويشتمل مشروع تحويل مبنى مدرسة ليوا الدولية إلى بناء أخضر مستدام؛ على مجموعة من العناصر، تأتي في مقدمتها الجدران الخضراء أو «الجدران الحية» التي تتدلى على شكل حدائق عمودية معلقة، فعلى العكس من الجدران التي تنمو جذور النباتات في داخلها، تتميز الجدران الخضراء بأن نباتاتها تنمو داخل وحدات مستقلة يحتوي كل منها على التربة وإمدادات الري التي تحتاجها النبتة، وهو ما يزيد من إمكانية التنويع من حيث النباتات التي يمكن تثبيتها على الجدران الخضراء.

وتأتي «الألواح الشمسية» كعنصر ثانٍ في مشروع البناء الأخضر المستدام، كما توضح مديرة المدرسة، التي تقول: إن تلك الألواح تحوّل طاقة ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية لتغذية الإنارة الكهربائية وتدفئة المياه، والتكييف، وبالإمكان تثبيت الألواح الشمسية على الجدران والأسقف، ويمكن اعتبارها وسيلة تظليل تخفف من اكتساب الحرارة، وتقلل بالتالي من استهلاك الطاقة، مضيفة أن العنصر الثالث من المشروع يتلخص في مسمى «المياه الرمادية»، حيث إن تلك المياه التي تشكل نسبة تزيد على 50% من مياه الصرف المنزلي يمكن تجميعها من نشاطات اعتيادية مثل الاستحمام والجلي والغسيل واستخدامات المطبخ، ثم تمر هذه المياه عبر المصافي (المِرشح)، ويتم ضخها إلى خزانات بحيث يتم تخزينها بهدف إعادة استخدامها في الري.

وانطلاقاً من الرسالة التي تعتز بها إدارة مدرسة ليوا الدولية، فإن الشعار الدائم لديها يتلخص في السعي لجعل الطلبة أفراداً منتجين ومتعلمين وذوي مسؤولية في خضم التغيرات الحادثة في العالم من خلال حرث جوهر المعرفة الأكاديمية وجوهر القيم، وهو ما يتشكل نسبياً حينما اهتمت المدرسة بإشراكهم في مشاريعها البيئية الخضراء والمستدامة، كما توضح مديرة المدرسة.

بقي أن نشير إلى أن فريق بحثي من مدرسة ليوا الدولية أجرى بالتعاون مع فريق من قسم الهندسة المعمارية في جامعة الإمارات، مشروعاً بحثياً ميدانياً عن أداء الجدران الخضراء المثبتة في مدرسة ليوا الدولية كدراسة حالة، ومن خلال البحث الميداني تم اختبار هذه التقنية المبتكرة وتقييمها من حيث توفير الطاقة وخفض الضوضاء داخل الفصول الدراسية، على أساس أن نظام تركيب الجدران الخضراء، الذي يعتبر فريداً من نوعه، من الممكن أن يكون بداية اتجاه جديد في تصميم المباني المدرسية.

بحث علمي

نتائج البحث العلمي الذي أجرته المدرسة مع جامعة الإمارات أكدت أن الجدران الخضراء تسهم في خفض درجة الحرارة داخل الصفوف من 3 إلى 5 درجات مئوية حالياً، ومن المتوقع أن تصل إلى 10 درجات مئوية عند اكتمال نمو النباتات، كما أثبتت أن الوحدات الخاصة بالنباتات إضافة إلى النباتات نفسها تشكل عازلاً للصفوف، مما يقلل من ضوضاء الشوارع بنسبة كبيرة جداً، علاوة على أن الجدران الخضراء تحسن من نوعية الهواء إلى حد كبير، وتمتص نباتاتها انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي تسهم في الحد من الاحتباس الحراري الذي تسببه أنشطة البشر، وقد تكون الجدران الخضراء فعالة جداً في محاصرة الغبار أيضاً، ناهيك عن كون الوحدات الخاصة بالنباتات والنباتات نفسها تلعب دوراً مهماً في حماية المبنى من الأمطار والعواصف ومن امتصاص أشعة الشمس فوق البنفسجية.

35 ألف نبتة

أملاً في تحقيق الفوائد المرجوة من المبادرة، أنجزت المدرسة مراحل مشروع الجدران الخضراء بتغطية مساحة ثلاثة آلاف متر مربع من جدران المدرسة بالنباتات الخضراء، بواقع 35 ألف نبتة خضراء، ومن أجل معالجة وتدوير المياه الرمادية تم تركيب جهازي تنقية مياه في المدرسة وهي الأخرى تتغذى بالطاقة الشمسية من أجل توفير مياه الري للجدران الخضراء والمزروعات. وقد صممت مدرسة ليوا مركزين لتجميع الطاقة الشمسية في المدرسة، يحتوي الأول على 90 لوحاً والثاني على 12، وتنتج عنهما طاقة تقدر بـ 13 كيلو واط، ويتم توليد طاقة كهربائية منهما خلال اليوم بمعدل 78 كيلو واط / ساعة على أساس عمل ست ساعات يوميا، مما يولد طاقة كهربائية بمعدل 28 ألفاً و470 كيلو واط / ساعة سنوياً. وتستعمل هذه الطاقة في إنارة 250 مصباحاً كهربائياً للسور الخارجي للمدرسة، وتشغيل أجهزة تنقية المياه المعالجة المستخدمة في ري الجدران الخضراء والمزروعات.

Email