الشعوب وحرب الإرهاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

مسؤول أميركي يقول إن الحرب ضد الإرهاب في سوريا والعراق قد تستمر عشر سنوات. في حقيقة الأمر هذه رغبة وليست توقعاً، ذلك أن كل متابع للطريقة التي تتبعها الولايات المتحدة في تعاطيها مع هذه الجبهة في البلدين، لا يحتاج جهداً وتفكيراً ليكتشف أن الحرب المعلنة على الإرهاب مزعومة وليست جادة، ولا يتضح من الوسائل المتبعة وحجم النيران أن الهدف هو القضاء على الإرهاب لا من جذوره ولا من أغصانه.

إن سياسة الحفاظ على الذريعة ليست مبتكرة أو جديدة، إنما هي سياسة قديمة أبدعت بها الولايات المتحدة. القاعدة الأساس في السياسة الإمبريالية منذ نشأتها كقوة عظمى نافذة، أنه حيثما بقيت أطماع الاستعمار والتدخل ضرورية، فإن الذريعة يجب أن تبقى قائمة وموجودة، ولا بد أن يحرص جحا على مسماره. عندما تسقط الرمادي في العراق خلال ساعات بيد تنظيم داعش، يصبح السؤال منطقيا عن الوجود الأميركي في بر العراق وبحره وجوه.

فهناك قوات أميركية على الأرض وبوارج في البحر وطائرات بلا طيار أو بطيار في الجو 24 ساعة. وفي سوريا، يقطع التنظيم المسافات ويجتاح تدمر، أهم مدينة تاريخية تحوي تراث العالم، وينفذ إعدامات جماعية، كل ذلك والطائرات الأميركية عمياء لا ترى شيئا، في حين يتمكن المقاتلون الكرد من تحرير خمس عشرة مدينة في لواء الحسكة من دون أي تدخل أميركي.

الحرب الحقيقية على الإرهاب هي حرب الشعب موحداً بكل قواه السياسية وفئاته وطوائفه ومذاهبه.

التجربة أثبتت أن القادمين من خلف المحيطات لا يحملون معهم لشعوب المنطقة أي أمن أو سلام أو حرية. تجارب أفغانستان الأولى والثانية، والعراق أولى وثانية، وسوريا وليبيا والصومال ومالي، كلها أمثلة على فشل التدخل الخارجي في خدمة أية قضية عادلة. ينبغي على القوى الحية أن تدرك أن العوامل الذاتية هي المصدر الحقيقي والأصيل لمعالجة مشاكل الشعوب وتمهيد الطريق لإحداث التغييرات المنشودة وتحقيق التنمية. أما إذا استمرت المراهنة على الخارج والاستقواء به، فإن هذا الخارج لا يفكر إلا بالمصالح التي بالقطع تتناقض ومصالح الشعوب.

Email