قراءة منهجية في مدارس تشكيلية معرض العربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتناول كتاب ( معرض العربي) لمؤلفه عبود طلعت عطية عرضا نقديا فنيا لعدد من المدارس الفنية التشكيلية، من خلال بعض الفنانين ولوحاتهم الشهيرة وتبدو المادة النقدية المرافقة لصور اللوحات الفنية المعروضة لفنان ما في الكتاب واقعية وقريبة إلى اهتمامات القارئ العادي ومساعدة المشاهد للوحة على فهم واستيعاب البعد الجمالي فيها. وهو بالتالي يساعد على زيادة عدد متذوقى الفنون التشكيلية، وتنمية الثقافة النقدية الفنية، بلا تعالى على القارئ.

اعتمد المؤلف فى ذلك على توظيف النظريات الفنية، ليس فى ذاتها، بل استخدمها كأدوات يشرح بها العمل الفني أو اللوحة الفنية وتناول ملامح وخصائص النظريات الفنية، مع التوقف أمام أهم اللوحات الفنية التشكيلية لشرحها، ثم تناول أهم الملامح الثقافية والفنية فى زمن إنتاج هذه اللوحة أو تلك، وأخيرا يقدم القراءة الفنية للوحة ؛ بالإشارة إلى لوحة (العالمة) للفنان الالماني التشكيلي ناتانايل سيشل.

وهى اللوحة التي تم وضعها على غلاف الكتاب.تميز سيشل فى رسم الصور الشخصية، غير أن أكثر أعماله انتشارا وشعبية، هي لوحاته المستوحاة من الروح الاستشراقية، وتعد لوحة العالمة المحفوظة حاليا فى متحف الارميتاج واحدة من أفضلها. كما يلاحظ وجود عناصر فى اللوحة أكثر أناقة من الواقع، ومن أن تكون حقيقية..

فالزخارف الوردية المستوحاة من زهرة اللوتس والتي تزين فستان العالمة، هي نفسها على الجزء الخشبي من الآلة الموسيقية. وكذلك زخارف السجادة تتكرر داكنة حتى السواد على الجدار، وغطاء الرأس يتخذ الشكل نفسه عند المرأة وعند ابوالهول الصغير على الجنك.

ويتشكك الكاتب فى أصول الثوب الذي ترتديه هذه المرأة لأن أثواب السيدات فى الحفلات تبقى غير محددة المعالم والخطوط والشكل حتى فى عصرنا، كما أن المبخرة فى المقدمة تبدو أقرب بشكلها إلى المباخر الصينية أو تلك الآتية من التيبت!

وإذا كان الحلى الذهبية الظاهرة فى اللوحة تبدو واقعية أو أصلية فى هويتها، شأنها فى ذلك شأن الخف والسجادة... فمن المرجح أن الفنان قد رأى هذه الأشياء فى باريس، التي عرفت منذ العقد الأول من القرن التاسع عشر، حيث انتشر إنتاج سع شرقية الطرز وخاصة الفرعونية.

تبدو مهارة وعبقرية الفنان كما تظهر فى اللوحة، تكمن فى جمع كل هذه الأشياء من لا شيء أمامه، وبناء لوحة متوازنة شكلا يشع منها مناخ أبناء ذلك العصر يحلمون بالاقتراب منه والعيش فيه، ويتوجه متوازنا إلى أعين هؤلاء والى وجدانهم أيضا.

من تلك اللوحات على سبيل المثال لا الحصر: "الممرضة النبيهة- جان شاردان"- "صورة الدوق أندريا- تيسيان"- "صورة أميل زولا- ادوار مانيه"- "الطبيعة الصامتة تتحدث- بيتر كلايتز وفيلام كالف"- "السيدة حاملة الريشة- رامبرانت"- "صورة تيودور دورية- ادوار فوبار"- "العاب الأولاد- بيتر بروغل"- "صورة جنيفرادى بنشى- ليوناردو دافنشى"- "صورة شاب أرستقراطي- فرانز هالز"- "الحيوانات البحرية- هنرى ماتيس"- "الغابة الاستوائية- هنرى روسو".. وغيرها.

وتناول المؤلف الحديث عن لوحة "مونية"، كانت فرصته لأن يتناول الحديث عن "الانطباعية والانطباعيون" ويعتبر "مونيه" رائدا فذا فى الانطباعية.. حيث حمل لوحته وخرج إلى الطبيعة، بينما الشائع أن تكون اللوحة وليدة الأستوديو وترسم داخله.

فيما أوضح الكاتب أن شيوع الانطباعية خلال تلك الفترة (السبعينيات من القرن التاسع عشر) كان لأسباب عديدة، منها بدأ إنتاج الألوان فى أنابيب بدلا من المسحوق، انتهاء الحرب مع بروسيا.

 

 

 

الكتاب: معرض العربي

تأليف: عبود طلعت عطية

الناشر: كتاب العربي مجلة «العربي» الكويت 2011

الصفحات: 224صفحة

القطع: المتوسط

Email