إعدام لوركا كان انتقاماً من والده

إعدام لوركا كان انتقاماً من والده

ت + ت - الحجم الطبيعي

الأحقاد والضغائن بين أبناء عائلات وادي غرناطة كانت أحد الأسباب التي تقف وراء موت الشاعر الإسباني فدريكو غارسيا لوركا، ذلك أن أعداء والده فدريكو غارسيا رودريغيز انتقموا منه عن طريق ابنه.

تحت عنوان «الحقيقة حول مقتل غارسيا لوركا. تاريخ عائلة» الصادر في إسبانيا، مؤخرا، عن دار النشر «إيبرساف»، ينشر التحقيق الأكثر تفصيلا واكتمالا حول الأسباب التي تقف وراء جريمة قتل فديريكو، التي انسكبت من أجلها أنهار من الدموع والحبر على حد سواء. موت غارسيا لوركا طرح دائما عددا لا متناهي من القصص التي يلفها الغموض والصمت بفعل اللحظة التي وقع فيها، عام 1936، أي في بداية الحرب الأهلية الإسبانية.

حتى تاريخ صدور هذا الكتاب كان مقتل الشاعر الكبير «يبرر» في إطار تلك الأحداث المأساوية، حيث كانت الدوافع السياسية تساق في مقدمة الأسباب التي أفضت إلى إعدامه على يد فصيلة إعدام متخصصة تابعة لقوات الجنرال فرانكو الفاشية، فضلا عن شذوذ الكاتب من الناحية الجنسية.

بيد أن الدراسة التي قام بها كل من ميغيل كاباييرو وبيلار غونغورا تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك وتكشف النقاب عن السبب الحقيقي الذي أدى إلى موته والذي يبين التحقيق والبحث أن ذلك السبب كان مغمسا بأحقاد وضغائن العائلات المحلية والمواجهات التي كانت على أشدها فيما بينهما، لكن الأمر لم يقتصر على المواجهات السياسية فحسب، وإنما الاقتصادية والاجتماعية التي كان مسرحها بساتين ومزارع وادي غرناطة أيضا.

ووفقا لما أوردته مجلة «لا كلافي» الاسبانية،مؤخرا، فإن فيديريكو غارسيا لوركا دفع ثمن تبعات الحسد الذي كان يثيره فديريكو آخر وهو والده الذي يدعى غارسيا رودريغيز. ذلك أن أعداء هذا الأخير ـ الذين لم يسامحوه على ارتقائه السلم الاجتماعي بفضل براعته في التجارة وميله الفطري اللافت للانتباه ولاسيما في ميدان بيع وشراء الأراضي ـ انتقموا منه في شخص ابنه.

ويبدو أن مؤلف «عرس الدم» كان ضحية عملية ثأر بين عشائر فالديروبيو وفوينتيفاكيروس من جهة ورولدان وألبا من جهة أخرى، التي كانت تكن عداء تاريخيا لغارسيا لوركا وفعلت ما بوسعها حتى يلقى فديريكو هذا المصير الأسود انتقاما منه على الوصف الهدام الذي وصف به غارسيا لوركا نساءهم في «بيت بيرناندا ألبا». يضاف إلى ذلك نزاعات قديمة على توزيع الأراضي والخصومات السياسية بين الطرفين الناجمة عن أن عائلتي رولدان وألبا كانتا تنتميان إلى اليمين المتشدد بينما كانت عائلة غارسيا لوركا جمهورية.

الكتاب يحاول إلقاء الضوء على الجوانب المظلمة من عملية القتل انطلاقاً من وثائق جديدة ظهرت خلال السنوات الأخيرة ولم تكن قد رأت النور سابقا والتي تثبت أن موت الشاعر قد تم تدبيره في محيطه العائلي. وهكذا، فإن الشائعة الشعبية التي كانت تقول إن الأقرباء هم الذين كانوا المحرضين على قتله قد ثبتت صحتها الآن. ويقول كاباييرو: «هذا هو أكثر ما فاجأني أثناء البحث، أن العائلة نفسها كانت وراء عملية القتل».

حياة لوركا في سطور

ولد الشاعر الإسباني والمسرحي فدريكو غارسيا لوركا قرب غرناطة في 5 يونيو عام 1898 وعاش في كنف عائلة ثرية، كما عرف أيضاً كرسام وعازف بيانو وملحن. وقتل في 19 أغسطس 1936 من قبل حزب الوطنيين حينما كان في الثامنة والثلاثين من عمره في بداية الحرب الاسبانية الأهلية.

وفي غرناطة بدأ تواصله مع الفنانين المحليين، ونشر أول مجموعة شعرية له عام 1918. وفي مدريد خلال دراسته الجامعية عام 1919 صادق مجموعة من الفنانين مثل الفنان السوريالي سلفادور دالي ومدير مسرح إسلاف جورج مارتينيز سييرا الذي دعاه إلى كتابة وتقديم أول مسرحية له، والمخرج السينمائي لويس بونويل.

وفي عام 1920 أصيب بحالة اكتئاب بسبب ظرفه العاطفي، ونشر العديد من القصائد. وفي بداية الثلاثينات سافر إلى أميركا، وتزامنت عودته مع سقوط الدكتاتور بريمو دي ريفييرا وبداية تأسيس الجمهورية.

وحصل عام 1931 على منصب مدير جامعة طلبة المسرح، وخلال الجولات المسرحية كتب أجمل مسرحياته مثل «عرس الدم» و«إيرما» وغيرهما. ومع إعلان الحرب عاد إلى غرناطة على الرغم من المخاطر حيث تم توقيفه وإعدامه.

أعمال وتراجم ومؤلفات قدمت عنه بالعربية

«نساء لوركا» مسرحية مقتبسة من أعمال لوركا للمخرجة والمؤلفة العراقية عواطف نعيم وقدمت في مهرجان قرطاج في دورته الأخيرة خصصت مؤسسة الفنون الحية في المغرب الدورة الأولى من «مهرجان مسرح وثقافات» الذي نظمته عام 2006، لإحياء ذكرى الفنان الإسباني ذي الجذور المتوسطية فريديريك غارسيا لوركا حيث تضمن المهرجان مسرحيات له وأعمالاً ولوحات مقتبسة عن سيرته ونتاجه.

من الكتب

هيجان محاكمة وقتل لوركا جوزيه لويس دي فيلالونفا، ترجمة، تحقيق: منصور أبو الحسن «مختارات من لوركا» تأليف ناديا شعبان «يرما وقصائد من شعره».

باسل أبو حمدة

Email