تكريس المصلحة الوطنية

ت + ت - الحجم الطبيعي

وضعت التوافقات السياسية الحكومة العراقية الجديدة على المحك، لتعوق تمرير خياراتها للوزارات الأمنية، وهو ما أسهم في تمديد الأزمة السياسية التي عطلت البلد أشهراً عديدة، وأسهمت بشكل كبير في توجيه الجهد الحكومي صوبها أكثر مما يوجه صوب مكافحة الإرهاب وتقديم خدمات للمواطنين.

الشراكة السياسية في العراق التي أفضت إلى حكومة توافقية، لا تعني تسييس الأحداث لصالح طرف على حساب الآخر، أو محاولة استثمارها لمصالح ضيقة، بعيدة عن مصلحة المواطن العراقي، الذي يتخبط في الفوضى الأمنية وعدم الاستقرار، في ظل الخلافات المحتدمة على الوزارات الأمنية، فيما يستغل تنظيم «داعش» الأجواء الساخنة للتمدد في العراق، والاستفادة من التراخي الأمني، لمواصلة جرائمه الوحشية في حق الأبرياء.

الوزارات السيادية هي المحرك الرئيس لاستقرار البلاد، ومن المؤمل أن يعتليهما معتدلان بعيدان عن الصراعات الداخلية، وبها سيكمل رئيس الحكومة العبادي وسائله المساعدة لضمان الاستقرار الأمني، الذي هو العمود الفقري السليم لاستقرار الأوضاع، فلا استقرار سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو ثقافياً، من دون الاستقرار الأمني، فهو بوابة حل جميع المشكلات والقضايا التي أصبحت حجر عثرة أمام تطور البلاد، وبناء الدولة المدنية على أسس حضارية.

أرض الرافدين رهينة دائماً لأزمات يفتعلها البعض، من أجل وضع العصي في عجلة التقدم، وتعطيل البرنامج الحكومي، والعلة الكبرى هو محاولة البعض تمديد الأزمة لفتح الطريق أمام التدخلات الأجنبية في العراق، هذا التربص يتطلب وحدة الصف والكلمة من أجل وحدة العراق، التي هي هدف للشعب العراقي، وعدم التفريط بها مهما تصاعدت الأجندات الخارجية، فالشعب العراقي لديه الثقة بقواه الوطنية المخلصة النابعة منه، التي أثبتت أنها أكثر قوة وتماسكاً في وجه الأجندات الخارجية، وقد حان الوقت للتنازل عن المصالح الشخصية الضيقة، وتحقيق المصلحة العليا للبلاد التي هي بأمس الحاجة إلى أبنائها الشرفاء في هذه الظرف العصيب، والقادرين على إنقاّذها من شبح التقسيم بتكريس نظام المؤسسات، والابتعاد عن الخلافات، التي جلبت للعراق التنظيمات الإرهابية.

Email