محمد ناصر.. حالة فريدة في الدراسة والمدرسة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

هو خير مثال على الحصاد المثمر لمشروع دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس الحكومية، هو قدوة في الإرادة والطموح والإنجاز، ونموذج في الثبات والإصرار نحو الهدف، هو سر البسمة والتفاؤل لدى أسرتيه العائلية والتربوية، هو طالب متميز بكل المقاييس. رغم إعاقته ارتقى ليبلغ حلمه وأبعد بكثير. لم يمضِ على وجوده في المدرسة سوى شهور قليلة، لكن حضوره بين زملائه الطلبة ومعلميه فاق حدود المعهود، لأنه ببساطة حالة خاصة وشخصية فريدة.

الطالب محمد ناصر الخاجة، ابن الصف السادس في مدرسة عمر بن الخطاب النموذجية في دبي، انتقل قبل بضع سنوات من مركز راشد لرعاية وعلاج الطفولة، إلى مدرسة سلطان العويس للتعليم الأساسي، ومنها إلى نموذجية عمر بن الخطاب، وفيها تبسم الأمل في وجهه نحو طموح يرسمه في داخله، لمستقبله الذي يصر على مواصلة الطريق نحوه، رغم الصعوبات التي تعترض خطواته غير المتزنة على أرض الواقع بفعل حالته الصحية.

 متفوق دراسياً

يعاني محمد بطأً في النمو وضعفاً شديداً في النظر، وتلك حالة صحية رافقته منذ الولادة، وقد تعايش معها بصعوبة وإصرار، إلى أن بلغ عتبة المراهقة، ونجح في اجتياز مسمى «معاق»، ليظفر بالمراكز الأولى دراسياً، ويتفوق على أقرانه الطلبة وعلى أفراد أسرته وأشقائه الأسوياء، فكما يقول والده: محمد أصغر أشقائه، وهو الوحيد الذي يعاني من مشكلات صحية بينهم...

لكنه وبفضل الله، أفضلهم تحصيلاً وتميزاً في دراسته، فنتيجته في الفصل الأول بلغت 94.8%. يجلس محمد في المقعد الأمامي داخل الفصل، ممسكاً بجهاز تكبير لاستيضاح ما يُكتب على السبورة، أو ما يحتويه الكتاب، وإلى جواره صديقه الطالب سالم الكعبي، الذي يساعده في استخراج الكتاب من الحقيبة ونسخ الدرس على دفتره..

كما هو حال بقية زملائه في الفصل، الذين يتسابقون لمساعدة محمد حتى في خلع نعاله أمام المصلى في المدرسة، أو أثناء حصة الرياضة، وتلك المشاهد من أجمل الصور الإنسانية والتربوية التي عرفتها المدرسة، والتي تدعم علاقات الطلبة ومساندتهم لبعضهم البعض بثقة واحترام، كما يوضح إبراهيم الملا الاختصاصي الاجتماعي في المدرسة.

لا يذاكر

أما محمد الطالب المعجزة، فيقول إن تميزه في الدراسة نابع من انتباهه وتركيزه مع المعلم أثناء الشرح، ومشاركته الدائمة خلال الحصة، ونادراً ما يذاكر في البيت، لأنه يستوعب كل ما يريد أثناء الحصة.

ذلك ما يؤكده والده الذي يقول إن ابنه لا يذاكر في البيت إلا في الامتحانات النهائية، وإنجازه الدراسي مبني على حالة الانسجام والانتباه التي يجسدها أثناء شرح الدرس وحسب، وفي البيت يلتصق محمد يومياً بجهاز الكمبيوتر اللوحي الذي لا يفارقه، وتلك مشكلة مزمنة تلخص حالة إدمان محمد على التقنيات الحديثة، وتعلقه في ممارسة ألعاب الفيديو، وبالتأكيد الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم، والخطب، والأناشيد.

 تلاوة القرآن

في هذا الصدد؛ لابد من الإشارة إلى حقيقة أخرى تُظهر تميز الطالب محمد ناصر في جوانب أخرى، تتمثل في امتلاكه لصوت شجي وحضور متمكن في تلاوة القرآن الكريم، وترديد الأناشيد المختلفة، لذلك فهو المرشح الأول والدائم لإحياء كل المناسبات الوطنية والتربوية والدينية في المدرسة.

تقول والدة محمد: ابني يتميز بكونه ذا شخصية اجتماعية إلى أبعد الحدود، على عكس أشقائه الآخرين، فهو المبادر دوماً، ولديه روح إيجابية جلية في التعامل مع شتى المواقف، وخلافاً لتفوقه الدراسي فهو متميز أيضاً في دورة تحفيظ القرآن الكريم، التي لا يتغيب عنها يومياً بعد المدرسة، وقد اقتنص فيها المركز الأول، بفعل الصوت والتجويد، وإلى اليوم تمكن من إتمام حفظ 5 أجزاء من كتاب الله.

 مهندس معماري

بقي أن نقول إن لمحمد ناصر الخاجة طموحاً فريداً، يبدو من وجهة نظر تقليدية، أنه لا يوافق حالته الصحية والمرضية، ألا وهو التخرج من المدرسة بامتياز، والالتحاق بالجامعة ودراسة الهندسة المعمارية.

ويضيف محمد: أريد أن أصبح مهندساً معمارياً لأصمم أجمل البيوت والقصور، وأبدع في رسم خريطة التميز العمراني على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، التي منحت أبناءها ما يفوق الخيال والطموح، فجدير بنا أن نعيد لها شيئاً من هذا الخيال. ذلك حلم مشروع، لطموح طالب مبدع، يراه البعض بعيداً وكل مَنْ في المدرسة يرونه ممكناً وقريباً، لأنهم الأكثر دراية بمحمد وما يكتنزه في ذاته الطموحة.

Email