تعثر البنوك

ت + ت - الحجم الطبيعي

في القمة الحكومية الأخيرة، تحدث سمو الشيخ منصور بن زايد عن صندوق الديون المتعثرة، الذي أنشئ بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وقال محذراً من تلاعب البنوك بالفوائد: «القروض ورطة لا تتورطوا فيها».

ولأننا ندرك أن القروض ورطة وينبغي أن ننأى بأنفسنا عن الوقوع فيها، إلا لحاجات ضرورية ومع بنوك ندرك حقيقة تعاملها مع الفوائد واحتسابها بطريقة منطقية لا إجحاف فيها لنا كمقترضين، ارتأينا أن نثير اليوم قضية الإعلانات البنكية التي لم تتوقف يوماً عن الإعلان عن التسهيلات التي تقدمها للمقترضين، مواطنين كانوا أو وافدين، وبمبالغ مغرية للأشخاص الذين ينقصهم الوعي المالي ويصبحون ضحايا القروض وتعثرها.

على سبيل المثال لا الحصر، قرأنا بالأمس إعلاناً لأحد البنوك الكبرى يعرض تمويلاً شخصياً حتى مليوني درهم للمواطنين، ومليون درهم لغير المواطنين، على أن يكون الحد الأدنى للراتب ثلاثة آلاف درهم.

الإعلان مغر، فالقرض يتوافر للمتعاملين الذين لا يحولون رواتبهم للبنك، وأصحاب الأعمال، مع سيولة نقدية وإجراءات سريعة.

وليس هذا هو الإعلان الوحيد، فهناك إعلانات نجدها في الطرقات وأمام أعيننا، ما يجعلنا نتساءل عن وجهة نظر المصرف المركزي في التناقض الحاصل بين ما تدعو إليه الدولة وتحذر منه، وبين ما تقدمه البنوك من إغراءات كبيرة عن القروض هي السبب في تعثر القروض وعجز الكثيرين عن سدادها.

إذا كان هذا البنك، على سبيل المثال، يقدم قرضاً بقيمة تصل المليونين أو المليون درهم لمن راتبه ثلاثة آلاف درهم، فيا ترى كم سيتبقى للمقترض من راتبه في حال بدأ في السداد للبنك؟ وإذا كان لدينا اليوم صندوق لسداد ديون المتعثرين من المواطنين.

فكيف سيسدد البنك ديون المتعثرين من الوافدين الذين هرب عدد غير قليل منهم خارج الدولة قبل انتهاء الدين عليه منذ سنوات، تاركين البنوك أمام ديون معدومة لم يتم سدادها حتى اليوم، ولا يمكن تحصيلها لأنهم تركوا الدولة، ولأن المبالغ لا تصل لحد المبالغ التي يتدخل الإنتربول أو أي جهة أخرى في استرجاعها.

 استمرار الإعلانات المغرية التي تقدمها البنوك عن القروض، وبشكل يفوق حاجة المقترض أو استطاعته على السداد، سواء كان مواطناً أو غير مواطن، يؤكد أن الرقابة على سياسة القروض غير كافية، وأن تداعيات هذه القضية المرتقبة لا تقتصر على الأفراد فحسب.

بل تنعكس على كفاءة البنوك التي ستجد نفسها أمام كومة ديون متعثرة، في حال لجأ بعض الوافدين، وهم الأغلبية في الإمارات، للاقتراض منها ثم الهروب خارج الدولة.

Email