المعلمون منقسمون بين لوم أنفسهم وإلقاء المسؤولية بعيداً

ت + ت - الحجم الطبيعي

المعلمون أنفسهم؛ انقسموا بين من يلقي اللوم على المعلم، ومن يتهم المجتمع والظروف المحيطة بالمسؤولية عن تردي مستوى مهنة التدريس، وانحطاط قدر المعلم نسبياً، ناهيك عن المتطلبات المادية التي يقف المعلم عاجزاً ومكبلاً أمامها، والتي تفرض عليه التخلي عن شيء من قدسية المهنة في سبيل تأمين الحياة اللازمة له ولأفراد أسرته. بين هذا وذاك نسرد الآراء، ونتعرف على القناعات، ونحدد المشكلات من وجهة نظر المعلمين والتربويين أهل الميدان.

راحة المعلم

في البداية رفض رائد كلاب معلم العلوم في الأهلية الخيرية، تحميل المعلم مسؤولية ما وصل إليه مسماه اليوم، بحكم أن المجتمع وتقديره لهذه المهنة، لا يليق أبداً، فالمعلم بات يشعر بالدونية والخجل، وأصبح يقف مهزوزاً أمام الطالب، لأن المسمى الوظيفي لا يرضى به أقل الطلاب معرفة وعلماً، ناهيك عن مستواه المادي الذي أودى بهيبة المعلم ومكانته بين المهن الأخرى، والمهم في هذا الأمر، أن نبحث أولاً عن راحة المعلم النفسية والمادية والاجتماعية.

وأضاف أن المعـــلمين بشكـل عـــام يتمــســكون بمقومات الهيبة اللازمة لمهنة التدريس، لكن المحيط يؤثر سلباً، فالطالب حينما يكون مستقراً تجده أكثر إنجازاً وإبداعاً، وكذلك الأمر بالنسبة للمعلم، الــواجب تحصــينه مجتمــعياً ومادياً، قبل أن ينـــزلق الواقع إلى الأسوأ، فالمعلم يشغل حيزاً هو الأهم في المجتمع، وبيده مفاتيح بناء جيل أو أجيال، وحينما يهدم المعلم جيلاً فإنه سيهدم أمة بأكملها، ورغم كل ذلك يبقى المعلم الحلقة الأضعف، وهو المسؤول عن القصور التربوي دائماً وأبداً.

البعد عن المادة

أما شاكر أبو هيبة موجه الرياضيات في المدارس الأهلية الخيرية، فقال إن المعلم حتى يؤمّن لنفسه المكانة التي تليق بمهنة الأنبياء، لابد أن يكون على علم غزير ومعرفة واحترام لمن حوله، فهو قدوة ومربٍ، ويتعين عليه أن يتمثل بالأخلاق الرفيعة، وأن يتنزه بالبعد عن المادة لأنه صاحب رسالة، فكلما كان تفكير المعلم وطموحه منصباً على بناء وتأسيس جيل، أصبح احترامه وتقديره أكثر وضوحاً في المجتمع..

وكلما بحث عن الماديات والأجر والمقابل، فإنه بذلك يضر بمكانته وبالرسالة التي يحملها. وأوضح أن واقع المعلمين اليوم ينحصر في ثلاث كلمات: (حضّر.. احضر.. حاضر)، وقلة من المعلمين تمتلك أسس الهيبة والقيمة والتقدير والاحترام المجتمعي، والأكثرية تقليديون في أدائهم، وينظرون إلى واقعهم من زاوية الوظيفة وحسب، وهنا تكمن المشكلة.

عودة الصلاحيات

ورأى خالد عبيد، مشرف إداري في مدرسة دبي الثانوية، أن الهيبة كانت حاضرة حينما كانت الصلاحيات بيد المعلم، في تربية الطالب وتعليمه وفي تقييمه بمصداقية دون خشية المعلم من رسوب طلبته. وأسلوب التدريس جعل من المعلم مجرد ديكور في المدرسة، فالمعلم اليوم ينأى بنفسه عن المشكلات، ولا يجازف في التصدي للطلبة كما في اللائحة، خوفاً من الخسارة في النهاية.. الطالب معذور والمعلم مقهور، هذا هو الحال بمصداقية.

 استعادة الهيبة

وأكد محمد الماس مدير مدرسة المعارف الثانوية، أن المعلم يعمل أحياناً ضد نفسه، ويسيء إلى مهنته، والمجتمع بصورته الحالية لا يساعد المعلم على استعادة هيبته المفروضة، وكذلك الأمر بالنسبة للإعلام الذي يزيد من سوداوية المشهد بالنسبة لمكانة المعلم.

وأشار إلى أن المعلم، أو مدير المدرسة، لا يقبل لنفسه أن يصبح ابنه معلماً، والسبب يرجع إلى المردود المادي القليل، وإلى النظرة المجتمعية غير المنصفة التي تحط من مكانته، والحقيقة تلك مردها إلى ضعف التقدير المادي أولاً، فكلما كان التقدير لائقاً، صار بإمكان المعلم أن يرتقي بأدائه وأن يعزز من حضوره، وأن يتجنب الوقوع في أخطاء تضر بسمعة التربية والتعليم، ومن ثم ستكون القناعة بهذه المهنة أكثر حضوراً.

Email