أولياء الأمور والمدارس.. مواقف واقعية تجسد الخلل بين الطرفين

ت + ت - الحجم الطبيعي

طلبة وتربويون تحدثوا عن ظاهرة العزوف النسبي لأولياء الأمور في متابعة أبنائهم من خلال الزيارات المدرسية أو اللقاءات المفتوحة التي تنظمها إدارات المدارس، معترفين في الوقت ذاته بقصور يطال شريحة واسعة من هؤلاء الآباء، ومؤكدين أن الإهمال الأكبر يطال في الغالب شريحة الطلبة الثانويين، فيما تكون المتابعة في عمر المرحلة الأولى التأسيسية أكثر من الإعدادية وما يتبعها.

غير ذلك تطرق التربويون إلى مواقف واقعية تسلط الضوء على محور الخلل في جسد العلاقة بين أولياء الأمور ومدارس أبنائهم، حيث يرى محمد الماس مدير مدرسة المعارف الثانوية في دبي أن اللقاء التقليدي مع أولياء الأمور في المدرسة لا يمكن أن يجمع أكثر من 35% من أولياء الأمور، وهم للأسف في الغالب آباء للطلبة المتميزين أو جيدي المستوى، في حين أن ولي أمر الطالب الضعيف أو من يعاني من مشكلات يظل بعيداً عن وتر هذه العلاقة بين البيت والمدرسة، والسبب غياب ولي أمره غير المبرر.

مراهقة وتغيير

ويضيف إنه يلمس اهتماماً مقبولاً من لأولياء الأمور الأب والأم بالأبناء في المرحلة الابتدائية، ثم أقل بدرجة بالطلبة في المرحلة الإعدادية، وأقل للمرحلة الثانوية، رغم أن هذه المرحلة بالتحديد تجسد علامة فارقة في مسيرة الطالب بحكم حالة المراهقة والتغيير، وهو أحوج ما يكون إلى من يسمعه ويقف إلى جانبه لتخطي مرحلته الأصعب.

ويتطرق مدير مدرسة المعارف الثانوية إلى مواقف طريفة لبعض أولياء الأمور غير المتابعين لأبنائهم، منها أن أحدهم جاء إلى المدرسة يطلب شهادة «استمرار دراسة» لولده، وبعد بحث وتدقيق تبين أن ولده في مدرسة أخرى، وفي موقف مختلف يأتي كثير من الآباء لطلب أخذ أبنائهم خلال الدراسة، ولا يعلمون أين هم في أي صف أو شعبة، وتلك مواقف معاشة في أكثر من مرة وتجسد في إحدى صورها حالة البعد بين الطالب وعائلته للأسف.

 

مواقف محزنة

أما علي خميس الاختصاصي الاجتماعي في مدرسة دبي الثانوية، فيؤكد أن اجتماعات مجلس أولياء الأمور في المدرسة غالباً ما يحضرها عدد قليل من الآباء لا يتجاوز 20%، وذلك رغم حرص المدرسة الدائم على التواصل مع الجميع عبر الموبايل والرسائل النصية أو الاتصال المباشر، مستذكراً في الوقت نفسه مواقف عديدة محزنة ومضحكة وإيجابية في الوقت ذاته، عايشها في سنوات سابقة وتتعلق بأولياء الأمور.

واحد من تلك المواقف يجسده جدٌ في خريف العمر يحرص بشكل دوري على زيارة المدرسة والاستفسار «من دون كلام» عن واقع أحفاده الثلاثة من حيث الدراسة والالتزام، ذلك الجد كما يقول خميس يحمل في «مخباه» ثلاثة صور شخصية لأحفاده، ويظهرها للإدارة في كل مرة من أجل التعرف عليهم من قبل المعلمين والاختصاصيين، وهو دائماً ما كان يحظى بالترحاب والتقدير والاحترام من جميع العاملين في المدرسة. موقف آخر يرويه علي لولي أمر حمل شهادة ابنه وجاء ليراجع الإدارة مكتشفاً خطأ في مجموع الدرجات.

وتلك المرة ربما كانت الوحيدة لذلك الأب التي يزور فيها مدرسة ابنه، ولدى التدقيق في درجات ولده وشهادته الأصلية، تبين أن ابنه حرّف بعض درجاته في المواد وصور الشهادة وقدمها لوالده كنسخة مزورة، ونسي على ما يبدو أن يعدّل المجموع من الدرجات ليكون نهاية الموقف واقعاً حزيناً للطالب ووالده.

 

متى الامتحانات؟

الطالب معتز يوسف يجزم أن عدداً من آباء أصدقائه لا يعلمون الصف الذي يدرس به أبناؤهم أو حتى موقع مدرستهم، وآخرون يسألون أبناء لهم في مرحلة الثانوية «متى الامتحانات؟» ويكون قد بقي على انتهائها يوم أو اثنان!، مشيراً إلى أنه واحد من الطلاب المتفوقين وأن والده إلى اليوم لا يعرف شيئاً عن مدرسته لأنه لم يأتِ يوماً للسؤال عنه كما يقول.

وذلك واقع يعيشه العديد من الطلبة المتميزين وضعاف المستوى، والحجة لدى الكثير من الآباء انشغالهم بالوظيفة والعمل، ولدى البعض أن التحصيل الدراسي لا يهم طالما أن الوظيفية تنتظر أبناءهم حكومية كانت أو خاصة. أما الطالب محمد عبدالكريم رئيس مجلس طلاب منطقة دبي التعليمية، فيقول إن نسبة الآباء الذين يحضرون إلى المدرسة ويسألون عن أبنائهم بشكل دوري لا تتجاوز 10%، والمشكلة أن الآباء يضعون ثقة زائدة في أبنائهم ويتركونهم وحيدين في مواجهة مرحلة عمرية ومتطلبات دراسية، مشيراً إلى أن هذا الواقع السلبي يعزز من مشكلات سلوكية كثيرة لدى الطلبة منها الانعزال والتشاجر والفوضى والانجرار وراء رفقاء السوء وما إلى ذلك.

Email