ليبيا وبر الأمان

ت + ت - الحجم الطبيعي

لاتزال الفوضى الأمنية تجتاح المشهد الليبي وتتحكم في كل مفرداته وتفاصيله، وهو ما حول هذا البلد إلى ثكنة عسكرية معزولة عن محيطها العربي والدولي، بعدما سيطرت سياسة التعصّب والعنف على كل مساعي الحوار، رغم أن الثورة الليبية جعلت الديمقراطية في متناول اليد.

لكن لغة السلاح بددت هذا الأمل وخلقت محله الفوضى غير الخلاقة، وتحولت ليبيا إلى إقطاعيات لجماعات إرهابية من كل حدب وصوب، تسعى جاهدة لنشر الفوضى لخدمة أطراف خارجية، حيث لم يترك دولة بمؤسساتها ولا دستوراً ولا قوانين تعيد الأمن للبلاد، واستعملت كما هائلاً من كل أنواع الأسلحة والذخيرة في ترهيب الشعب الليبي، لتتربع على عرش من الدمار والخراب.

ونتيجة للترابط العضوي بين الانفلات الأمني والعامل الخارجي المستمر، والذي يعتبر العنوان العريض للمشهد الليبي، فإن الأخير لايزال هو المتهم الوحيد بتسخين وتصعيد الانفلات الأمني الكبير، من خلال الوضع المهلهل والمفكك الذي خلقته فوضى السلاح المنتشر بشكل واسع في أيدي الليبيين خصوصاً، والمجموعات المسلحة عموماً.

وسط هذه التطورات تحتاج ليبيا إلى جهود حثيثة ومتواصلة حتى تصل إلى شاطئ الأمان، وإلا فسيكون الثمن باهظاً وسيتحمل تبعاته المواطن الليبي. على الليبيين أن يجددوا العزم ويوحدوا جهودهم ولا يقفوا مكتوفي الأيدي حيال أولئك الذين يلجؤون إلى العنف بغية فرض إرادتهم، ولا ينبغي أن تُسبغ الشرعية على الأمر الواقع المفروض بقوة السلاح.

لقد آن الأوان لإخراج ليبيا من هذا المستنقع المظلم، بالتخلي عن كل أشكال العنف الداخلي ووقف استعمال القوة والسلاح، وأن يقودوا عملية مشاركة شعبية تشرع في البناء والاستفادة من كل التجارب الناجحة على مستوى العالم..

والتي استطاعت اختصار الوقت وتحقيق عملية نهوض سريعة. فليبيا لا ينقصها المال لإعادة بناء ليبيا وإعمارها من جديد، لكن الجهد المطلوب يحتاج إلى الحكمة والتسامح لإخراج البلاد من أخطبوط الفوضى. وعلى الليبيين أن يتجنبوا سياسات الانتقام التي لم تجلب لهم سوى العنف والدمار، وأن يعتمدوا سياسات المصالحة ولمّ الشمل الكفيلة بالخروج بهم إلى بر الأمان.

Email