مقامات الحريري

مقامات الحريري

ت + ت - الحجم الطبيعي

مؤلف كتاب «مقامات الحريري» هو: القاسم بن علي بن محمد بن عثمان أبو محمد الحريري البصري ولد سنة 446هـ وتوفي سنة 516هـ أما كتابه «مقامات الحريري»، فله شهرة واسعة حتى قال «الزمخشري» وهو العلامة المعروف في مدحه:

أقسم بالله وآياته

ومشعر الحج وميقاته

إن الحريري حري بأن

تكتب بالتبر مقامته

وهو الكتاب الرابع من كتب المقامات، حسب التسلسل التاريخي: وأولها مقامات بديع الزمان، وثانيها: مقامات أبي النصر عبد العزيز بن عمر السعدي، وثالثها: مقامات ابن تاقيا، ورابعها مقامات الحريري، وتضم خمسين مقامة على غرار مقامات بديع الزمان، جعل الحريري بطلها: الحارث بن همام البصري، وهو اسم بلا مسمى، وراويها أبا زيد السروحي، وهي شخصية حقيقية، وكان شيخاً بليغاً وسحر الناس بفصاحته في البصرة.

يقول في المقدمة: وأنشأت على ما أعانيه من قريحة جامدة، وفطنة خامدة، ورؤية ناضبة، وهجوم ناصبة، خمسين مقامة تحتوي على جد القول وهزله، ورقيق اللفظ وجزله، غرر البين ودرره وملح الأدب ونوادره، إلى ماوشحتها به من الآيات ومحاسن الكنايات..

المقامة الصنعانية: حدث الحارث بن همام قال: لما أقعدت غارب الأغراب وأنأتني المترتبة عن الأتراب طوحت طوانح الزمن إلى صنعاء اليمن، فدخلتها خالي الوفاض، بادي الانقاض لا أملك بلغة، ولا أجد في جراحي مضغة، فطفقت أجوب طرقاتها مثل الهائم، وأجول في حوماتها جولان الحائم، وأورد في مسارح لمحاتي، ومسابح غدواتي وروحاتي، كريماً أخلق له ديباجتي وأبوح له بحاجتي، أو أديباً تفرّج رؤيته غمي، وتروي روايته إلى حتى أدتني خاتمة المطاف، وهدتني فاتحة الألطاف، إلى نادر رحيب، محنو على زحام ونحيب، فولجت غاية الجمع، لأسير مجلبة الدمع، فرأيت في بهره الحلقة، شخصاً شَختَ الخلقة، عليه أهبة السياحة، وله رئه النياحة.

وهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه ويقرع الأسماع بزواجر وعظه، وقد أحاطت به أخلاط الزمر، إحاطة الهالة بالقمر، والأكمام بالثمر، فدلفت إليه لأقتبس من فوائده، والتقط بعض فرائده فسمعته يقول: حين حبّ في مجاله، وهدرت شقائق ارتجاله، أيها السادر في غلوائه، السّادل ثوب خيلاته، الجامع في حبهالاته، الجائح إلى خزعبلاته، إلام تستحر في غيّك، وتستحري مرعى بغيك؟ وحتّام تناهي في زهوك، ولا تنتهي عن لهوك؟

تبارز بمعصيتك مالك ناصيتك، وتجترئ بقبح سيترك، على عالم سيرتك وتتوارى عن قريبك، وأنت بمرأى رقيبك وتستخفي من مملوكك، وما تخفى خافية على ملكيك، أتظن أن ستنفعك حالك، إذا آن ارتحالك أو ينقذك مالك حين توبقك أعمالك؟...

وهكذا وعبر هذه المقامات يقدم حالة ذلك العصر وأفكاره.

m_alfahed@yahoo.com

Email