أوكرانيا بين أميركا وأوروبا

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يحدث في تاريخ العلاقات الغربية أن كان هناك اختلاف وتباين في الآراء والمواقف بين واشنطن والأوروبيين مثلما هو الآن بينهما بسبب الأزمة في أوكرانيا، حيث يبذل الأوروبيون كل جهدهم لتفادي تصعيد الأزمة واندلاع حرب تهدد أمن قارتهم، بينما الأميركان يدفعون الأمور كلها في اتجاه الحرب ولا يشاركون في أية مباحثات سلام، وفي نفس الوقت يمدون الجيش الأوكراني بالسلاح العادي ويعلنون عن نيتهم إمداده بالأسلحة الثقيلة، وفي الوقت الذي تطالب فيه معظم دول أوروبا بإلغاء العقوبات المفروضة على روسيا.

بما فيها الدول التي لم تكن على وفاق سياسي من قبل مع روسيا، مثل المجر وتشيكيا وسلوفاكيا، وحتى دول البلطيق استونيا ولاتفيا وليتوانيا اللاتي على خلافات حادة مع روسيا، حتى من قبل الأزمة الأوكرانية، كل هذه الدول مع دول أوروبا الكبيرة مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وغيرهم يرفضون العقوبات على روسيا، ويطالبون برفعها بعد أن باتت تعاني الشركات في هذه البلاد بسبب هذه العقوبات، بينما واشنطن مستمرة في التصعيد والتهديد بمزيد من العقوبات على روسيا.

التباين بين الموقفين الأميركي والأوروبي زادت حدته ووصل لدرجة الاتهامات للأوروبيين بالخضوع لروسيا، ومنذ أيام قليلة وجهت مجموعة أساتذة من جامعة كاليفورنيا في بيركلي عبر صحيفة «Welt» رسالة إلى الشعب الألماني، تتضمن تحذيراً من وجود ما أسموه «طابوراً خامساً لبوتين» في أوروبا، وتحدثوا في رسالتهم حول ازدياد تأثير سياسة موسكو على بلدان الاتحاد الأوروبي.

ويطالب الأساتذة الأميركيون في رسالتهم من قيادة ألمانيا، باعتبارها الدولة الأهم في أوروبا، توضيح أسباب الهرولة الألمانية وراء روسيا ورئيسها بوتين.

واشنطن غير راضية عن اتفاق «مينسك2» حول وقف القتال، وأساتذة جامعة كاليفورنيا يتهمون باريس وبرلين بالخضوع لبوتين، وأكثر من ذلك يدعون أن الأغنياء الروس اشتروا وسائل الإعلام الأوروبية، وأن شركة «غاز بروم» الروسية تمول شبكة من أنصار بوتين من السياسيين والمثقفين في أوروبا.

واشنطن التي صدمها اتفاق «مينسك2» لوقف القتال في أوكرانيا، تجد نفسها في ورطة كبيرة، حيث تستقطب سياسة موسكو في أوكرانيا الأوروبيين الذين يخشون على قارتهم من ويلات حرب لا ناقة لهم فيها ولا بعير، وتخشى واشنطن أن تؤدي الأزمة الأوكرانية إلى سحب البساط من تحتها في أوروبا، واتجاه الأوروبيين شرقا نحو روسيا التي يشعرون أنها الأقرب والأكثر فائدة لهم.

 

Email