أسس دراسة المستقبل في المنظور الإسلامي

أسس دراسة المستقبل في المنظور الإسلامي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حاول الإنسان منذ بدء الخليقة معرفة المستقبل، فكان دائم النظر إلى السماء، وتخيل الكواكب والأبراج كحيوانات، وقد ربط الكهنة القدماء بين الكواكب والمقدسات وعبدوا بعضها ومنه بدأ علم الفلك.

وقد كان للملوك منجمون يقرؤون لهم الطالع ويقدمون لهم النصح في أمور مختلفة.ويرى الباحثون أن البداية الفعلية للمستقبلية الحديثة بدأت في القرن الخامس عشر مع كتاب توماس مور (يوتوبيا) الذي تصور فيه مجتمعا مثاليا، ثم وضع فرنسيس بيكون كتاب (الاطلنتس الجديدة) متصورا مجتمعا فاضلا في جزيرة سماها «بن سالم» وفيها معهد (بيت سليمان) يقوم بقراءة المستقبل.وتصدر ضرورة أهمية دراسة المستقبل في العالم الإسلامي بسبب حاجتها إلى النهوض وقيادة البشرية وتحقيق الخيرية من جهة، ومن جهة أخرى لرد جهود القوى العالمية الساعية في سرقة مستقبلها أولا وصدّ الكيان الصهيوني في قلب العالم الإسلامي وسعيه ليكون القوة الأولى إقليميا ثانيا وتزايد أهمية البترول ثالثا وضرورة الاستعداد لمرحلة ما بعد النفط رابعا وضرورة الاعتماد على الذات خامسا.

ومن أبرز المؤسسات العربية في استشراف المستقبل: المعهد العربي للتخطيط في الكويت الذي انشأ في 1968، ومركز دراسات الوحدة العربية في بيروت عام 1945.

ويهدف كتاب «أسس دراسة المستقبل في المنظور الإسلامي » لمؤلفه محمد بن أحمد حسن النعيري إلى الحث على تأصيل العلوم إسلاميا وذلك ببيان ما في الشريعة الإسلامية من مبادئ السلوك البشري وطبيعة الفطرة وسنن الاجتماع البشري والإفادة من ذلك في مجال الدعوة الإسلامية وتنقية العلوم الاجتماعية من الأصول الوثنية والكتابية وتقديم الفكر الإسلامي بالأسلوب المناسب لإشعار الناشئين المبهورين بالحضارة الغربية بالاعتزاز بدينهم الذي لم يفرط في الكتاب من شيء، وبناء العقلية الإسلامية المفكرة والمخططة.

وقد مرت عملية التأصيل الإسلامي بعدة مراحل كان أولها مع جمعية العلماء الاجتماعيين المسلمين بالولايات المتحدة الأميركية 1972 تلاه انعقاد «المؤتمر العالمي الأول للتربية الإسلامية» الذي تضمن نظرة نقدية للعلوم الاجتماعية الغربية ثم انعقاد الندوة العالمية للفكر الإسلامي في لوجاو بسويسرا 1977 وتلتها ندوة خبراء أسس التربية الإسلامية بمكة المكرمة ,1980.ثم انشئ المعهد العالمي للفكر الإسلامي في عام 1981 وهدفه هو صياغة مناهج إسلامية في مجال الدراسات الإسلامية... وهناك معاهد وندوات ومجلات مثل مجلة المسلم المعاصر..

يستند المنظور الإسلامي على أسس عقائدية أولها (الإيمان بالله والغيب وسنن القرآن الكريم الكونية..) وعلى أسس قيمية ونفسية (مثل الصدق والصبر والتفاؤل وعدم الخوف ونبذ التشاؤم..) وأسس عملية ممثلة في الاستفادة من أهل الخبرة وعامل الزمن.. تقتضي ضوابط التأصيل الاستنباط من المصادر الإسلامية والاستفادة من العلوم الحديثة مع التسليم بأنها وجهات نظر غربية وليست قوانينا وإنها قد تتفق أو تختلف مع الفكر الإسلامي ولنا أسوة حسنة في رسول الله «صلى الله عليه وسلم» بالاستفادة من اسارى بدر في التعليم وحفر الخندق الفارسي في غزوة الخندق والاستفادة من المنجنيق الفارسي في العدة الحربية..

كما تقتضي على اختيار الإطار المرجعي بالانطلاق من المفاهيم كما تحذر من التلفيق بتطويع النصوص للنظريات الشائعة وإخضاعها لنصوص الشريعة والاكتفاء بتنقية الشوائب المتعارضة مع الشريعة الإسلامية، أو المواءمة الاجتماعية كما تحذر ضوابط التأصيل الإسلامي من الفهم الشخصي أو الاعتماد على غير المتخصصين والإسهاب في الفقهيات والشرعيات والتعسف في التفسير وعدم توخي الدقة.

وهناك مدارس عدة في دراسة المستقبل (روسية، أميركية، فرنسية..) وهناك نماذج عالمية مثل نموذج حدود النمو ونموذج ساروم ونموذج الأمم المتحدة ونموذج المستقبلات الدولية ونموذج باريلوتشي.. وهي نماذج مالتوسية درست الوطن العربي للهيمنة عليه وكان إنشاؤها نتيجة للمطامع الغربية.

كما ينتقد الكتاب النماذج العربية (قسطنطين زريق، فريد زكريا) العلمانية المتغربة التي تساوي بين الإسلام والمسيحية والقرآن الكريم والإنجيل، وتجعل الدين مستقبلاً أخروياً فقط.

المؤلف في سطور

محمد بن أحمد حسن النعيري يعمل مدرسا في جامعة الجزيرة في الخرطوم وله العديد من الدراسات الاكاديمية المتخصصة في علم المستقبل وله مشاركات متعددة في مؤتمرات وندوات دولية وعربية وأسلامية.

المستقبل البشري

وضع الفيلسوف والأديب فولتير مصطلح استشراف المستقبل وفي عام 1750 قدم تورغو دراسة مستقبلية سماها (التقدمات المتتالية لعقل الإنسان) ثم ألف الماركيز دو كوندروسية كتاب(رسم تخطيطي لتطور عقل الإنسان خلال الحقب التاريخية) تنبأ فيه بكثير من تطورات القرنين اللاحقين، ويعد توماس مالتوس (1843-1766) صاحب أول دراسة علمية لاستطلاع مستقبل البشري سماها «نمو السكان» وهي رؤية تتسم بالتشاؤم عن مستقبل الثورة الصناعية.

الكتاب: أسس دراسة المستقبل في المنظور الإسلامي

تأليف: محمد بن أحمد حسن النعيري

الناشر: دار الفكر

دمشق 2009

الصفحات: 190 صفحة

القطع: المتوسط

أحمد عمر

Email