الرهان الوهمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

في هذا الظرف الدقيق، يجرؤ البعض على المناورة بمواقف أسوأها الحياد إزاء المسألة اليمنية، والبعض الآخر تصل به المغامرة حد التشبث بأوهام الطائفية والتعاطف السري مع القوى الإقليمية ذات الطموحات الاستحواذية، بوصفها المهدي المنتظر الذي يملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً!.

ولكن الأغرب من ذلك كله أن أكثر من يضمرون تأييد إيران ضد أشقائهم ومنطقتهم وقوميتهم، هم ألدّ أعداء الدولة الدينية، وإيران هي الدولة الثيوقراطية الوحيدة في عالم الإسلامي اليوم!.

كيف؟ لا أدري.

ولكن أولئك متورطون في أحلام اليقظة، ويظنون أن الطريق إلى القدس تشقه إيران وحدها، وأن هذا الطريق لابد أن يمرّ عبر هزائم السيادة الوطنية للدول الخليجية وهويتها العقائدية.

والحقيقة أن إيران لم تخض ولن تخوض حرباً ضد إسرائيل يوماً، كما أنها لا تجابه «مباشرة» أية قوة، إقليمية كانت أو دولية، ويكفي شاهداً على قولنا تنازلاتها الجمة، في لوزان، أمام من ظلت تسميه الشيطان الأكبر نصير إسرائيل، كما تشهد حروب الوكالات التي تقدح زنادها في العراق تارة، حيث جعلت الشقيق ينتهك شقيقه لدواع طائفية واهية، وفي دمشق نسجت السيرة ذاتها، وحتى الكيان الاسرائيلي الغاصب فلا تحاربه إلا بالوكالة، حين تدفع بالدم العربي إلى التهلكة في جنوب لبنان نيابة عنها، لتقول إنها وحدها تقارع عدو المسلمين وتنافح عن ثالث الحرمين>

بينما في الواقع تدفع الارواح العربية كباش فداء سهلة، في غزة حين تحض وتمد «حماس» بالسلاح والمال من أجل دخول المحرقة والموت اختناقاً، وأخيراً استطاعت أن تستميل فئة من شعب اليمن الشقيق وتغويه بالأفكار المدمرة والدعم اللوجستي ليقوم بهدم كيان دولته بيده وليريق الدماء الطاهرة في أرض المهد العربي ثم يتوعد جيرانه الأشقاء، تحقيقا للطموحات الإمبريالية ذاتها، وانطلاقا من الفتنة الطائفية نفسها. ومع ذلك لا يستيقظ البعض ولا يتعظ.

أقصى ما تفعله إيران اليوم هو صنع حروبنا الداخلية والخارجية وتجنيدنا جميعا لمصلحة أجندتها الاستراتيجية.نحن أمة ظللنا متحدين، ولكن الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها.

 

Email