كلمة البيان

زايد منبع الخير

رئيس التحرير المسؤول

زايد منبع الخير

التاريخ:
ت + ت - الحجم الطبيعي

مع إطلالة هذا اليوم، التاسع عشر من رمضان، تشرق علينا قيم الراحل الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قيم أثمرت طيباً وكرماً وأخلاقاً إنسانية، إذ في يوم رحيله في أطهر الأيام والشهور صاغ شعب الإمارات وأبناؤه من بعده القيمة الأكبر التي حض عليها، قيمة الإنسانية والتواصل مع المحتاجين، وإغاثة كل ملهوف، والتخفيف عن كل شعب منكوب.

قيم باتت حاضرة طوال العام شعاراً وعنواناً، ولها يوم نؤكد فيه العزم على المضي على نهجه الإنساني ذاته، حين أصبح يوم التاسع عشر من رمضان أيضاً يوماً للعمل الإنساني، وما قبله وما بعده تطبيق فعلي للشعار والمضمون.

روح زايد التي لا تغيب متجلية بيننا بكل هذه المؤسسات الخيرية والمبادرات المحلية والعربية والدولية، حين تمتد الروح الخيرة، روح أبناء الإمارات، روح واحدة متوحدة، إلى كل مكان وموقع في هذا العالم، فما من بيت أو بلد، إلا وللإمارات بصمة إنسانية فيه، عمل مخطط، ومبادرات مدروسة، ومال مسخّر وإمكانات كبيرة، حتى باتت السمة الإنسانية بادية في كل أفعالنا، سمة ورثناها عن الآباء والأجداد، وصقلتها القيادة العظيمة عملاً مؤسسياً، غايته الإنسان أولاً وحقه في حياة كريمة.

تثبت الوقائع ومبادرات الخير، التي تطلقها الإمارات على مدار العام وأنشأت من أجل تنفيذها مؤسسات رسمية ومجتمعية تعمل في العالم، مدى الجدية والالتزام اللذين تتعامل فيهما الدولة مع المسؤوليات الإنسانية في أي مكان في العالم، وتبنيها استراتيجية وطنية لخدمة الشعوب المحتاجة ومساعدتها على تحقيق أهدافها الإنمائية، ومساعدة الدول الفقيرة، وحل الكثير من المشكلات التي تعانيها، ولاسيما في مجالات التعليم والصحة والبطالة. وليس أدل على ذلك من رفعها لقيمة المساعدات الإنسانية إلى 1.17 % من دخلها القومي، لتحافظ على صدارتها في المركز الأول عالمياً في العمل الإنساني، فهي مبادرات إنسانية ذات أثر تنموي دائم فوق الأثر الإغاثي الفوري في بعض الحالات.

زايد الخير وقيمه الإنسانية الراقية التي ورثها الأبناء وكل شعب الإمارات، بل تأثر بها كل مقيم هنا، منبع للخير ورثنا عنه العطاء، كما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لأن قائداً بقامة زايد لا يمكن إلا أن تكون إنجازات دولته منسجمة مع ما زرعه من حب لفعل الخير بين أبناء شعبه، فكانوا للشقيق سنداً وللصديق عوناً وللملهوف نجدة، بلا تمييز أو مجاملة، بل عمل إنساني أصيل في أسمى معانيه وفعل عطاء يعني في الإمارات السعادة، عمل إنساني لا تسييس فيه، ولا غاية سوى رضا الله.

لا يحتاج زايد إلى شهادة أحد، فسيرته تشكلت بالخير والعطاء، للأفراد والشعوب والدول، ويكفيه تفرده من بين القادة بحب شعوب العالم له، فقد استطاع بالإحسان كسب قلوبهم، لأن نهجه ونواياه ترسيخ أسس السلام والتعايش والمحبة بين البشر، وهو النهج ذاته الذي تسير عليه الإمارات اليوم بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو ما من شأنه أن يوجه رسالة واضحة للعالم بأن الإمارات دولة محبة وسلام، وهي رسالة وصلت إلى العالم كله وجعلت صورة الإمارات وضاءة في قلوب ملايين البشر وعقولهم.

يوم زايد للعمل الإنساني محطة سنوية نتوقف فيها لاستذكار سيرة المؤسس الإنسانية وترسيخ قيم الخير والبذل والعطاء في نفوس الأجيال الجديدة، والتخطيط لسنة كاملة مقبلة من العمل الإنساني، ترسيخاً لوضع دولة الإمارات كعاصمة عالمية لفعل الخير، ومحطة دولية رئيسة لإغاثة الملهوف والمحتاج وتعميق البعد الإنساني في سياسة الإمارات الخارجية وترسيخ صورتها العالمية عنواناً للعطاء الإنساني وركناً رئيساً في منظومة العمل الإنساني الدولي.

ومثلما كان زايد استثنائياً في فعل الخير، تطابقاً مع فطرته في البذل، فقد كان أيضاً قائداً استثنائياً في بناء الاتحاد الذي جعل هذه البلاد واحة للمحبة والسعادة، ففاض خيرها وعم على الجميع وتدفق من قلب هذا الوطن وامتد إلى أصقاع العالم، فكان نعمة لشعبها وشعوب العالم، فصار مثل الشجرة المباركة دائمة البركة تقطف منها أجيال اليوم والغد.

زايد، رحمه الله، قامة مباركة، تسري أنوارها وتتبدى علينا، مثلما هو الإحساس ذاته عند شعوب العالم، فنترحم عليه جميعاً، راضياً مرضياً، بما قدمت يمينه، في حضوره وغيابه.

Email