علاقة المعلمة والطالبة.. صداقة وأمومة تسمو بفطرة «حواء»

ت + ت - الحجم الطبيعي

ارتباط الطالبة بالمعلمة، يبدو مختلفاً كلياً عن علاقة الطالب والمعلم في مدارس البنين، فالطالبة مثلاً لا تترد طويلاً في البوح عما يعصف بحياتها من مشكلات أمام معلمتها، لتفصح عن تفاصيل حياتها بلا تحفظ أو خجل، ليس لأنها أكبر منها سناً، وإنما لكونها معلمة تحتفظ بـ «كاريزما» تلقائية تشعر طالباتها بالأمان والثقة والطمأنينة.

فتبصر الطالبة في حضرتها التفاؤل لإيجاد حلول لمشكلاتها التي غالباً ما تكون اجتماعية أسرية.للخوض في ثنايا هذه التجربة المعاشة بين أسوار مدارسنا، والكشف عن سر تلك العلاقة القوية بين الطالبة والمعلمة، وأسباب ضعفها في مدارس البنين.

كانت لنا وقفة مع فاطمة سجواني اختصاصية نفسية في منطقة الشارقة التعليمية، التي تؤكد أن الطالب والمعلم كل منهما يكمل الآخر، ويجب أن تظل العلاقة بين الطرفين قائمة على الحب والود والاحترام والمُثل، ولكن هذه العلاقة تراجعت نسبياً عن السابق، وتبدو الآن أكثر جفاءً، نتيجة اتساع الفجوة التقنية بين الطالب والمعلم، بينما تجافي مدارس البنات هذه الحقيقة، إذ تُظهر العلاقة بين الطالبة والمعلمة تمسكاً وقوة صباح كل يوم.

وتشير سجواني إلى أن قوة هذه العلاقة تزداد أيضاً بين الطالبة والمعلمة المواطنة تحديداً، وذلك نتيجة أسباب عدة، منها: تقلص الفجوة العمرية بين الطالبة والمعلمة المواطنة، إذ تعج مدارس الإناث بالمعلمات الشابات. كما أنه ثمة انسجام بين الطالبة والمعلمة المواطنة في العادات والتقاليد وفي اللهجة وأسلوب الحياة، وخصائص أخرى كثيرة تعزز من علاقة الطالبة بالمعلمة وتغذيها بصورة أكبر.

فضلاً عن حجم الإنتاج والاهتمام الكبير الذي توفره المعلمة المواطنة لطالباتها.وتستطرد: من الطبيعي، إن أحببت شخصاً ستبذل قصارى جهدك كي ترضيه ولا تزعجه، وعلاقة الطالبة بالمعلمة كلما سادها الوفاق والحب، كانت النتائج على الصعيدين العلمي والعملي أفضل وأرقى، فبناء الجسور بين الطالب والمعلم ضرورة ومطلب كي ترتقي العملية التعليمية وتؤدي دورها بشكل مثالي.

 بديل آخر

وفي دراسة ميدانية، أدركت سجواني أن الطالبة عادة ما تبحث عن بديل إن كانت تعيش حالة من الفشل والاكتئاب أو الشتات وسط أسرة غير مترابطة ومفككة أو مدللة، وغالباً ما يقع الاختيار على المعلمة بصفتها شخصية إنسانية جاذبة وحنونة، كما أن العاطفة تتحكم بالمعلمة وتدفعها إلى التوغل في ظروف الطالبة ومعرفة واقعها المعاش.

ومن عوامل الجذب التي تراها الطالبة في معلمتها، تضيف سجواني: إن الطالبة قد تُعجب بجمال المعلمة أو أناقتها وزينتها، وربما أن لباقة حديث المعلمة من أهم عوامل الجذب التي تجعل الطالبة تُعجب بمعلمتها، موضحة أن بعض المعلمات يحملن حباً فائضاً يتميزن به، وفي المقابل قد تتواجد داخل الفصل بعض الطالبات اللواتي يفتقرن إلى هذه العاطفة المرتكزة على حس «الأمومة».

السرقة والتميز

 تقول الاختصاصية النفسية فاطمة سجواني، إن العلاقة الوطيدة بين الطالبة والمعلمة، أنقذت الكثير من الطلبة من سلوكيات سلبية عدة، فضلاً عن الإجهاز على حالة الإحباط والفشل التي يعيشها البعض نتيجة اضطرابات أسرية أو مشاكل اجتماعية واقتصادية. ومن الأمثلة التي تطرقت إليها: محاولة أحد الطلبة سرقة المال من حقيبة معلمته.

وهو ينتمي إلى أسرة مكونة من أب مريض وأم مطلقة، وقد تعرفت المعلمة عليه، فبادرت بسؤال الاختصاصية الاجتماعية قبل اتخاذ أي قرار بحقه، فنصحتها بالتقرب منه، وفعلاً استطاعت المعلمة أن تبدد الحواجز مع الطالب السارق، وأن تعيد الثقة إلى نفسه، وأن تمنحه مزيداً من الاهتمام، واليوم أصبح هذا الطالب منافساً قوياً لأقرانه المتفوقين سلوكاً وعلماً.

Email