ما التكنولوجيا الحيوية؟

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

خلال العقود الأخيرة شاعت بعض المصطلحات العلمية، حتى بدت من سرعة انتشارها، وكأنها مألوفة، ومع ذلك تبدو غامضة عند الكثيرين، من تلك المصطلحات "التكنولوجيا الحيوية". والحقيقة هي تعني: "التكنولوجيا" أي الوسيلة أو الآلة التي يحقق بها الإنسان أعماله، أما "الحيوية" فهي تعني العنصر الآلي أو الحيوي في العملية التي ينجزها الإنسان.

وبذلك يكون المعنى لـ"التكنولوجيا الحيوية"، هو استخدام عنصر حي في الصناعة كوسيلة لإنجاز مهمة خاصة، وهى كثيرة وسوف نتناولها لاحقاً، كلها تتناول الاستخدام الشامل لبعض العلوم مثل الكيمياء الحيوية والوراثة والنبات وغيرها في العلوم الحديثة. ولعل أبسط الأمثلة القديمة التي مارس بها الإنسان التكنولوجيا الحيوية هي: إنتاج الخبز وخميرته.. ثم عرف صناعة الجبن والزبادي.. ثم إنتاج السماد العضوي، وكلما تقدم الزمان تقدمت التكنولوجيا الحيوية وأصبحت علماً كبيراً. ولم ينجز هذا العلم ما ينجزه الآن إلا بعد أن تقدمت علوم كثيرة قبله وأصبحت من الروافد التي مدته بالوسائل والتقنيات.. من تلك التقنيات والوسائل هي:

- تقنية التخمير، تلك التي ساعدت على إنتاج (الإنزيمات المضادات الحيوية- الأحماض الأمنية- الأمصال- الأجسام المضادة- الهرمونات- البروتينات.. وغيرها).

- تقنية المخلفات، والمقصود بها تدوير المخلفات المنزلية والحقلية وبالمصانع، وإعادة إنتاج مواد منها تصلح للاستهلاك وغير ضارة على البيئة.

- التقنية البيئية، وهى تلك التي تسعى للتخلص من الملوثات التي تضر البيئة، من أجل الحفاظ على البيئة من التدهور.

وغير تلك التقنيات كثيرة، ولعل مثال إنتاج "الأنسولين" وهو علاج لمرضى "السكري" يمكن أن ينتج بوسائل التكنولوجيا الحيوية، يعتبر من الأمثلة الشهيرة. وهذا المنتج لا يسجل نجاحاً في وظائفه لولا مشاركة متخصصين من مجالات علمية مختلفة ومتنوعة، وهى توافر متخصص فى علم: البكتولوجيا، والهندسة الوراثية، الكيمياء الحيوية، الهندسة الكيموحيوية، وعلم الأدوية والعقاقير.

ومع ذلك فالمثال السابق نفسه مر بمراحل تطور التكنولوجيا الحيوية، ففي نهاية القرن الـ 19 الميلادى اكتشف الأنسولين لعلاج مرضى "السكري" وحصلوا عليه من بنكرياس الماشية المذبوحة (بعد تجفيفه وحقنه في المريض). وعندما زاد الطلب عليه، تم البحث عن الجين الوراثي المسؤول عن إنتاجه، وتم تحميله فى نوع من البكتيريا الشائعة (تسمى الايشريشيا كولاي) ومع تنميتها بكميات هائلة، أمكن استخلاص الأنسولين المعالج لمرضى السكري به بوفرة وبأسعار مناسبة.

بالإضافة إلى الميزات السابقة، أنجزت التكنولوجيا الحيوية ما يعرف بالسرعة والدقة في الأداء، وهو ما يعني ان أمكن بالوسائل التكنولوجيا الحديثة إنجاز المنتج بسرعة ودقة عالية تفوق سرعة إنتاج أجهزة الإنسان نفسه (أي وكمثال، فإن الأنسولين الآلي ينتج بسرعة ودقة أكثر من إنتاج الأنسولين في جسم الإنسان).

ولعل أهم وآخر ما تواصل مع التكنولوجيا الحيوية، ما يعرف بالتقائها مع علم المعلوماتية الحيوية، والأخير هو المجال الذي يلتقي فيه علم البيولوجيا بعلم الكمبيوتر، ويعمل هذا العلم على تخزين وتنظيم وتبويب وتحليل الأنواع المختلفة من البيانات والربط بينها، بهدف إعطاء تصور حديث عن المعلومات المستخدمة. كما يذكر أن من ميزات التكنولوجيا الحيوية هي ميزة الدقة في تحديد الهدف.. ومع ذلك هناك من يعارض استخدام تلك التكنولوجيا، ويعللون ذلك بعدد من الآراء منها:

- معارضة كل ما هو صناعي مقابل الدعوة لكل ما هو صناعي.

- الميكروبات المهندسة وراثياً إذا ما انطلقت وشاعت في البيئة فلسوف تدمر توازن البيئة.

وهو ما وضح في أنهم يفضلون الفاكهة الطبيعية الطازجة ولو كانت ضئيلة الحجم، بل وأشاروا إلى أن البيئة بدأت تشكو من ظهور أمراض لم تكن في الحسبان.. كما أن هناك بعض المخاطر الكامنة وسوف تتجلى فيما بعد.. ويشيرون إلى ظهور بعض أنواع الحساسية وحالات التسمم لم تكن معروفة من قبل.. وقد قالوا ان الحياة البرية تأثرت بزيادة عدد الحشرات والنباتات المعدلة وراثياً.

وقد وصل التخوف من التكنولوجيا الحيوية، بأنها قد تستخدم فى إنتاج أسلحة بيولوجية جديدة.. وأن الهدف من الترويج لها هي أهداف اقتصادية تروج لها المؤسسات التجارية الكبرى في العالم. ومن أجل ذلك تشكلت الجمعيات والمؤسسات المدنية التي تعمل على رفض التكنولوجيا الحيوية.

 

 

 

 

الكتاب: ما التكنولوجيا الحيوية؟

تأليف: د. حسن الشرقاوي د. منال النجار

الناشر: هيئة قصور الثقافة سلسلة الثقافة العلمية 2012

الصفحات: 240 صفحة

القطع: متوسط

Email