حتى ينجو اليمن

ت + ت - الحجم الطبيعي

دعوة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، للحوثيين، بالاستجابة إلى قرارات الشرعية الدولية، دعوة مثيرة للتساؤلات، وتحفل بنقاط الضعف والالتباس والشك.

إذ يوجه الرئيس اليمني السابق هكذا دعوة إلى حلفاء، قاد معهم عملية تدمير بلادهم، وتشظية بنيته الداخلية على أساس طائفي وسياسي وعسكري، ويتجاوز في الوقت ذاته مسؤوليته الشخصية كونه رئيساً سابقاً، عما تعرض له اليمن، فإن من حقنا أن نسأل لحظتها إذا ما كانت هكذا دعوة في الأساس، تجعل النظام السابق بريئاً من كلفة الخراب، الذي استمطره طمعاً في السلطة، وتلبية لشهوة عواصم إقليمية تريد أن تتمدد في المنطقة؟!

ثم إن صالحاً الذي طالما حارب الحوثيين، ثم عاد وتحالف معهم، ويعود إلينا اليوم، بترسيم جديد لشخصيته السياسية، حين يحاول أن يظهر بصورة الذي يلتزم بالشرعية الدولية، يسقط في فخ التناقضات، لأنه هنا أيضاً، يتجاوز الشرعية، التي مازالت تحظى بالاعتراف الدولي، وهي شرعية الرئيس هادي، ولعلها صورة مؤلمة هنا، أن يسعى صالح لحرق بلاده وذر رمادها في شرق المتوسط، انتقاماً لخروجه من السلطة من دون أن يراعي أحوال اليمن، وحالة الشعب الذي يعيش مأساة يومية على صعيد اقتصاده وأمنه وتعليمه.

إن تحويل اليمن إلى خاصرة مؤلمة للعرب، كرمي خواطر معسكرات أخرى، أمر لا يمكن أن يتم غفرانه سياسياً أوشعبياً، ولعل المفارقة هنا، أن دعوة صالح للحوثيين بالانصياع للشرعية الدولية، قوبلت برفض ذات الحوثيين، ونسأل على الفور بصوت مرتفع، هل كل هذه الدعوات والنداءات مجرد لعبة على المسرح، وقاسم للأدوار، بغية خلط الأوراق.

إننا نعتقد وبشكل جازم أن الصراع على السلطة، مهلكة لأي شعب، حين يتحول الناس إلى مجرد حطب في موقد هذه الصراعات، وهي دعوة نوجهها هنا، إلى كل الفرقاء اليمنيين بأن يراعوا حياة شعبهم المبتلى، وأن يتخلوا عن حساباتهم الضيقة والصغيرة، خصوصاً، حين تصير تلك الحسابات سبباً في مزيد من الثأر والانتقام والخراب والجوع والجهل.

وحتى ينجو اليمن، لا بد من إعادة صياغة كل معادلاته التاريخية، ولن يرحم التاريخ، كل أولئك الذين يقامرون بوطن، من أجل كراسيهم، أو من أجل زيادة نفوذ مشغليهم.

Email