إصلاح الحال

ت + ت - الحجم الطبيعي

عاجلاً أم آجلاً، سيتفرغ العالم لإصلاح نظام الأمم المتحدة، ومنه على وجه الخصوص مجلس الأمن؛ فهذه قضية باتت ملحة منذ وقت، ولا يؤخر البدء فيها شيئاً، سوى أن واقعاً جديداً يتشكل في العالم، وتريد قوى ذات مصلحة أن ينعكس ميزان القوى الجديد في تلك الإصلاحات المنشودة.

وللأسف، فإن هذه القضية لا تلقى الاهتمام المطلوب في العالم العربي. بل إن «الكتلة» العربية، التي كانت تحفظ نوعاً من الأثر الوازن لمنطقتنا، لم تعد «كتلة» بالمعنى المتعارف عليه، بل خليطاً غير متفق، متعادٍ، وغير منسجم.

وكان الأمل، أن تؤهلنا هذه «الكتلة» لأخذ مكانة وحضور ما، مؤثر بدرجة معقولة. إلا أنه يبدو واضحاً، اليوم، أن قدرتنا على المشاركة الفاعلة في إصلاح المؤسسة الدولية باتت موضع شك، بينما من المؤكد أن قوى إقليمية محيطة ستسهم بفعالية في هذه العملية، ما يتيح لها موقعاً جيداً في التأثير على القرارات الأممية.

والمذهل فعلاً، أننا لا نكلف أنفسنا عناء الانشغال بالأفكار المتداولة حول تطوير وإصلاح المؤسسة الدولية، ولا مجالاتها، أو نطاق تأثيرها علينا.

وبموازاة ذلك، أسرفنا في استغلال مؤسسة الجامعة العربية على نحو متعسف، وبما يخلخل بنيانها، بدلاً من تطويره وتدعيمه؛ ما يشير فعلاً إلى أننا نواجه مشكلة في التكيف مع العمل الجماعي، وفي استثمار المؤسسات القائمة.

وفي الأصل، يجدر بنا اكتشاف الجدوى الواعدة للاستثمار السياسي والاقتصادي في منطقتنا، وفي التنمية فيها، لا سيما البشرية منها، لضمان استقرارها السياسي والاجتماعي، وتمكينها اقتصادياً، وتحويلها إلى كتلة قادرة على تحقيق حضور فاعل ومؤثر على المستوى الدولي.

وهذا ضروري، لأن السنوات الماضية أثبتت أن الدور الدولي الوازن لا يتحقق دون حجوم سياسية، وأثقال ديمغرافية، وأوزان اقتصادية تستند على عمليات تنموية متمددة جغرافياً وديمغرافياً؛ بل أن القوى العظمى نفسها، تستمد حجمها الدولي من النجاح في إدارة هذه المعادلة، قبل التعبير عنه بالقوة العسكرية، أو الهيمنة السياسية، أو الفوائض المالية.

إن نظرة شاملة للفضاء العربي، وممكنات استثماره، تقود بالضرورة إلى معادلة تبني التوازن الداخلي العادل لمنطقتنا، وتكسبها الحجم الدولي الذي تستحق، وتخلصها من النبت الشرير الذي يستشري فيها. بل ويمكننا من اصلاح حالنا؛ وسوى ذلك سنظل نتفاجأ كل صباح بأن الشمس أشرقت!

Email