قرية العائلة للأيتام

ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيرة هي المبادرات التي تعلن عنها الإمارات بين وقت وآخر، لا سيما في المجال الإنساني والاجتماعي، ولكن بعض المبادرات تفوق غيرها بأهميتها والحاجة الماسة إليها، كمشروع قرية العائلة لليتامى الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، والذي ستقوم بإنشائه مؤسسة الأوقاف وشؤون القُصَّر في دبي، بعد أن منح سموه أرضا لإنشاء المشروع وأخرى تجارية للإنفاق عليه.

الأيتام في كل دولة لهم مؤسسات ترعاهم وتتحمل مسؤولياتهم، تحت مسمى دور الأيتام أو الملاجئ، ولكن الجديد في "قرية العائلة للأيتام" هو تسمية العاملين فيها بأسماء أفراد العائلة، إذ سيتم تخصيص أمهات بدوام كامل، معينات لمجموعة من الأطفال، وعمات وخالات مساعدات يعتبرن جزءا من حياة الأطفال اليومية، إضافة إلى جدة تشرف على القرية بشكل يومي.

هذا بالإضافة إلى إقامة كل ثمانية أطفال في فيلا سكنية، ضمن عشر فلل ستضم قرابة الثمانين طفلاً، مع مرفق طبي متكامل، ومنطقة ترفيهية، ما يعني توفير حياة أسرية متكاملة وسط حي لا يعزل هؤلاء الأيتام بقدر توفيره لهم حياة كريمة يستحقونها.

إطلاق اسم "العائلة" على هذا النوع من المؤسسات، يحدث تغييرا وتحولا في مفهوم مؤسسات دور الأيتام، التي لم يعد المستفيدون منها بحاجة إلى دار تضمهم وتؤويهم بقدر حاجتهم إلى عائلة بديلة وجو صالح للتربية والرعاية الكريمة التي يحتاجون إليها، ليصبحوا أعضاء صالحين في المجتمع.

وفي وقتنا هذا أصبح إيجاد العائلات البديلة لرعاية الأطفال أمرا صعبا، خاصة وقد بات كثيرون عاجزين عن تربية أبنائهم وتحمل نفقاتهم أو رعايتهم بالشكل الذي ينبغي، لتصبح العائلة البديلة في مقر كقرية العائلة، هي الحل الأنسب من جميع النواحي الشرعية والإنسانية والاجتماعية.

في الإمارات لدينا مؤسسات لتوفير الرعاية الصحية والتعليمية والاجتماعية، للأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة والأسر المحتاجة، مثل دار زايد للرعاية الأسرية، والمجلس الأعلى لرعاية الطفولة في الشارقة، ومؤسسة تنمية المجتمع في دبي، وأحدثها قرية العائلة للأيتام في دبي.

وجود هذا العدد من المؤسسات المختصة برعاية الأيتام في الدولة، يؤكد على مسألة مهمة، لا سيما بعد صدور قانون مجهولي النسب، وهي أهمية تأهيل الكوادر المختصة لتقديم الإدارة والرعاية اللازمة في هذه المؤسسات، وهو الجانب الذي لا بد من أن تعمل على التحضير له مؤسسات رعاية الأيتام بالتنسيق مع مؤسسات التعليم العالي، لأن التعامل مع الأيتام لا بد من أن يكون وفق معايير واشتراطات تبدأ بتوعية أفراد المجتمع تجاه هذه الفئة، وواجب احتوائهم لدمجهم في المجتمع، وانتهاء بواجب رعايتهم وتقديم الدعم اللازم لهم.

Email