تحقيق

المستأجرون في عجمان على سطح ساخن

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يلتهب سوق العقار، فتشتاط جيوب المستأجرين ليشهد مقر إدارة المنازعات الإيجارية في عجمان ازدحاما متواصلا للمراجعين على مدار الأربع والعشرين ساعة، وليعمل الموظفون في إدارة المنازعات الإيجارية خلال فترتي الصباح والمساء لاستكمال إجراءات الدعاوى الإيجارية، والنظر فيها من قبل اللجنة المختصة والتي تضم عددا من رجال القانون والإدارة.

وذلك بسبب ما تشهده منشآت الإمارة السكنية من غلو في قيمة إيجار الوحدات بما لا يتناسب مع دخول الأفراد بشكل عام. ورأت «البيان» تسليط الضوء على الأسباب التي أدت إلى تصاعد قيمة الإيجارات؟ وكيف يواجه المستأجرون أساليب وممارسات أصحاب العقارات التي تدفع بزيادة قيمة الإيجارات سنوياً؟ ولماذا يمارس الملاك أساليب غير قانونية لطرد المستأجرين؟ ـ بداية أكد عثمان محمود أبو الشوارب مدير إدارة المنازعات الإيجارية ازدياد عدد الدعاوى الإيجارية خلال العام الحالي مشيراً إلى أن عددها الذي وصل إلى للجنة بلغ 2480 دعوى إيجارية، وتم الفصل في 2300دعوى مؤكداً بأن 90% من الدعاوى كانت لصالح المستأجرين، وقد تم رفض زيادة قيمة الإيجار من قبل اللجنة، وإلزام الملاك بتجديد عقود الإيجار. وأقر أبو الشوارب بان هنالك أساليب وممارسات غير قانونية وغير إنسانية يقوم بها أصحاب العقارات بغرض زيادة قيمة الإيجار، أو طرد المستأجرين مشيراً إلى أن اللجنة مؤخراً قضت بتغريم صاحب أحد الأبراج السكنية في منطقة النعيمية 220 ألف درهم لقيامه بفصل التكييف عن 40 شقة سكنية خلال فصل الصيف!!

بحجة رفضه تجديد عقود الإيجار على الرغم من أن جميع المستأجرين ملتزمون بدفع قيمة الإيجار، كما أن العقد قد مضي عليه عام واحد، وأفاد أبو الشوارب بأنه لا يجوز زيادة قيمة الإيجار إلا بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ العقد، وأن لا تتجاوز الزيادة 20% من قيمة الإيجار.

وذكر مدير إدارة المنازعات الإيجارية بأن المرسوم الأميري رقم (6) لسنة 2005م والذي أصدره سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي ولي العهد رئيس المجلس التنفيذي بشأن تنظيم إيجار العقارات في الإمارة جاء من أجل حماية الناس وحفاظاً لحقوق طرفي العلاقة الإيجارية.

وطالب أبو الشوارب المستأجرين بعدم الاستجابة لأصحاب العقارات في رفع قيمة الإيجارات دون مبرر، مؤكداً بأن غالبية البنايات المستأجرة قديمة وليس من حق المالك المطالبة بقيمة الإيجار على حسب واقع السوق العقاري الراهن، والمطالبة بأرقام فلكية ترهق أصحاب الدخل المحدود لأن هذا الأمر يلقي بظلاله السلبية على المجتمع.

ويرى أبو الشوارب أن الأسباب التي رفعت قيمة الإيجارات في الإمارة في السنوات الأخيرة هي غياب المعروض في سوق العقارات، إضافة إلى زيادة السكان والمشاريع التنموية، والطلب المتنامي من قبل المستثمرين لإصدار رخص تجارية مختلفة، إضافة إلى طمع الملاك لجني مزيد من الأرباح المضاعفة من دون مراعاة القانون، مؤكداً بأن اللجنة تتلقى يومياً 40 شكوى إيجارية.

وذكر أبو الشوارب بأن زيادة الدعاوى الأيجارية نتيجة وعى المستأجرين والمطالبة بحقوقهم التي أقرها قانون الإيجارات في حالة التزامهم بدفع قيمة الإيجار لصاحب العقار بصورة منتظمة.

وحول إيجار المثل الذي يطالب به ملاك العقارات أفاد أبو الشوارب بأنه ليس من حق المالك المطالبة بإيجار المثل، مؤكداً بأن هذا الأمر لا يتم ألا بعد تقييم اللجنة الفنية وكتابة تقرير يفيد بأن المالك أجرى صيانة جوهرية للبناية تتطلب رفع قيمة الإيجار، كما أنه لا يجوز للمالك المطالبة بالزيادة قبل إخطار المستأجر قبل 3 أشهر من نهاية عقد الإيجار.

وعن الحالات التي تستوجب إخلاء المستأجر للعقار أوضح بأن للمالك الحق في طلب الإخلاء في حالة عدم التزام المستأجر بسداد قيمة الإيجار في فترة تجاوزت 21 يوماً، وفي حالة هدم المبنى بعد إصدار تصريح من دائرة البلدية والتخطيط أو إجراء صيانة تستوجب خروج المستأجر.

وشدد أبو الشوارب على ضرورة التزام المستأجر بدفع قيمة الإيجار، وفي حالة تهرب المالك من استلام القيمة بعد انتهاء عقد الإيجار، على المستأجر أن يودعها في مقر إدارة لجنة المنازعات الإيجارية، وذلك حفاظاً على حقوقه. كما أشار إلى ضرورة عدم رضوخ المستأجرين للتوقيع على عقد الإيجار وفيه بنودا تشير إلى الإخلاء في وقت محدد أو بنودا خاصة وغير محددة.

مغالاة الملاك في رفع الإيجارات

وفي الإطار نفسه أكد صالح الحجاجي سيف ـ مستأجر شقة من غرفة وصالة بقيمة 27 ألف درهم منذ عام، وفوجئ ببيع البناية لمالك جديد، والذي طالب برفع قيمة الإيجار إلى 47 ألف درهم، أي بزيادة 20 ألف درهم، وذكر بأنه موظف من ذوي الدخل المحدود لا يستطيع دفع هذه القيمة، كما أن البناية لم تشهد أي أعمال صيانة تستوجب رفع قيمة الإيجار، لذلك لجأ إلى إدارة المنازعات الإيجارية.

ومن جانبه أعرب مجبل سلطان الجبوري صاحب مكتب إيجار سيارات في منطقة السوان عن عميق أسفه لرفض صاحب العقار تجديد عقد الإيجار الخاص بالمكتب ومطالبته بالإخلاء، مشيراً بأنه يستأجر المكتب منذ سنوات، وكان بأحد عشر ألف درهم فوصل 25 ألف درهم!!

وأكد الجبوري أنه يعيش معاناة لعدم تصديق العقد من قبل البلدية لأن المالك يرفض التوقيع، موضحاً بأنه لا يستطيع تسجيل المركبات التي بحوزته مما يسبب له خسارة في أعماله، وطالب إدارة المنازعات الإيجارية بسرعة البت في طلبه وإلزام المالك بتجديد العقد حسب ما ينص عليه قانون الإيجارات.

وفي السياق ذاته طالب محمد طلحة (صاحب مصنع) لجنة المنازعات الإيجارية بإلزام مالك المنشأة بتجديد العقد، مؤكداً بأن المالك يتهرب منذ خمسة أشهر من استلام قيمة الإيجار، ويرفض الشيكات ويطالبهم بالإخلاء، مؤكداً أنه لا يستطيع الإخلاء في الوقت الراهن، كما أنه لا يوجد مكان ينقل إليه نشاطه، وأن توقف نشاط المصنع يكبده خسائر مادية كبيرة.

وأكد طلحة على أهمية إلزام أصحاب العقارات بقيمة الإيجار المتفق عليه حسب نص القانون لاسيما على المحلات التجارية والمصانع، مشيراً إلى أن هذا الأمر سوف يلقي بظلاله على الحركة الاقتصادية في الإمارة، ويؤدي إلى هروب المستثمرين إلى أماكن أخرى.

ومن جانب آخر طالب محمد ناصر جار الله صاحب فيلا بمنطقة الزهراء المستأجر بالإخلاء لعدم التزامه بالدفع منذ عام، مؤكداً أنه حصل على حكم من اللجنة بالإخلاء إلا أن المستأجر لم ينفذ الحكم، وذكر بأن الملاك يواجهون العديد من الخسائر بسبب عدم التزام المستأجرين بدفع قيمة الإيجار، وطالب بضرورة إعادة النظر في قانون الإيجارات مشيراً إلى أن أصحاب العقارات مطالبون بدفع أقساط شهرية للبنوك، تتأخر في حالة عدم دفع المستأجر قيمة الإيجار. كما طالب بضرورة الإسراع في تنفيذ أحكام الإخلاء لكي لا يتكبد المالك خسائر مالية تزداد يوماً بعد يوم.

ومن جانبه يرى علي الجناحي صاحب شركة الجناحي للعقارات بان ارتفاع الإيجارات سببه دخول السماسرة والوسطاء للعمل في مجال العقارات من دون الحصول على التراخيص والدراية الكافية، وبسبب الطفرة العمرانية التي تشهدها الإمارة زاد الطلب للسكن فيها من إمارات أخرى.

وأقر الجناحي بان بعض المكاتب العقارية ساهمت في تعميق جراح المستأجرين مشيراً إلى أن أصحاب المكاتب العقارية يقومون بدفع مبلغ معين لاستئجار بناية ومن ثم يضاعفون قيمة الإيجار طمعا بالربح السريع في فترة لا تتجاوز عاما واحدا.

وأفاد الجناحي بأن بعض الملاك يوكلون إدارة عقاراتهم لمكاتب عقارية وهذه تمارس أساليب غير قانونية لطرد المستأجرين. وأوضح بأن أسعار الإيجارات للغرفة وصالة وصلت إلى 40 ألف درهم، والغرفتين وصالة إلى 60 ألف درهم، وأفاد بأن أصحاب المكاتب العقارية يأخذون عمولة تصل نسبتها إلى 5% من قيمة الإيجار مؤكداً بأن الكثير من المكاتب تأخذ هذه العمولة سنوياً، وأن هذا الأمر غير قانوني ويعتبر استغلالاً لظروف الناس وحاجتهم.

وفي الإطار نفسه يرى عبد العزيز الجسمي صاحب شركة عقارية بأن الوسطاء والسماسرة هم سبب رئيسي لتصاعد قيمة الإيجارات في الإمارة، كما أن عدم توصيل الكهرباء إلى العديد من الأبراج السكنية والتي أنجزت من عامين أدى إلى قلة المعروض في السوق، وطالب الهيئة الاتحادية لإيجاد حل، واقترح على المسؤولين في الهيئة مضاعفة رسوم توصيل الكهرباء إلى البنايات الجديدة لتوفير مبالغ مالية لإنشاء محطات جديدة تخدم الإمارة وحفاظاً على حقوق المستثمرين، مؤكداً بأن أصحاب العقارات الجديدة في حيرة من أمرهم لعدم معرفتهم بوقت توصيل الكهرباء.

أحكام تنفيذ الإخلاء

أكد المستشار داوود إبراهيم أبو الشوارب رئيس محكمة عجمان الابتدائية ازدياد الأحكام الخاصة بتنفيذ الإخلاء خلال العام الحالي مشيراً إلى أن عدد الأحكام بلغ 165 حكم إخلاء بينما شهد العام الماضي 36 حكما.

فالمحكمة تقوم فقط بتنفيذ الأحكام الصادرة من لجنة المنازعات الإيجارية باعتبارها الجهة المختصة بالنظر في الدعاوى الإيجارية، وأنه ليس من حق المالك طلب الإخلاء ألا بعد أن تحكم لجنة المنازعات في الدعوى.

وذكر رئيس محكمة عجمان الابتدائية بان بعض المستأجرين يتصورون أنهم بعقد الإيجار امتلكوا الشقة، وهذا المفهوم خطأ وغير قانوني مشيراً إلى ضرورة عدم تضرر صاحب العقار من قبل المستأجر. وأكد بأن قانون الإيجارات يحفظ حقوق طرفي العلاقة الإيجارية موضحاً بأن غالبية أحكام إخلاء المستأجرين صدرت لتأخر المستأجرين عن دفع قيمة الإيجار لفترات تجاوزت 6 أشهر.

مغالاة

دعاوى متزايدة في مكتب المنازعات الإيجارية

مع نهاية كل عام تتجدد معاناة المستأجرين في عجمان من مغالاة أصحاب العقارات وطلبهم المتكرر بزيادة قيمة الإيجار أو طرد المستأجرين، مما شكل هاجساً لجميع السكان. وتؤكد إدارة المنازعات الإيجارية بان هنالك زيادة كبيرة في الدعاوى الإيجارية التي وصلت إلى اللجنة خلال العشرة أشهر من العام الحالي وقد بلغت2480 دعوى مقابل 1804 دعاوى إيجارية للعام الماضي.

وأكدت اللجنة بأن كثير من الملاك يمارسون أساليب غير قانونية على المستأجرين وغير إنسانية مثل فصل التيار الكهربائي والتهرب من تجديد عقد الإيجار، كما أن 90% من القضايا الإيجارية التي فصلت كانت لصالح المستأجرين الذين طالبوا بتجديد عقود الإيجارات، ورفض زيادة قيمة الإيجار كما نص على هذا الأمر المرسوم الأميري رقم (6) لسنة 2005م بشأن تنظيم إيجار العقارات في الإمارة.

ويشهد مكتب إدارة المنازعات الإيجارية في عجمان ازدحاما متواصلا على مدار اليوم بسبب الخلافات التي استفحلت بين ملاك العقارات وأصحاب المكاتب العقارية مع المستأجرين، على الرغم أن الإمارة تشهد طفرة عمرانية متسارعة وزيادة سكانية انعكست ظلالها على واقع سوق العقارات حيث قفزت أسعار الإيجارات لأرقام فلكية، والأمر نفسه ألقى بظلاله على بعض الأنشطة الاقتصادية.

تحقيق: أسامة أحمد

Email