في ذكرى الثورة

ت + ت - الحجم الطبيعي

واكب الصواب القوى السياسية المصرية العديدة، التي حرصت على أن يكون الاحتفال بذكرى ثورة الثلاثين من يونيو بعيداً عن الأماكن العامة من ميادين وساحات وشوارع، وأن يتركز الاحتفال على كل ما يتعلق بتكريس الوعي بالدروس المرتبطة بالثورة، وترجمة هذا الوعي إلى عمل، إلى حركة، على أرض الواقع، لصالح الشعب وجماهيره الكادحة.

لعل أهم ما ينبغي الوعي به والتشديد عليه، في ذكرى الثورة هو أن القوى المتربصة بالثورة لاتزال في وضعية تشكل خطورة بالغة على الثورة، وعلى القوى التي شكلت الجبهة التي قامت بها. ولم يكن التربص بموكب المدعي العام المصري والحشد للعمليات الإرهابية في شمال سيناء إلا التجلي الأكثر وضوحاً لوضعية هذه القوى المتربصة بالثورة.

في هذا المجال، ليس من المبالغة أن نقول إن قوى الثورة المضادة لاتزال تتحين الفرص للانقضاض على الثورة أو عرقلة مسيرتها وتهديد جماهيرها، والتحذير من هذا كله ليس مبالغة، وإنما هو وضع للنقاط فوق الحروف.

ربما لهذا على وجه الدقة، ينبغي مجدداً العودة إلى التشديد على الحقيقة الأساسية، القائلة إن الأوضاع الاستثنائية تقتضي تحركاً استثنائياً، وبهذا المعنى فلا مكان في مسيرة المرحلة المقبلة للترهل، أو التخاذل، أو القبول بأنصاف الحلول.

لهذا، بالضبط، نستطيع أن نفهم غضب قطاعات عريضة من أبناء الشعب المصري من محاولات الترويج لمشروعات مصالحة مع جماعات وقوى لا موضع للشك في أن دم الشهداء لايزال يغطي أيديها، حتى وهي تزعم مدها للصلح المزعوم.

أخيراً، لعل أبرز ملامح عبقرية هذه الثورة هو أنها تستكمل مسيرتها الصعبة، وفي الوقت نفسه تبني لليوم والغد، مستدركة تداعيات نصف قرن لم يكن المرحلة الأفضل في تاريخ مصر الحديث.

Email