الكتابات المُعَمَّاة في الحضارة المصرية القديمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يأتي(الكتابات المُعَمَّاة في الحضارة المصرية القديمة)، كبحث مفصل وموسع، استكمالاً لنشر الأعمال العلمية الجادة التي تخرج من الجامعات المصرية والعربية والدولية، والتي تهتم بنظم الكتابة والكتابات القديمة، ومن ثم تتيح الفرصة للمختصين وغير المختصين للتعرف على أساسيات الحضارة المصرية القديمة وغيرها من الحضارات القديمة، وذلك بهدف نشر الوعي الثقافي والأثري، فضلاً عن التعمق في دراسة تاريخ النقوش والكتابات للوصول لفهم أعمق للتاريخ والحضارة الإنسانية، الذي هو جزء أساسي من أهداف سلسلة (دراسات في الخطوط)، وهي سلسلة علمية محكمة تصدر عن مركز الخطوط بالمكتبة، ورئيس تحريرها الدكتور خالد عزب؛ مدير مركز الخطوط بالإنابة، ويقدمها الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية.

ويتناول الكتاب في مقدمته وفصوله الأربعة، تاريخ الدراسات التي تناولت الكتابات المعماة، والمتعارف عليها بين علماء اللغة بمسمى cryptography، مع سرد لتاريخ وتطور تلك الكتابات منذ البدء وحتى آخر ظهور لها في النصوص المصرية القديمة، كما يبحث بعد ذلك في الأسباب والأهداف التي دفعت الكتبة في مصر القديمة إلى اللجوء للتعمية واختراع تلك الكتابة، فنرى من لجأ إليها لأسباب دينية، ومن استخدمها لأخرى سياسية أو دنيوية، كما استخدمها بعض المفكرين والفلاسفة لأغراض جمالية، وكذلك لإظهار نوع من التفوق والقدرة والكتابة.

وتقدم الباحثة، في فصول كتابها، قواعد تلك الكتابات، واهم الأسس التي رسخت وجود هذا النوع من الكتابة، ثم تقديم نماذج توضحية، والتي تبرز أن وجود تلك الكتابة كان بمثابة الأساس الذي قامت علية الكتابة في العصر البطلمي، أحد أزهى عصور مصر القديمة، والتي أطلق عليها اسم الكتابة البطلمية. ويحاول الكتاب في الجزء الأول إلقاء الضوء على ثلاث نقاط مهمة، أولها هو عرض للمسمى المتعارف عليه بين علماء اللغة ( The Cryptography)، الذي أطلق على هذا النوع من الكتابات، والذي ترجم في الدراسة بالكتابات المُعماة، والبحث عن المسمى المصري القديم الذي ربما أطلقه المصريون القدماء على هذا النوع من الكتابة الذي ضم بين جوانبه الكثير من أوجه الخفاء والصعوبة.

وقد تم إلحاق بعض الكلمات المصرية التي تعبر عن معنى السرية والخفاء في اللغة المصرية القديمة، والتي تشير إلى التنوع وكثرة الكلمات الدالة على السرية في مصر القديمة. ويتطرق الكتاب إلى معرفة العرب بالكتابة المُعماة وتأسيسهم لعلم التعمية الذي سبقوا به العالم. ويعرض ايضا لتاريخ دراسة الكتابة المُعماة، موضحا الفترة التي بدأ فيها اهتمام الباحثين في مجال اللغة المصرية بالكتابة المُعماة، وأول من أدركها.

وتشير الدراسة إلى أنه منذ الخطوات الأولى التي كانت المفتاح لفك بقية النصوص المصرية، والتي نسبت إلى شامبليون، يظهر تمييزًا لبعض العلامات والكلمات التي كتبت بشكل غير تقليدي، والتي عرفت على وجه الخصوص بالكتابة السرية، وهو مسمى أطلقه شامبليون على الكتابة المُعماة. وبعد منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، شهدت الكتابات المُعماة اهتماما خاصًّا بعدما نفر منها الباحثون في بادئ الأمر، لصعوبتها وعدم إحساسهم بأهمية هذه النصوص. وكان لمجهودات دريتون أثر كبير، ساهم بعد ذلك في تسهيل مجال الدراسة في الكتابات المُعماة، حيث قدم عددًا هائلاً من المقالات في هذا الصدد، وكذلك بعض الخطوات الأساسية التي من خلالها يمكن فهم وتحليل النصوص المُعماة. كما عاب عليه البعض أمثال فيرمان، بعض النقاط، مثل اتباعه بكثرة، لمبدأ الصوت الأول في حل النصوص.ويعرض الكتاب في جزئه الثاني، جوانب مهمة للكتابة المُعماة من خلال عرض تاريخي لنشأة وتطور هذه الكتابة، منذ ظهورها الأول، والذي بدأ منذ أقدم العصور المصرية ومع البدايات الأولى لمعرفة الكتابة، وحتى آخر ظهور لها في النصوص المصرية، مقترنًا بآخر نص هيروغليفي معروف من الحضارة المصرية. وينتهي هذا الجزء بدراسة المبادئ والقواعد التي اتبعتها وقامت عليها الكتابة المُعماة، وجعلت منها نوعًا مميزًا من الكتابة.

ويقدم الجزء الثالث من الكتاب نماذج من الكتابة المُعماة عبر العصور وحتى العصر المتأخر.

وتبين المؤلفة، انه اعتمدت الكتابة البطلمية على المبادئ والقواعد التي قامت عليها الكتابة المُعماة، نفسها. وتوافرت بها السمات والكتابة والتهجئة ذاتها، الى جانب القيم الصوتية للعلامات التي ابتكرتها الكتابة المُعماة في مراحلها المختلفة.

وركزت النصوص التي أوردها الكتاب في الدولة الحديثة والعصر المتأخر، على النصوص المُعماة بالمعابد نظرًا لاستمرار الكتابة المُعماة/ البطلمية في المعابد حتى آخر معرفة بالهيروغليفية.

وتلفت مؤلفة الكتاب الى انه لم تقتصر الكتابة المُعماة على المعابد فقط في الدولة الحديثة والعصر المتأخر، بل امتدت لتكتب على الآثار المنقولة، وخاصة الجعارين التي أفرد الكتاب لها دراسة وتحليلاً في الجزء الرابع، نظرًا لما تميزت به من كتابات معماة كان للإله آمون السيادة فيها، حيث تناول منها اثنين وستين جعرانًا بالدراسة والتحليل كنماذج للكتابة المُعماة على الجعارين تغطي طرق كتابتها الرئيسية التي تميزت بها الكتابة المُعماة.

المؤلفة في سطور

نجوى محمد متولي، كاتبة وباحثة مصرية، حاصلة على درجة الماجستير في الآثار المصرية عن دراستها (الكتابات الطلمسة - الكربتو غرافية - في الحضارة المصرية حتى نهاية العصر المتأخر)، وهي تعد، حاليا، لنيل درجة الدكتوراه بدراسة معجمية تحليلية للكتابة المعماة في اللغة المصرية القديمة، منذ نشأتها وحتى بداية القرن الرابع قبل الميلاد.

دور وأهمية

يضي ء الكتاب جانبا مهما من الكتابة المصرية القديمة، اذ يركز على مضمون الكتابة التي تسمى اصطلاحا (المُعَمَّاة)، ويصعب على غير الموجهة إليها معرفتها، وتؤكد الباحثة (مؤلفة الكتاب)، على أن المصطلح قد يبدو غريبا على البعض من غير الدارسين والباحثين، إلا أن الدراسة تكشف أنها جزء من الكتابة المصرية القديمة ذائعة الصيت، وهي تعد تقليداً نشأ وتطور في العديد من الكتابات القديمة والحديثة أيضاً. والكتابات المعماة هي تلك التي قصد الكاتب أن يخص بها شيئاً، أو أن يضفي بها على ما يكتب شيئا من الصعوبة والسرية، وكان للعلماء العرب دور كبير في كشف غموض تلك الكتابات، إذ كان لهم الفضل في تأسيس أحد فروع علم اللغة، والذي أطلق عليه علم التعمية.

الكتاب : الكتابات المُعَمَّاة

في الحضارة

المصرية القديمة

تأليف : نجوى محمد متولي

الناشر : مركز الخطوط

مكتبة الإسكندرية

2010

الصفحات : 292 صفحة

القطع: الكبير

Email