مكية.. وداعاً

ت + ت - الحجم الطبيعي

بكثير من الحزن وغير قليل من الأسى قرأت، أخيراً، خبر رحيل المعماري العربي الكبير محمد مكية، عن عمر ناهز المئة عام وعام، تاركاً وراءه رصيداً هائلاً من الإنجازات في مجالات العمارة والفن والثقافة. نحن في دبي، مدينة البناء بامتياز، لا يمكن إلا أن نتأثر بعمق بالغ برحيل مكية، فقد تطلعت ومعي الكثيرون إلى استضافة دبي ورشة عمل شاملة عن العمارة العربية الحديثة، تضم فعالياتها تكريم كبار علماء العمارة العربية، وفي مقدمتهم مكية.

الرصيد الكبير من الإنجازات الذي تركه لنا مكية على امتداد العالم العربي، يبدأ ثم لا ينتهي، وأبرز ملامحه يمر بجامع الخلفاء، وجامعة الكوفة، ومسجد الدولة الجامع الكبير في الكويت،ومساجد اخرى.

في دبي، تقفز الذاكرة على الفور إلى ترميم مكية لبيت الشيخ سعيد آل مكتوم، وترحل طويلاً إلى بصماته المعمارية في جانب بر دبي المطل على الخور.

لكنني أريد أن أتوقف هنا عند الإبداع المعماري الذي تركه لنا مكية في مسجد الدولة الجامعة الكبير في الكويت، ومازلت أذكر أنني عندما مضيت إلى الكويت الشقيقة لأول مرة، حرصت بعد ساعات قليلة من وصولي إلى هناك على الانطلاق لزيارة هذا المسجد الفريد.

لعلي لا أبالغ إذا قلت إنني أعتقد أن هذا المسجد لن يبني مثله في عالمنا العربي، حيث أحسب أن ظاهرة مساجد الدول الصرحية العملاقة في طريقها إلى الانحسار في عالمنا العربي، وقد تتوقف كلية بعد مسجدي السلطان قابوس والجزائر،والذين يحبون إبداع مكية المعماري يتوقفون عند الكثير من المعالم في تصميم مسجد الدولة الجامع الكبير في الكويت، ولكن بصفة خاصة عند الانتقال المدهش من الأبعاد الصرحية للبناء إلى القياس البشري في جدار القبلة، وبصفة خاصة عند المحراب، نزولاً من السقف ووصولاً إلى طاقيته.

والكثير منهم يعرفون أن المشروع الزخرفي الذي أعده مكية للمسجد لم ينفذ، في نهاية المطاف، وقامت وزارة الأشغال الكويتية بتنفيذ مشروع زخرفي رأت أنه الأنسب للمسجد، اكتفى مكية في رسالة لوكيل الوزارة بالإعراب عن اعتقاده أن المشروع غير متعاطف مع البناء.

فانظر كم كان نبيلاً هذا المعماري الكبير الذي فقدناه.

Email