«برايل».. اللغة التي فتحت عيون المكفوفين

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الرابع من كل يناير يقف العالم وقفة احترام وإعجاب بالعبقري الذي غيرت أعماله عالم الكتابة والقراءة إلى الأبد، في حياة المكفوفين وضعاف البصر باختراعه نظاماً للقراءة والكتابة، يعتمد على فكرة (النقاط الست البارزة) والمعروف بطريقة «برايل». وهي الوسيلة التي يستخدمها المكفوفون الآن في القراءة والكتابة، وتتكون من عدد من الخلايا، تحتوي كل واحدة منها على عمودين، يتكون كل عمود من ثلاث نقاط .

بارزة، يستطيع الكفيف أن يقرأها من خلال تلمسها بأطراف أنامله، أرقام النقاط في العمود الأول من الخلية هي: 1-2-3 من أعلى إلى أسفل، وأرقام النقاط في العمود الثاني من الخلية هي: 4-5-6 من أعلى إلى أسفل أيضاً. ويتكون كل حرف أو كلمة أو عدد أو علامة ترقيم أو علامة إعراب أو حرف موسيقي من تكوين خاص لهذه الحروف البارزة.

الرابع من يناير هو اليوم الذي يوافق تاريخ ميلاد لويس برايل (1809) الطفل الفرنسي الذي أصيب بالعمى وهو في الثالثة من عمره، عندما حاول أن يقلد أباه الحوذي في عمله، ولكن الأمور ساءت بشكل كبير عندما أمسك بالمثقاب، وهو أداة حادة لصنع الثقوب، فانزلق من يده وأصاب عينه. التهب الجرح وانتشر الالتهاب، وسرعان ما أصيبت كلتا عينيه بالعمى.

وفجأة وجد لويس نفسه بحاجة إلى إيجاد طريقة جديدة للتعلم. بقي في مدرسته القديمة مدة سنتين، لكنه لم يتمكن من تعلم كل شيء عبر الاستماع فقط. وبدأت الأمور بالتحسن، عندما حصل لويس على منحة للدراسة في المعهد الملكي للشباب المكفوفين في باريس، حين كان في العاشرة من عمره. ولكن حتى في المعهد كان جل ما يفعله المعلمون هو مخاطبة الطلاب. احتوت مكتبة المعهد على 14 كتاباً ضخماً مطبوعة بحروف بارزة وكان من الصعب جداً قراءتها، وحتى تلك اللحظة بدأ صبر لويس بالنفاد.

في ذلك المعهد، زارهم عام 1821 جندي يسمى تشارلز باربييه، وأطلعهم على اختراعه المسمى «الكتابة الليلية» وهو عبارة عن شيفرة تحتوي على 12 نقطة بارزة تسمح للجنود بتبادل معلومات سرية في أرض المعركة بدون الحاجة للحديث. ولسوء الحظ، كانت الشيفرة صعبة جداً بالنسبة للجنود.

ولكنها لم تكن كذلك بالنسبة للفتى لويس ذي الاثني عشر ربيعاً. قلل لويس من عدد النقاط لتصبح 6 نقاط فقط، وعمل على تحسين هذا النظام حتى بلغ الخامسة عشرة من عمره. بعدها نشر أول كتاب في العالم بلغة «برايل» في العام 1829، ثم أضاف في العام 1837 رموزاً خاصة بالرياضيات والموسيقى. وبما أن العامة ظلوا متشككين في هذه اللغة، فقد اضطر الطلاب المكفوفون إلى دراسة هذه الرموز بأنفسهم.

وحتى في المعهد الملكي، حيث عمل لويس مدرساً بعد تخرجه، لم يتم تدريس «برايل» فيها إلا بعد وفاته. وبدأت لغة برايل في الانتشار في العام 1686 عندما تبنى مجموعة من الرجال البريطانيين المعروفين بالمعهد الملكي الوطني للمكفوفين هذه القضية.

 

تقنيات «برايل»:

اللوح والقلم (المُرقّم)

اللوح والقلم (المُرقّم) أدوات محمولة وغير مكلفة تستخدم في الكتابة بطريقة «برايل» بالطريقة نفسها التي نستخدم فيها أقلام الرصاص والأوراق للكتابة العادية.

اللوح مصنوع من جزءين مسطحين من المعدن أو البلاستيك مضمومين إلى بعضهما في أحد طرفيهما. ينفرج اللوح لإدخال ورقة فيه. وفي الجزء العلوي منه صفوف تحتوي على عدد من المستطيلات العمودية، يشتمل كل منها على ست فجوات، لها شكل وحجم خلية برايل نفسه، وكل فجوة متصلة بواحدة من النقاط الست.

وفي الجزء الخلفي منه أيضاً صفوف مجوفة تحتوي على مجموعات من خلايا برايل، بكل خلية ست نقاط مضغوطة بنفس شكل وحجم خلية برايل. أما القلم فهو قطعة معدنية لها رأس مدبب، ومقبض من البلاستيك أو الخشب. يستخدم القلم لضغط نقاط برايل في الوضع المناسب بكل خلية في الورق المقوى. وتمنع الصفوف المجوفة في اللوح القلم من إحداث ثقوب أثناء ضغط النقاط. وتأتي هذه الأدوات في أشكال وأحجام مختلفة.

 

السطر الإلكتروني

السطر الإلكتروني عبارة عن جهاز فيه صف من الخلايا الخاصة المصنوعة من الدبابيس البلاستيكية أو المعدنية. يتم التحكم في هذه الدبابيس بواسطة الكمبيوتر وتتحرك للأعلى أو الأسفل لتعرض بلغة برايل الحروف التي تظهر على شاشة الكمبيوتر. يوصف هذا النوع من الأجهزة بأنه جهاز متجدد، لأنه يتغير مع تحرك المستخدم وتجوله في الشاشة. وعادة ما يوضع هذا الجهاز إلى جانب لوحة مفاتيح الكمبيوتر.

 

مذكرة «برايل» الإلكترونية

مذكرة برايل الإلكترونية عبارة عن جهاز محمول، به لوحة مفاتيح برايل، يستخدمها الكفيف لإدخال المعلومات. ويمكن قراءة النص المخزن في هذا الجهاز باستخدام سطر إلكتروني مثبت في الجهاز أو يمكن سماعه صوتياً. هذه الأجهزة مفيدة لتسجيل الملاحظات في الفصل الدراسي، وعادة ما تضاف إليها ملحقات مثل دفتر العناوين والحاسبة والتقويم.

طابعات «برايل»

طابعات برايل عبارة عن أجهزة ملحقة بالكمبيوتر تطبع بطريقة برايل على ورق مقوى. وهي تشبه طابعات الكمبيوتر الاعتيادية، إذ يمكن للمستخدم أن يطبع الرسائل والتقارير وأية ملفات أخرى من الكمبيوتر.

 

آلات طباعة «برايل» اليدوية

آلات طباعة برايل اليدوية تعمل بشكل مشابه للطابعات العادية، وهي ذات مفاتيح ست: مفتاح واحد لكل نقطة في خلية برايل، وبها زر المسافة، وزر المسح، وزر العودة، وزر الانتقال إلى السطر التالي. تستخدم هذه الآلات ورقاً مقوى، كالنوع المستخدم في طابعات برايل، ولكنها تعمل من دون كهرباء.

 

 

بداية مرحلة

 

 

 

أول ما نشر عن طريقة « برايل» كان في العام 1837، أما عن طريقته بأكملها، فلم ينشر إلا في العام 1839، ومع نجاح هذه الطريقة إلا أنها جوبهت بصعوبات عدة من القائمين على الأمر في المدارس. فالمدرسة أو الطالب الذي أراد تعلم هذه الطريقة، كان عليه أن يفعل ذلك خارج ساعات الدراسة الرسمية، وحتى المدرسة التي بدأت تطبق طريقة (برايل) لم تستخدمها رسمياً إلا بعد مرور نحو 14 سنة، وذلك بعد وفاة برايل بسنوات.

دخلت كتابة «برايل » في اللغة العربية على يد محمد الأنسي في منتصف القرن التاسع عشر، إذ حاول التوفيق بين أشكال الحروف المستخدمة في الكتابة العادية وشكلها في الكتابة النافرة. وبهذه الطريقة نقل الأنسي عدداً من الكتب، إلا أن هذه الطريقة لم تنتشر على نطاق واسع. وبعد بذل محاولات عديدة عمد المهتمون بطريقة «برايل»، إلى تطوير ما يتناسب واللغة العربية.

وقد وحدت منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة لهيئة الأمم المتحدة في عام 1951، الكتابة النافرة بقدر ما تسمح به أوجه الشبه بين الأصوات المشتركة في اللغات المختلفة. وقد نتج عن هذه الحركة النظام الحالي للرموز العربية.

Email