أورام الثدي

أغلب كتل الثدي حميدة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يقع الثدي في منطقة الصدر ضمن الجدار الأمامي للصدر داخل الأنسجة الليفية الدهنية تحت الجلد، حيث ان قسماً منها يقع بين الثدي وعضلات جدار الصدر والجزء الآخر السطحي يقع بين الثدي والجلد. وهناك ألياف تخترق الثدي لتربط الطبقتين السطحية والعميقة مما يجعل الثدي يتحرك مع تحرك الطبقة الجلدية التحتية.

يغطي الثدي لدى المرأة معظم الجدار الأمامي للصدر حيث يمتد طولاً فوق الاضلاع من الثاني وحتى السادس أو السابع، ويمتد عرضا ابتداء من حافة عظم القص اماماً وحتى الجدار الأمامي للإبط وقد يتجاوزه أحيانا ليصل إلى الجدار الوسطي للإبط. في مرحلة البلوغ يكون شكل الثدي دائرياً أو مخروطي الشكل وذا قاعدة دائرية بقطر (10 ـ 12سم) ويبقى محافظاً نسبياً على هذا الشكل حتى يكون هناك حمل ورضاعة حيث يزداد حجمه ويبدأ بالتهدل. ومع تقدم العمر يتسطح الثدي ويصغر حجمه.

يتكون الثدي من فصوص غدية يتراوح عددها بين (15ـ 20) تتكون هذه الفصوص من غدد انبوبية الشكل تنتهي كل منها بأنبوب صغير يتصل بعضها البعض ليشكل كل فص انبوبا تترتب بشكل قطري حول وفي منطقة الحلمة لتفتح هناك بفتحة صغيرة في مقدمة الحلمة.

هذه الفصوص المكونة للثدي ترتبط ببعضها البعض بنسيج ليفي رابط يحيط بكل فص ويمتد بين الفصوص وهي التي تعطي للثدي تركيبته وشكله. تنتهي الفصوص وتفتح في منطقة الحلمة وهي منطقة دائرية الشكل تتميز بلونها الغامق وبجلد ذي تجاعيد صغيرة ويزداد عمق لون الحلمة مع البلوغ اما في مرحلة الحمل فتكبر الحلمة وتزداد صفتها عمقاً.

وتمتلك منطقة الحلمة أليافا موزية بشكل دائري وقطري وهذه الألياف العضلية هي التي تقوم بتهيئة شكل الحلمة وانتصابها عند حدوث المنبهات المختلفة وتمتاز منطقة الحلمة أيضا بامتلاكها عدداً كبيراً من الخلايا الحسية والتي لها تأثير كبير على الثدي خاصة في عملية الإرضاع وتدفق الحليب.

ان هذه الوضعية المذكورة للثدي هي المرحلة الاعتيادية بدون حمل أو رضاعة وتختلف جزئيا خلال دورة الحيض، حيث تفرز مادة (الايستروجين) في مرحلة تكون البويضة على زيادة حجم الثدي وتأخذ خلاياه الغددية نحو التوسع ثم تعود بعد ذلك إلى طبيعتها الأولى.

اما في مرحلة الحمل فيمر الثدي بحالة تضخم ونضوج في الأنسجة وتكبر فصوص الثدي وتبدأ بالتخصص فبعد ان كانت غدده أنبوبية فقط تتكاثر نهاياتها لتكون عنقودية الشكل وتزداد هذه الحالة وضوحاً في الأشهر الأخيرة للحمل حيث تبدأ الإفرازات بالتجمع داخل الغدد والتي تفرز نوعين من المواد احداهما دهنية والأخرى بروتينية وهي المكونتان الأساسيتان للحليب.

لكل عضو في الجسم جهاز لمفي ينقل الخلايا والمواد الاخرى التي لا يتمكن الدم من نقلها في تلك المنطقة نحو مركز الجسم بقنوات لمفية تمر خلال طريقها بمحطات نصفية (الغدد اللمفية) وهذا الموضوع مهم جداً بالنسبة لموضوع الثدي حيث ان معرفة سريان اللمف واتجاهاته والغدد التي يمر بها مهمة جداً في علاج امراض الثدي وتتبع طرق انتشاره واستباق الانتشار برفع هذه الغدد احيانا.

ومن المعروف ان أكثر من ثلثي اللمف المغادر من الثدي يتجه نحو الابط بغدده المختلفة وحسب موقع الفص القادم من اللمف.

اما بقية اللمف فيذهب نحو الغدد اللمفية في منطقة عظمة الترقوة كما ان هناك جزءاً قليلاً يتجه عميقا داخل الصدر وحتى يذهب قسم نحو الثدي الآخر ان وجود عقدة أو ورم في الثدي شيء شائع بين النساء سواء عند البلوغ او قبل سن اليأس أو بعده. ان هناك حوالي نصف النساء اللاتي يشتكين من آلام او عدم ارتياح في الثدي ليس لديهما أي مرض في الثدي.

حوالي 60ـ 70% من حالات اورام الثدي يتم اكتشافها عن طريق المرأة نفسها حيث انها هي التي تلاحظ وجود الورم لتقوم بعد ذلك بمراجعة الطبيب ومن اجل زيادة حرص المرأة على اكتشاف أي مرض في الثدي بصورة ننصحها بالفحص الدوري.

الفحص الدوري

ـ يتم الفحص المثالي في الحمام وأمام مرآة كبيرة تكفي لمشاهدة النصف الاعلى من الجسم كاملا.

ـ تقف المرأة امام المرآة ويداها إلى جانبها وتلاحظ الثديين والتأكد من عدم وجود أي اختلاف في مظهرهما وحجمهما ولونهما والتأكد من شكل الحلمة وموقعها.

ـ بعد التأكد من السلامة من هذه الخطوة ترفع يديها إلى الأعلى وتعيد ملاحظة الثديين والحلمتين وجدار الابطين.

ـ تعيد العملية بعد وضع الكفين على الوركين (فوق حافة عظم الحوض) والقيام بعملية الضغط العضلي على العظم ثم الارتخاء من أجل وضع العضلات في جدار الصدر وتحت الثدي في حالة تقلص وانبساط.

ـ بعد ذلك وبعد انتهاء عملية الفحص عن طريق النظر ننتقل إلى مرحلة التلمس فتبدأ المرأة بتلمس كل ثدي براحة اليد الأخرى ويكون التلمس بالضغط براحة اليد على الثدي دون مسك أي جزء منه بين الأصابع. ويمرر الكف فوق كافة مناطق الثدي بصورة منتظمة بعد تقسيمه نظرياً إلى أربعة أقسام.

ـ بعد ذلك يتم التلمس بالأصابع لمنطقة الإبط بفحص الجدار الأمامي والخلفي والجانبي وصولاً إلى قمة فجوة الإبط والتأكد من عدم وجود أي ورم فيها.

ـ يتم تلمس الثدي والإبط بالنسبة للجانبين.

ـ يجب استشارة الطبيب وبسرعة إذا أظهر الفحص وجود أي شيء غير طبيعي في الثدي أو الإبط.

الأورام الحميدة

هي حالات يزداد فيها نمو الخلايا وتكاثرها بصورة أكثر من الصورة الطبيعية إلا أن الخلايا تكون منضبطة ضمن قواعد النمو الطبيعية للنسيج ولا تمتلك أياً من صفات الخلايا السرطانية، وهي إما أن تكون التهابية أو ليفية أو غددية، وتشكل حوالي 20% من حالات أورام الثدي.

العقدة الليفية

وهي أكثر أورام الثدي الحميدة شيوعاً وأكثر ما تصيب الشابات في المراحل الأولى بعد البلوغ وحتى العقد الثالث ولا يزيد حجمها اعتيادياً عن 2 ـ 3 سم، ولا تسبب أي آلام وتتكون من خليط من الأنسجة الغددية والليفية وتتميز بحواف واضحة منتظمة ومتميزة عما حولها، وذات سطح أملس نوعاً.

يتم التأكد من التشخيص باستعمال التصوير الشعاعي للثدي أو عن طريق أخذ وخزة من الغدة نفسها وفي حالة التأكد من كونها عقدة ليفية حميدة يتم تركها تحت المشاهدة والمراقبة وخاصة عند الشابات، أما إذا كان العمر فوق (35 سنة) فيفضل رفعها حتى ولو كانت حميدة للتأكد من عدم وجود مرض خبيث حيث ان نسبة الأورام الخبيثة تزداد بعد هذا العمر.

- إفرازات الحلمة: تشكل إفرازات الحلمة مصدر قلق للمريض وللطبيب على حد سواء ، ويتم تشخيص السبب بالقيام بالفحص الخلوي لهذه الإفرازات للتأكد من مسبباتها.

وقد تستوجب إجراء أشعة ملونة للمنطقة بعد زرق صبغة ملونة عن طريق فتحة الحلمة والتأكد من حجم وموقع المرض المسبب للإفراز وقد يكون حميداً، وتتم المعالجة حسب نوع وموقع وامتداد هذه الإفرازات ومسبباتها.

سرطان الثدي

وهو أكثر السرطانات شيوعاً لدى النساء، إذ يشكل حوالي ثلث سرطانات النساء ويصيب حوالي (20 في كل مئة ألف امرأة).

هناك بعض العوامل التي تعتبر من المسببات أو الممهدات للإصابة بسرطان الثدي منها:

ـ أسباب وراثية جينية أو عائلية حيث إنه من المعروف أن بعض العوائل تصاب بهذا المرض أكثر من غيرها وهو ثابت احصائياً ولحد أربعة أضعاف المعدل الطبيعي للإصابة بالمرض.

ـ أسباب غذائية وبنيوية: فإن زيادة نسبة الدهون الحيوانية في الطعام وكثرة المقليات إضافة إلى زيادة الوزن وخاصة بعد سن اليأس، فإنها تزيد من احتمال الإصابة بالمرض.

ـ الهرمونات، فمثلاً استعمال حبوب منع الحمل ولسنين طويلة وخاصة إذا كانت بداية الاستعمال في سن مبكرة.

ـ الحمل والإرضاع: الحمل المتكرر وخاصة الحمل المبكر فإن الحمل في سن (18 سنة) يقلل نسبة الإصابة بالسرطان إلى الثلث مقارنة بمن يتم الحمل لديها للمرة الأولى بعد سن (35). الإرضاع الطبيعي قد يقلل الإصابة بالسرطان.

ـ البلوغ المبكر وسن اليأس المتأخر (حيث إنهما يزيدان من فترة تعرض المرأة للتأثير الهرموني).

ـ وجود أورام في الثدي الآخر.

ـ التعرض للإشعاع لأي سبب آخر (أي غير العلاج الاشعاعي لسرطان الثدي).

تطور المرض

ـ في حالة عدم المعالجة فإن المرض يتطور ويكبر وينتشر ويؤدي إلى الوفاة نتيجة الانتشار خلال مدة معدلها لا يزيد على ثلاث سنوات، وإن الذين يبقون على قيد الحياة بعد خمس سنوات هم حوالي (20%) فقط.

ـ يزداد حجم الورم بصورة منتظمة، ومع زيادة حجمه تزداد نسبة انتقال الخلايا السرطانية سواء عن طريق الدم أو اللمف. وفي البداية تقوم خلايا الدفاع الجسمي بالقضاء عليها إلا انه وبعد زيادة حجم الورم ونسبة الخلايا السرطانية المنتشرة يبدأ قسم منها بالاستقرار والنمو موضوعياً (حسب الموقع الذي نستقر فيه سواء أكان غدة لمفاوية أو عن طريق الانتشار الدموي). وتكون شكوى المريض في مثل هذه الحالات بسبب تأثير الانتشار إضافة إلى التأثير الأولي للمرض.

ـ قد يكبر المرض موضعياً لتخترق الجلد مسبباً تقرحات موضوعية بمختلف تأثيرها. بحسب حجمها وموقعها.

تقييم درجة الورم

تنقسم المراحل وحسب حجم الورم وامتداده وتأثيره على المناطق المجاورة والغدة اللمفية والانتشار البعيد إلى أربعة مراحل.

المرحلة الأولى عندما يكون المرض صغيراً وليس له أي انتشار.

المرحلة الرابعة والأخيرة عندما يكون الانتشار بعيداً عن موقع الورم.

وما يهمنا هنا هو العلاقة الثابتة والواضحة بين مرحلة المرض حين اكتشافه ونسبة شفاء المريض (وتقاس عادة بنسب من يعش لمدة خمس سنوات بعد ذلك) حيث ان نسبة الشفاء تزداد كلما تم اكتشاف المرض مبكراً.

فبينما نرى أنه لا تزيد نسبة البقاء حياً لمدة خمس سنوات على 10% لمن تم اكتشاف مرضهم وهم في المرحلة الرابعة من المرض أي ان نسبة الشفاء تصل إلى 85% أو أكثر للمرضى الذين يبدأون العلاج وهم في المرحلة، وهو فرق شاسع يدعو للتوقف والتأمل حيث يدعونا جميعاً كأطباء وكمجتمع من أجل العمل على زيادة نسبة الاكتشاف المبكر للمرض من أجل تجنب مضاعفاته وإعطاء فرص أكبر للشفاء منه.

ولهذا نؤكد مجدداً أهمية قيام المرأة بالفحص الدوري لنفسها والمراجعة المبكرة عند اكتشاف أي شيء غير طبيعي في الثدي، أو حتى عند الشك في وجود ذلك.

وكذلك أهمية إجراء الفحوصات الدورية بالنسبة للمريضات اللواتي يعتبرن أكثر عرضة للإصابة (بالنسبة للعمر أو صلة القربى لمريضات مصابات أو غير ذلك).

الدكتور محمد صالح العاني

اختصاصي الجراحة العامة

في مجمع سماء الطبي

Email