العراق والفراغ السياسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

في هذه المرحلة من تاريخ البشرية، وحدهم غير المتمرسين تاريخياً يذهلهم ما يعتقدون أنها التحولات الجديدة للشر.

لذا حين أقدمت روسيا على سلخ القرم عن أوكرانيا، لم يرتبك وزير خارجية أميركا جون كيري، الذي قال: «لا يجوز وأنت في القرن الحادي والعشرين أن تقدم على تصرف من طراز القرن التاسع عشر واحتلال دولة أخرى مستنداً إلى حجة ملفقة بالكامل».

لكن لو تأخر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن المسيرة، أين كان كيري سيحدد موقع «داعش» على مسار التاريخ الصاعد حتماً (كما يفكر حتماً التقدميون من أمثال كيري)؟

يلجأ «داعش» إلى عمليات التعذيب للتعبير عن التدين ويعتمد قطع الرؤوس للحث على التعاون.

هؤلاء هم بعض «الناس» الذين كان الرئيس الأميركي أوباما يقصدهم بإجابته حول ما إذا كان يعتقد بوجوب موافقة جميع الفصائل في الشرق الأوسط على سياسة «لا غالب ولا مغلوب». منذ حوالي 70 سنة وقعت الولايات المتحدة في إشكالية ذات طابع إنساني. ففي التاسع من أغسطس 1944، كتب أ.

ليون كوبوتزكي من المؤتمر اليهودي العالمي إلى مساعد وزير الحرب الأميركي جون ماكلوي ناقلاً رأي أحد المسؤولين التشيكيين الرسميين بقوله «سيكون تدمير غرف الغاز والمحارق في معسكر أوشفيتز عبر قصفها أمراً ذا وقعٍ محدد الآن ».

وفي الرابع عشر من الشهر عينه رفض ماكلوي طلبه مشيراً إلى أنه «يستدعي نقل آليات دعم جوية هائلة وضرورية لإنجاح عمليات قواتنا التي تخوض حالياً معارك حاسمة في مكان آخر من العالم »، مضيفاً أن عمليات القصف تلك « قد تثير ردوداً انتقامية على يد الألمان»، بمعنى أن قصف معسكر الإبادة قد يثير حفيظة أصحاب المحارق.

وفي العام 1988 وقع الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان تشريع تنفيذ الاتفاقية المعنية بالإبادة الجماعية، واتفق الأطراف المعنيون على «التعهد بتفادي ومعاقبة» نوع الجرائم الذي يتعهد «داعش» بارتكابه.

أما في ما يتعلق بمسألة الفراغ، فإن الولايات المتحدة قد خاضت أطول معاركها، خوفاً من أن تصبح أفغانستان دولةً عاجزةً أو متلكئة عن منع الإرهابيين من التصرف تحت غطاء من الحصانة على امتداد مساحة أساسية من العالم. وقد أوجدت سياسات الولايات المتحدة منذ اندلاع تلك الحرب فراغين من خلال تقسيم دولتين، هما العراق وليبيا.

Email