التطوع الطلابي.. منهاج إنساني يكمــل حلقة التعليم

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم توجيه الدولة لمختلف الجهات والأفراد نحو تعزيز العمل التطوعي، من خلال إطلاق المبادرات وعقد الاتفاقيات المجتمعية، إلا أننا لا نزال بحاجة ماسة إلى تعزيز وتأصيل مفهوم العمل التطوعي في نفوس أبنائنا الطلبة، باعتباره قيمة وطنية تتوافق ومنظومة القيم الدينية والاجتماعية التي يتميز بها المجتمع الإماراتي، حتى نتمكن من تخريج أجيال مؤمنة بأهمية التطوع كركيزة أساسية من ركائز المجتمعات المتحضرة.

 

حول هذا الموضوع، حرصت «العلم اليوم» على استعراض مختلف آراء المعنيين للوقوف على واقعه عن قرب، حيث قالت مريم فوزان مديرة روضة السندس بالشارقة إنه من الضروري الالتفات إلى العمل التطوعي كجزء أصيل من حياتنا اليومية، فلا بد من تربية أبنائنا على ذلك، حتى يتنامى لديهم الإحساس بالآخرين والشعور بمعاناتهم.

ولن يتحقق ذلك إلا بالتعاون المشترك بين المؤسسة التعليمية والأسرة التي لا بد لها من أن تعي قيمة العمل التطوعي ومردوده على أبنائها في المستقبل، فلا يصح لولي الأمر أن يعترض على مشاركة ابنه في التطوع مع زملائه لتنظيف المدرسة مثلاً، من باب تهذيب النفس وغرس قيمة التواضع بداخله، فهو باعتراضه ينمي بداخلة صفة التكبر والتعالي على الآخرين.

 

المناهج الدراسية

وطالبت فوزان بأن تتضمن المناهج الدراسية أهمية العمل التطوعي من مختلف الجوانب، الدينية والاجتماعية والثقافية، فهناك من يتعامل مع التطوع من منظور ديني، بينما نجد آخرين يتعاملون معه كقيمة اجتماعية تفرض نفسها عليهم من باب العمل الإنساني، وبين هذا وذاك نجد من يسعى إلى العمل التطوعي على سبيل التحضر.

مشيرة إلى أنه لا يصح أن نتعامل مع مفهوم التطوع بتلك السطحية في الأداء، ونحن من الدول التي تأسست على مبادئ التعاون والاتحاد، فمؤسس حضارتنا وصانع نهضتنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، لم يتوانَ يوماً عن دعم ومساندة الجميع، مهما تطلب الأمر.

وكان حريصاً على غرس قيم التطوع فينا، لدرجة أنه كان يهرع لإنقاذ دول تبعد عنا آلاف الأميال، لإيمانه الكامل بأن التطوع من الأسس التي حث عليهــا الإســـــلام، ومن القيم الإنسانيــــة التي يجب أن نحافـظ عليها ونغرسهــا في نفوس أبنائنا.

 

مشروع تطوعي

ولفتت مديرة روضة السندس بالشارقة إلى ضرورة أن يتم التعامل مع التطوع داخل المدارس بشكل عملي ونظري، فلا بد من تدريس التطوع كمادة أساسية، يشعر الطالب بأهميتها، وكذلك، لا بد من تدريب الطلبة على التطوع عملياً على نطاق الدولة، حتى لا يشعر الطالب أننا نتعامل مع العمل التطوعي كتصرف مؤقت وسرعان ما ننصرف عنه، موضحة أن المدارس في معظم الدول الغربية تشترط على طلبة المرحلة الثانوية إعداد مشروع تخرج تطوعي، لإيمانهم بأن العمل التطوعي جزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية.

 

مبادرة اجتماعية

وفي سياق متصل أوضحت شريفة موسى مديرة إدارة الأنشطة الطلابية والمسابقات بوزارة التربية والتعليم، أن الوزارة أطلقت قبل عامين مبادرة اجتماعية، تهدف إلى تفعيل آليات العمل التطوعي داخل المدارس الحكومية، حيث نفذت تلك المبادرة بشكل عملي في 18 مدرسة حتى الآن، تم اختيارها من مختلف المناطق التعليمية التابعة للوزارة.

وسيتم تعميم تلك التجربة في 6 مدارس أخرى، لافتة إلى أن الإدارة ستعمل على طرح مشروع مستقبلي، يتم بموجبه إلزام الطلبة بعدد ساعات محددة من العمل التطوعي خلال مراحلهم الدراسية المختلفة، بهدف تعزيز قيمة العمل التطوعي في نفوسهم.

 

مشروعات ومعسكرات

وأشارت إلى أن البرامج التطوعية التي يتم تنفيذها في المدارس، تتضمن مشروعات توعية من خلال معسكرات اجتماعية، بالتعاون بين إدارات المدارس ومؤسسات المجتمع المحلي المختلفة. وتعمل الإدارة على تقييم نتائج تلك البرامج والمشروعات بشكل دوري، للتأكد من تطبيقها دون أي عقبات، من خلال طرح استبيانات والحصول على تقارير دورية من المدارس المشاركة.

مؤكدة أن الإدارة نفذت مجموعة من الورش التدريبية للمنسقين والمشرفين على برامج العمل التطوعي في المدارس المختارة، بالتعاون مع مؤسسة «تكاتف» التي ساهمت في استقطاب مجموعة من الخبراء المختصين في العمل التطوعي من داخل الدولة وخارجها، بهدف إكساب المشرفين مهارة وضع الخطة وتفعيل تنفيذها في الميدان التربوي بكفاءة ودقة، لافتة إلى أن الوزارة أصدرت مؤخراً دليلاً للعمل التطوعي في المجال التربوي، يعد الأول من نوعه على مستوى الدولة، يتضمن كثيراً من الفعاليات والأنشطة التي يمكن الاستفادة منها داخل المدارس.

Email