اسكتلندا.. دروس من الاستفتاء

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان يمكن لاتحاد دام 307 سنوات أن ينتهي خلال أربع وعشرين ساعة لو قالت أغلبية الاسكتلنديين الذين نظّموا للتو استفتاء تاريخياً على مصيرهم، إنها تفضّل الاستقلال عن بريطانيا، لينتهي صراع سياسي محتدم إلى حسم ربما يكرّس وحدة بريطانيا لجيل كامل، وبعدها يخلق الله ما لا تعلمون.

يقول تاريخ العلاقة بين المملكتين إنها كانت في حركة مد وجزْر دائمة، وإنها كانت قاطرات من الحرب والسلام. ومن مفارقات هذه العلاقة أن الحروب الطاحنة طيلة السنوات الأخيرة من القرن الثالث عشر، وكل سنوات القرن الرابع عشر، انتهت إلى استقلال إسكتلندا واعتراف إنجلترا به في العام 1328.

بينما أفضت عملية الاستفتاء السلمية الأخيرة إلى الوحدة ورفض الانفصال، بعد حملات جدل ونقاش أخذت بالاعتبار وتناولت موازنة الربح والخسارة، إضافة لاعتبارات الوجدان والتاريخ، وساهمت في بلورة أغلبية تفضّل الوحدة لتكن بهذه النتيجة قد منعت تفكّك سادس أكبر اقتصاد في العالم، ودولة عضو دائم في مجلس الأمن الدولي.

ثمّة درس متعدّد الأوجه وعميق الدلالة في هذا الحدث. فنتيجة الاستفتاء عكست حالة من الانسجام بين الجزء والكل، إذ إن وحدة بريطانيا تأتي متّسقة مع السياق الأوروبي المتّجه لمزيد من التكامل والوحدة.

درس آخر ظهر على لسان الوزير الأول الاسكتلندي أليكس سالموند المؤيد للاستقلال والذي أعلن قبوله بنتائج الاستفتاء وتعهّده العمل بشكل بناء مع الإدارة البريطانية في لندن.

الرجل قبل النتيجة بروح رياضية، وفضّل النظر إلى المسافة التي تم قطعها وعدم التوقّف عند ما لم يتحقّق، باعتبار أن محطّة ما في مسار التاريخ لا يمكن أن تكون نهاية المطاف.

إذا ما كان من درس عابر للحدود ليصل منطقتنا العربية، فإنه ينبئنا بأن أمتنا العربية الواحدة والأجدر بالوحدة تتصارع مع منطق التاريخ وتبدو أكثر إخلاصاً للفرقة والانقسام والتشرذم، وتسيل دماء باسم الشعوب من دون أن يستفتيها أحد.

Email