خفايا التلمود في طبائع وعقائد اليهود

خفايا التلمود في طبائع وعقائد اليهود

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يركز الكاتب إبراهيم الدسوقي عبد الرحمن في كتابه على دراسة وتحليل كتاب «التلمود» وخباياه وما أحدثه من تغيير جذري في الديانة اليهودية، حيث قسمها إلى عقائد وفرق مختلفة كما أثر في سلوكيات المؤمنين به مما أدى إلى انحرافهم. ويعتبر الكاتب بأن تعاليم هذا الكتاب هي التي شكلت العقل الصهيوني بما يمثله من عنف واستبداد وروح عدوانية.

تناول الدسوقي تعريف التلمود من نواح شتى، باعتباره توجه أيديولوجي تكون من تراكم أفكار بشرية وضعت في أزمنة مختلفة من أصحاب الصفوة الدينية وتشمل آراء وأحكاما وتفسيرات وروايات ونصائح في مجالات الحياة المختلفة، وجمعت وغلفت بغلاف ديني لتكتسب صفة القداسة فتصبح ملزمة كمنهج حياة وتحديد سلوك فئة مخصوصة من البشر وجهت إليهم (هم اليهود). واستعرض المؤلف تعريفات للتلمود لبعض الكتاب منهم الأستاذ علي الجنيدي الذي يعتبر التلمود هو الوصايا التي كتبتها أيدي أحبار ويتكون من (المشنا) وحواشي المشنا أي شرحه ويسمى (الجمارا)، وأن هناك تلمودا بابليا وآخر أورشليميا (فلسطينيا).

ومن وجهة نظر الكاتب فإن التلمود هو عجل السامري الجديد، هو المحضن والمعطن الذي ينمو فيه وعليه الشخصية الشيطانية لليهود بكل ما تحمله من معاني الفساد والتخريب والتضليل وطمس الحقائق واختلاف الأكاذيب. وفي تعريفه للتلمود من منظور الرؤية التاريخية الواقعية يعتبره الدسوقي فكرا بشريا لأصحاب أيديولوجية متزمتة ومتطرفة، ويعتبره دعوة مفتوحة إلى الشر والفوضى والخروج على المشروعية ومنطق العقل والأخلاق.

وفي سياق آخر عرض الدسوقي مكانة التلمود «الكتاب المقدس الثاني لدى اليهود» فهو عند اليهود القانون العام المنظم لعلاقاتهم سواء فيما بينهم أو مع الآخرين، ويمكن النظر إليه على أنه مجموعة تقارير وأحكام لكل ما أمكن حصره وتسجيله من قضايا وتعليمات وتوجيهات للسلوكيات التي يجب على اليهودي أن يتخذها في المواقف المختلفة من وجهة نظر الكهنة كتبة نصوص التلمود.

ويرى المؤلف أن التلمود بدأ تدوينه حسب تقرير البعض من حوالي 150 عاما ق.م ويعتبر لدى أغلب اليهود المرجع الديني الأول، ومن جهة أخرى يعتبره المغذي للعنصرية فيهم بما يدعو إليه من صلف ويعمق لديهم فكرة «شعب الله المختار»، وأنهم هم وحدهم البشر وما دونهم حيوانات مسخرات لخدمتهم. وتعرض الكاتب إلى معنى كلمة تلمود فهي تطورت عن اللغة الآرامية ودخلت العبرية ومعناها «التعاليم أو القوانين» كما تعني «التعليم Teaching» وكذلك فهي تعني «التعلم Learning».

وعن الطريقة التي سوق بها الحاخامات التلمود بين اليهود برأي المؤلف هي أن شريعة موسى ليست فقط هي النصوص المدونة في أسفار العهد القديم وتقع في الأسفار الخمسة المسماة بتوراة موسى بل هي تشمل أيضا شريعة تلقاها موسى شفويا وتفاسير نقلها إلى الخاصة من تلاميذه وهم بدورهم نقلوها إلى تلاميذهم جيلا بعد جيل مع ما يزاد فيها من شروح وتوضيحات وأيضا إضافات وتفاسير، وهكذا رفعوا من قدر التلمود وجعلوه مقدسا كقداسة التوراة.

واستعرض الدسوقي مراحل نقل وتدوين وتحريف وطباعة التلمود إلى مرحلة المشافهة والتي استمرت حوالي 800 سنة (1250 ق.م ـ 450 ق.م)، وتلتها مرحلة الكتابة التي دامت حوالي ألف عام ساد فيها إبادة وتشريد اليهود وظهور المسيح والمسيحيين واللجوء إلى التحريف والكذب وهدم الهيكل ومحاربة المسيحية لليهود، ثم مرحلة ظهور الإسلام وانتشاره وما جرى من مناهضة ومحاربة اليهود له بتحريف التوراة والتلمود، واستمر التحريف من بعد ظهور الإسلام إلى الآن حيث استمر الحاخامات في التدخل في نصوصه ومضمونه.

وسلط الكاتب الضوء على أقسام التلمود ومكوناته، القسم الأول منه هو المشناة ـ كلمة عبرية تعني «التثنية» عبارة عن تفسير للتوراة واجتهادات تفسيرية لحاخامات اليهود وهي عبارة عن مجلد ضخم يضم ست رسائل أطلق على كل منها اسم سيداريم أي أحكام، أما عن لغة المشناة فهي تختلف عن لغة العهد القديم من حيث الأسلوب والألفاظ وهي العبرية المتطورة وتسمى (لشون حخاييم) أي لسان أو لغة الحكماء.

أما القسم الثاني منه فيسمى ب«الجمارا» ويذهب المؤلف إلى أنها لفظة آرامية معناها (التكملة أو التعليم أو التتمة)، والمقصود بها الشرح والتوضيح للمشناة وهي في مضمونها عبارة عن مناظرات ومناقشات بين علماء الشريعة كما تشمل آراء وتحاليل لبعض نصوص الشريعة. وفي سياق آخر تطرق الدسوقي إلى أثر الحضارات المختلفة في موضوع التلمود، حيث خضع هذا الأخير إلى تعديلات نتيجة تأثره بكل من الحضارة المصرية والبابلية والفارسية والهندوسية واليونانية.

ويرى الكاتب أن ظهور التلمود ساهم بدرجة كبيرة في انقسام اليهود إلى فرق متعددة وتعميق الهوة بين أشهر هذه الفرق وتعاظم واحتدام الخلاف بينها، وكان أهم ما يباعد بين هذه الفرق هو اختلافهم حول ما يعتقدونه الصحيح من التوراة ومدى تصديقهم أو إنكارهم بالبعث والنشور والحساب والعقاب، وكذلك اختلافهم على الاعتراف بالتلمود وجدلية هل هو من عند الله؟!.

وفي تقييمه للتلمود يعتبره الدسوقي مليئا بالمتناقضات، مشبعا بالترهات، فتجد فيه حكما مأثورة عن الأمم التي احتوتهم أو أسرتهم، وأحيانا تفيض كرها وحقدا نظرا لما وقع عليهم من تضييق وإذلال، وأكد المؤلف على أن وراء نصوص التلمود تركيبة بشرية بلغت من انحطاط العقل نهايته ومن توحش السلوك وهمجيته غايته، اضافة الى تحريف الحقائق والوقائع وتزويرها.

وألقى الدسوقي الضوء على الجانب السلبي واللا أخلاقي للتلمود، فمكانة التلمود تعلو مكانة التوراة، ثانيا أن الله ليس بصاحب القدرة المطلقة وليس القادر على شيء، وأن أرواح اليهود تتميز عن باقي أرواح خلق الله كلهم، وبأن الأرض وما عليها ملك لليهود فقط لأنهم شعب الله المختار، محاربتهم لسيدنا عيسى عليه السلام وللمسيحيين، وحثهم على القتل واستباحة الدماء في عقيدة التلموديين.

وفي الأخير يذهب الكاتب إلى أن الأفكار والأسس المكونة للتلمود مغلفة بغلاف ديني لتكتسب صفة القداسة وترتفع إلى مصاف الكتب المقدسة، ولتعلو عليها وتسود وقد يشكل ثورة أو انقلابا على اليهودية الحقة والتوراة.

نشر الفساد

تتركز التزامات التلمود في أعمال شريعة الشيطان ومحاربة الدستور الإلهي وإظهار الدستور الدنيوي، ونشر الفساد والرذيلة في كل مكان وسفك الدماء وإشاعة الدمار. ويرى الباحث بأنه ينفذ في جميع مجالات الحياة في كل مكان وكل زمان وهذا ما شهد به التاريخ القديم والمعاصر للتلموديين سواء في الشرق أو الغرب

المؤلف في سطور

إبراهيم الدسوقي عبد الرحمن كاتب وباحث مصري له العديد من المؤلفات والدراسات التاريخية والسياسية المهمة ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي كما يساهم في عدد من المجلات والمطبوعات المتخصصة بالشأن الاستراتيجي، ويعكف على إصدار المزيد من الأعمال البحثية والأكاديمية المتعلقة بالقضايا الغربية والإسلامية.

ناهد رضوان

الكتاب: خفايا التلمود في طبائع وعقائد اليهود

تأليف: إبراهيم الدسوقي

الناشر: دار الكتاب العربي دمشق 2008

الصفحات: 302 صفحة

القطع: الكب

Email